يمر الإنسان بـ”مراحل الصدمة النفسية” بالتدريج؛ فهي لا تشمل فقط الحزن بسبب الحدث الصادم؛ لذا حرص المتخصصون في علم النفس على تقسيم الصدمة لعدة مراحل سنتعرف عليها معًا في هذا الموضوع، وكيف يمكن احتواء الموقف، أو الحدث دون التعرض لتأثير نفسي كبير؟
تعريف الصدمة النفسية
الصدمة النفسية هي عبارة عن: هزة، أو جرح نفسي، بسبب موقف، أو حادث معين تعرض له الإنسان جسديًا، أو نفسيًا، مثل: موت شخص عزيز، أو كارثة طبيعية، أو تنمر، وهناك الكثير من المواقف التي تؤدي إلى الصدمة، بحيث تعكس على الشخص حالة نفسية كالقلق، الحزن الشديد، التوتر، والاكتئاب.
مراحل الصدمة النفسية
لا تتشابه ردة الفعل نحو الصدمة النفسية بين الأشخاص، وهذا الاختلاف طبيعي بينهم، ولكن من يتعرض لصدمة نفسية لا بد من أن يمر بمراحلها، وهي كالتالي:
التأثر
بداية الصدمة النفسية تكون بالتأثر عند سماع الخبر، والتعرض للصدمة؛ فهذا الوقت قد يصرخ الشخص، أو يبكي، ويشعر بالقلق، والتوتر، ويصل بعض الأشخاص لمرحلة الاكتئاب نتيجة ذلك.
الإنكار
يصعب على الإنسان تقبل الصدمة النفسية؛ لذا بعض الناس ينكرون الموقف الذي تعرضوا له، مثلًا: عندما يخبرك الطبيب أنك تعاني من مرض مزمن، أو خطير، ففي هذه الحالة ستحاول إنكار هذه الصدمة، وتذهب لطبيب آخر؛ للتأكد، وعمل فحوصات أخرى.
المرحلة المتوسطة للصدمة
بعد مرور فترة على تلقي الصدمة، يجلس الشخص مع نفسه، ويحاول التفكير دون الحديث مع أي شخص، وقد يفقد الشهية، ويشعر بالحزن الشديد، ولا يتفاعل مع من حوله، بعد ذلك يبدأ إدراك الأمر بممارسة أنشطته اليومية وسط الشعور بالخوف.
مرحلة التعافي
يفكر الشخص في هذه المرحلة بالحلول لهذه الصدمة النفسية التي تعرض لها، حيث يحاول التعامل مع الخبر، مثل: الذهاب إلى مكان آخر، أو البحث عن مصدر رزق جديد، فهذه أمثلة على بعض الحلول لو كانت الصدمات متعلقة بالعمل بالرغم من تأثير أعراض الصدمة عليه.
التعافي على المدى الطويل
يتعامل الشخص في هذه المرحلة مع الصدمة على أنها روتين طبيعي يرافقه، بحيث لا تؤثر بشكلٍ سلبي، ولا تسبب له مشكلات نفسية؛ فهي عملية تعايش مع الصدمات، فهو بالطبع يبحث عن حلول، ولكن دون إظهار مشاعر: التوتر، القلق، والخوف.
أشكال الصدمات النفسية
تختلف الصدمات النفسية التي تواجه الإنسان في الحياة، كما تختلف ردات فعل كل صدمة بحسب الحالة النفسية والمكان، ومن أهم هذه الأشكال ما يلي:
- الاعتداء
- المرض النفسي، أو العضوي.
- وفاة إنسان قريب.
- الأعاصير، والعواصف.
- المضايقات الجنسية.
- الحروب.
أعراض الصدمة النفسية
خلال مراحل الصدمة النفسية يتعرض الإنسان لأعراض عديدة، ومختلفة؛ نتيجة: ردة الفعل، وقوة الحدث، حيث يتبع ذلك مشكلات نفسية، وعضوية أيضًا؛ فمن المهم استشارة الطبيب المختص حول هذه الأعراض، التي تتمثل في الآتي:
- تذكر المواقف المؤلمة التي تعرض لها الشخص.
- الجلوس بعيدًا عن الناس، والانعزال.
- عدم التركيز، وضعف التذكر.
- الشعور باللامبالاة العاطفية.
- الأرق، وعدم الرغبة في النوم.
- الندم عما حدث.
- عدم القدرة على القيام بالأنشطة.
- الأحلام المزعجة، والمتكررة.
- الشعور بالضعف، والخدر.
- التوتر، والغضب.
- نوبات الهلع.
- الاكتئاب.
- تسارع ضربات القلب.
طرق عملية للتعامل مع الصدمة النفسية
من الطبيعي أن تشعر بالقلق، والتوتر في مراحل الصدمة النفسية؛ فالجسم يحتاج لوقت من أجل العودة إلى الحالة الطبيعية؛ لذا يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات للتعامل مع الصدمة، وتجاوزها، وهي كالتالي:
الاعتراف بالموقف
يجب عليك الاعتراف أنك تمر بموقف صعب وسيئ، وما يحدث معك في هذه اللحظة طبيعي نتيجة الصدمة؛ فحاول تهدئة نفسك بتقبل الواقع وما حدث، وعليك القبول بفكرة تغيير حياتك خلال هذه الفترة، وأنك حتمًا ستتمكن من التعافي، والعودة من جديد.
