من نحن

 “قل ودل” حيث كُل محتوى قيّم

خير الكلام ما “قل ودل”، إذن فالكلام في حد ذاته ليس غاية ولا هدفا، وإنما وسيلة دائما ما يجب أن يراد بها خير، وهنا في “قل ودل” إنما أردنا بهذا المصطلح أن نبين للناس ونظهر لهم أننا سنعتمد في أجندتنا وسياستنا على أسلوب “الإيجاز” فلا تطويل ممل ولا أيضا تقصير مخل، ستجد دائما لدينا في “قل ودل” ما يرضي رغبتك الشغوفة بالمعرفة، والمحبة للثقافة والمتطلعة للعلوم.

“قل ودل” هو موقع عربي ثقافي، بمثابة موسوعة عربية شاملة، فإذا كان يستهويك فن الطهي فأخبرك أنك في المكان الصحيح الآن، لأنك ستجد موضوعات كثيرة جدا متعلقة بهذا الموضوع. أما إذا أردت أن تأخذ جولة حول العالم  لتتعرف من خلال مقالات مختلفة عن أحوال البلاد والعباد فـموقع “قل ودل” هو الحل بكل تأكيد.

“قل ودل” مهتم جدا بموضوعات العناية بالذات، ومقالات المال والأعمال ، فستجد سؤالا وجوابا لكل موضوع عربي يهتم به الجمهور العربي، سواء كانت موضوعات تقنية، تغذية، تعليم، أو ما يخص الأسرة والزواج والحب، بمعنى أصح “قل ودل” هو الطريق الصحيح للمثقف العربي.

“قل ودل”.. الرؤية

تتمحور رؤيتنا في موقع “قل ودل” في فكرة إثراء المحتوى العربي والارتقاء به، من حيث الاهتمام بثلاثة عناصر رئيسية:

المضمون: حيث يجب أن يرتقي مضمون المحتوى العربي ويبتعد عن القشور والأفكار السطحية، فلابد وأن نعتمد على موضوعات وأفكار قوية تستطيع أن تنافس وبقوة المحتوى الأجنبي.

الشكل وطريقة العرض: وهو البحث عن قوالب وأشكل وطرق مختلفة وجديدة لعرض المحتوى العربي.

أما المحور الثالث الذي يلخص رؤية “قل ودل” فهو الارتقاء بالأسلوب وصياغة الموضوعات، فلا يجب أبدا أن ننساق وراء هؤلاء الداعين لترك اللغة العربية، على العكس تماما يجب أن نتحد سويا لدعم لغتنا الجميلة، وندعو للارتقاء بأسلوبنا الكتابي، فهي روح الأمة.

“قل ودل”.. الرسالة

رسالتنا دائما وأبدا موجهة للشباب لأنه هو الحاضر والمستقبل. تعتمد “قل ودل” على مبدأ “تمكين الشباب” وبداية التمكين هو تمكينه من التعبير عن نفسه.

ولذلك نحن في “قل ودل” نرحب دائما بالكُتّاب الشباب، فنفتح لهم الباب للتعبير عن أنفسهم وللكتابة كيفما أرادوا، فإثراء المحتوى العربي يتطلب مجهودا مضنيا من الجميع، فلنترك الباب للشباب إذن كي يساهموا في الارتقاء بالمحتوى العربي.

“قل ودل”.. الهدف

هل جربت أن تبحث عن موضوع تكنولوجي مثلا ولم تجد مقالا عربيا محترما عنه مكتوبا بشكل علمي ودقيق وبلغة مفهومة ومفسرة؟ في “قل ودل” انصب هدفنا على هذه الفكرة، هو توفير قدر كافٍ من الموضوعات والمقالات المختلفة التخصص بلغة عربية سلمية موجهه للعرب، بعيدا عن الفذلكة وقلة الاحترافية، في “قل ودل” نقدم لك محتوى عربيا محترما مكتوبا بشكل قوي.

ماذا نقدم لك؟

عجائب، نتناول في هذا القسم أغرب الموضوعات وأكثرها إثارة، لا نقصد بالإثارة هنا إثارة الغرائز لكننا نتحدث عن إثارة العقل والفكر، ستجد راحتك في هذا القسم إذا كنت تميل الى الموضوعات الغريبة والطريفة.

