قصة شجرة الدر من القصص المخلدة، حيث ذكر المؤرخون أنها كانت امرأة مختلفة عن باقي النساء، فلم تنشغل مثلهن باللباس والزينة وتجنب السياسة أو التدخل فيها وكذلك البعد عن الأحداث التاريخية، بل كانت على العكس من ذلك، كما أن البعض الآخر من المؤرخين أكد أن هناك الكثير من النساء العظيمات في التاريخ، ولكن حدث تضليل عام في الأحداث التاريخية لإخفائهن، والبعض الذي ظهر كان فقط قليلا للغاية، ومن ضمن هؤلاء النسوة شجرة الدر.
قصة شجرة الدر من البداية
كانت شجرة الدر جارية، وقد اقتيدت إلى قصر الخليفة المستنصر، والذي يعد آخر الخلفاء التابعين للدولة العباسية، وبطبيعة حال هذا الوقت كان الملوك يشترون الجواري وهذا ما حدث مع شجرة الدر، فقد اشتراها الخليفة المستنصر، بعد ذلك اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب والذي يعد هو أيضا آخر سلطان من سلاطين الدولة الأيوبية، ولكن شجرة الدر كانت ذات مكانة خاصة في قلب السلطان إلى أن تزوجها وأعلن ذلك في تاريخ 1248م.
أوصاف شجرة الدر
في الواقع تؤكد كل الأحداث التاريخية أن شجرة الدر كانت بيضاء البشرة ذات وجه حسن وشعر منسدل وناعم، وكذلك شخصية رائعة تجذب كل من يتحاور معها، ولكن ليس هناك أي تأكيد على أصلها حيث إن البعض قال إنها تركية أو أرمينية أو شركسية، ولكن هناك عددا كبيرا من المؤرخين أكدوا أنها قد تكون بدوية ولكن هذا ليس أكيدا.
النقطة الفارقة في حياة شجرة الدر
ظلت شجرة الدر تحت رعاية السلطان الصالح نجم الدين أيوب حتى توفي في عام 1248م، حيث توفي في الجيش عندما كانت هناك مواجهات ضد العدو الصليبي الفرنسي وكانت بقيادة لويس التاسع، والذي كان يسعى لاحتلال مصر، ووفاة السلطان والقائد في هذا الوقت قد تؤدي إلى تقهقر الجيش وتقلل من عزيمته في محاربة العدو وخسارة حكم مصر، لذلك كان يجب على شجرة الدر أن تتمسك بحكم مصر، وتنصب نفسها سلطانة مصر.
شخصية شجرة الدر في حكم مصر
أظهرت شجرة الدر حنكة شديدة الذكاء في إدارة الأمور السياسية وكذلك الأمور التي تخص العسكرية بعد وفاة زوجها السلطان نجم الدين أيوب، وذلك عن طريق أنها أخفت خبر وفاة زوجها حفاظا على سلامة الصفوف الخاصة بالجيش، وقد وقعت هي الأوراق والموافقات والتعليمات وكذلك المراسيم الخاصة بأمور الدولة وذلك من خلال ختم السلطان زوجها حيث كان موجودا معها، وبهذه الطريقة نجحت شجرة الدر في الحفاظ على الجيش وتحقيق النصر ضد هجمات القوات الفرنسية، وقد تم تنصيب شجرة الدر سلطانة وتم صك العملة بلقبها وهو “عصمة الدين” وظلت في حكم مصر لمدة 3 شهور أو 80 يوما فقط.
خدعة شجرة الدر للأيوبيين
بعد مرور كل ذلك الوقت وصل الخبر للسلطان المستنصر وغضب غضبا شديدا من تنصيب شجرة الدر لحكم مصر، وقد أصدر شيخ الإسلام العز بن عبدالسلام فتوى عامة بعدم جواز تنصيب المرأة في حكم المسلمين، بعد ذلك تنحت شجرة الدر عن الحكم وقد تزوجت بعد ذلك من عز الدين أيبك، وهنا بدأ المماليك في حكم مصر، ولكن الخدعة كانت تكمن في أنهم نصبوا أميرا أيوبيا صوريا ولكن الحقيقة أن السلطان عز الدين أيبك هو السلطان والحاكم الفعلي، والذي كان يأخذ كل توجهاته السياسية وغيرها من أمور تصاريف الدولة من شجرة الدر، التي أثبتت بأنها أفضل امرأة حكمت مصر.
انهيار شجرة الدر وانتقامها التاريخي
لم تكن شجرة الدر دائما على اتفاق مع زوجها السلطان عز الدين أيبك، حيث إنه لم يكن خير من يتخذ القرار، ولكنه كان دائما ما يأخذ مشورة شجرة الدر في أمور الدولة، ولكن نار الغيرة والغضب الشديد اشتعلت في قلب شجرة الدر بعد أن علمت أن السلطان عز الدين أيبك قد تزوج من امرأة أخرى وهي ابنة والي الموصل، وبعد ذلك دبرت له المكيدة العظيمة وقتل على يد بعض الخدم، وبعد ذلك انتشرت قصة كاذبة أن السلطان قد مات بعد أن وقع على الحصان.
النهاية المهينة لشجرة الدر
الأمور بعد ذلك لم تسر كما توقعت الملكة شجرة الدر، حيث إن المماليك قد وصل إليهم الحقيقة وعرفوا أن الملكة قد قتلت زوجها بسبب الغيرة فسجنوها، واختلفت الكثير من الأقوال حول سبب موت شجرة الدر وأقربها وأشهرها إلى يومنا هذا أن شجرة الدر قد ماتت بالقباقيب الخشبية على يد بعض الجواري، وذلك بأمر من زوجة أيبك الأولى حيث كانت تقتص منها.