تذكر أنك تسعى لإدارة الصدمة
أنت تفعل كل ما في وسعك؛ لتخطي هذه الأزمة، فلا تجعل لليأس والإحباط مجالًا أن يدخل نفسك، فقط استمر بالمحاولة أكثر من مرة مع ضرورة الإيمان بالله، وابتعد عن الأدوية النفسية، والكحول عند الصدمة، ولا تأخذ قرارًا دون دراسة، ومعرفة مُسبقة، وحاول التفكير في نتائج هذه القرارات.
مواجهة الموقف
لا تتردد في مواجهة نتائج الصدمة النفسية، ولكن دون الاصطدام مع الأشخاص، وتحدث مع إنسان قريب وموثوق عن الحالة التي تمر بها، وتشاور معه حول الحلول، وهل يمكنه بالفعل مساعدتك في حل هذه الأزمة؟
تقرب من الأعمال التي كنت تحبها
لا تهرب، وتبتعد عن الأنشطة والأعمال التي تحب فعلها في السابق، حيث يجب عليك السعي للرجوع إلى حياتك التي تعرفها وتحبها، مثال على ذلك: مارس التمارين الرياضية؛ فهي تزيد من ثقتك بنفسك، وتخفف متاعب القلق، والتوتر النفسي.
الاندماج مع الناس
من الجيد قضاء وقت ممتع مع الآخرين، والأشخاص المقربين منك، والقيام بالمشاركة معهم في الأنشطة والأعمال، والذهاب إلى رحلة ترفيهية، وسفاري، وتناول العشاء معهم، هذه الأمور تساعد على تخفيف حدة الصدمة.
الحذر واجب
قد يتعرض الإنسان الذي قد خرج من صدمة نفسية من بعض المواقف الصعبة؛ نتيجة التوتر، والاكتئاب؛ لذا عليك الحذر، وأنت تقود السيارة، وحتى في المنزل خلال التعامل مع الأهل.
التحدث مع عائلتك
من المهم إخبار عائلتك بالصدمة التي تمر بها، النقاش، الحديث معهم، الاستماع لنصائح الوالدين، والخروج إلى مكان هادئ، مثل: البحر، أو الحديقة، ويمكن أيضًا الاستماع للموسيقى، والتفكير مع الأسرة حول الحلول العملية التي يمكن تطبيقها للخروج من الأزمة.
علاج اضطرابات الصدمة النفسية
يساهم الطبيب النفسي في علاج اضطراب ما بعد الصدمة عبر الاعتماد على أكثر من أسلوب، وطريقة للعلاج، ومنها ما يلي:
العلاج السلوكي
يعقد الطبيب جلسات علاج نفسي مع المريض، ويتحدث معه حول ذكريات الصدمة، ويطلب منه التحدث عن إحساسه بالحدث، وذلك يساعد في تخفيف الأعراض، والسيطرة على المشاعر.
الدعم النفسي
تستطيع الحديث مع أشخاص لديهم نفس مشاعرك، وقد تعرضوا لذات الحدث، والأعراض المصاحبة، فمن خلال ذلك ستشعر أن المشكلات النفسية التي تمر بها ليست حصرية لك، بل يعاني منها الكثير من الأشخاص.
الأدوية
هناك العديد من الأدوية التي يصفها الطبيب؛ لتخفيف التوتر، والاكتئاب خلال مراحل الصدمة النفسية؛ فهي تساهم في الشعور بالراحة، مثل: مضادات الاكتئاب، وغيرها من العقاقير.
كيفية التعامل مع الصدمة النفسية عند الأطفال؟
للأهل دور كبير في تقديم الرعاية النفسية عند تعرض الطفل لصدمة نفسية نتيجة حدث ما؛ لذا يجب اتباع الخطوات التالية:
- تعزيز إحساس الطفل بالأمان، الحماية، والاهتمام به، وبمشاعره.
- التحدث مع الطفل؛ للتعبير عما يشعر به من مشاعر وأحاسيس، ودفعه للتعبير عن الموقف الصادم الذي حدث معه.
- توفير مساحة للطفل للعب، والرسم، فمن خلالها يعبر عما يشعر به.
- إعادة الحياة الطبيعية، والروتين اليومي للطفل بشكل تدريجي.
- إفساح المجال للطفل؛ للتعبير عن حزنه بفقدان صديق، أو حيوان أليف.
- يحتاج الطفل للاهتمام كلما كان عمره أصغر، بالأخص في الليل.
- يوجد اختلاف بين الطفل والآخر في الحديث والتعبير عما يشعر به، فهناك طفل منطوٍ على نفسه، أو آخر شديد الحزن، وكثير البكاء؛ فمن المهم عدم التدخل بطريقة تعبيره، ومشاعره.
- في حال كانت صدمة الطفل نتيجة حدث أمني، يجب عدم إظهار الطفل عبر المحطات الإعلامية، ومن الأفضل مراقبة التلفاز، والهاتف من أجل: منعه من مشاهدة الأخبار، والأحداث عبر هذه الوسائل.
في نهاية موضوعنا عن مراحل الصدمة النفسية، ننبه لك بأهمية استشارة الطبيب في حال كانت أعراض الصدمة قوية، تؤثر على روتينك اليومي، وعلى تعاملك مع عائلتك؛ فالحديث مع المختص قد يفيدك في تخطي هذه المراحل الصعبة.