أما إذا كنت تبحث عن الثقافة والمعرفة ستجد أيضا ما تريده، فقد أنشانا قسما مفصلا يتناول أبرز الموضوعات والمقالات الثقافية، هناك أقسام مختلفة أيضا تقدم الكثير من الفوائد والنصائح والموضوعات الإبداعية والتكنولوجية، سواء موضوعات مكتوبة (كالمقالات) أو حتى موضوعات “صور” وفيديوهات.

 يمكنك أن تعبر عن نفسك من خلال “قل ودل”

إذا كنت صاحب رؤية أو تمتلك موهبة الكتابة وتريد أن تعبر عن نفسك بشكل أكثر حرية، “قل ودل” تترك لك الفرصة كاملة، طالما تلتزم موضوعاتك بمعايير الموقع، أي أنها لا تحتوى على محتوى فاحش أو بذيء ولم تتناول الأديان أو الأعراف أو المقدسات بسوء وطالما أنها تحترم الرأي الآخر ولا تقوم بالهجوم على أشخاص ولا مؤسسات. إذن فأنت مرحب بك ككاتب في “قل ودل” لإثراء المحتوى العربي بموضوعات أكثر أهمية وفائدة للمواطن العربي وللبلاد العربية كلها. يمكنك مراسلتنا على البريد الإلكتروني [email protected].

سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام

هي سياسة يتعهد بها موقع “قل ودل” وأن يلتزم بها بشكل واضح وصريح وصارم، ويدعو جميع من يزور الموقع أن يقرأها بتمعن وبتروٍّ حتى يحفظ الجميع حقه:

  • نتعهد أن يظل المحتوى المعروض على الموقع صادقا وأن نتحرى الأمانة فيما نكتب، أن نتجب استخدام الإساءة أو التهديد أو الذم، أو القدح أو القذف أو نتعدى على حرية الآخرين بأي شكل من الأشكال، ألا ينطوى محتوى الموقع على فاحشة أو إساءة للدين أو الأخلاق أو الأعراف المجتمعية، أو أن يكون من شأنها أن تشجع على ارتكاب جريمة أو تنطوي على جرم أو أي أفعال يترتب عليها مسئولية جنائية أو مدنية أو أي مخالفة قانونية بأي صورة من الصور.

  • يحظر على أي شخص إعادة نشر أو طبع أو توزيع (بأي شكل سواء ورقي أو إلكتروني) لمحتوى موقع “قل ودل” من غير الرجوع إلى القائمين على الموقع، ويعتبر ذلك سرقة لحقوق الملكية الفكرية, فحقوق الملكية الفكرية لكل الموضوعات المطروحة على الموقع هي ملك حصري لموقع “قل ودل” دون غيره.

  • الموقع يستخدم ملفات الكوكيز لإظهار إعلانات بما يتناسب مع اهتمامات مستخدميه ومن أجل تجربة استخدام مريحة.
  • يحق لـ “قل ودل” تغيير سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام في أي وقت دون سابق إنذار ودون الرجوع لأحد، لذا يجب عليك أنت كـ “مستخدم” أن تراجع “سياسية الخصوصية” الخاصة بنا من وقت لآخر حتى تتعرف إذا كان هناك تحديث.

‫4 تعليقات

  1. التعليم والمدارس في الفيّوم
    في القرن التاسع عشر (1800ــ 1900)
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    د. أيمن عبد العظيم رُحيِّم
    كاتب وناقد أدبي
    جبرتي الفيوم

    تمهيد: مصر والتعليم و الواقع السياسي في القرن التاسع عشر(1800ــ 1900)

    يعد القرن التاسع عشر عصر التحولات السياسية والفكرية في المجتمع المصري، فيه اصطدمت مصر الولاية العثمانية المنعزلة بواقع الحرب الحديثة في أوربا عن طريق هجوم الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، وطوال ثلاث سنوات مكثت فيها الحملة في مصر(1798ــ 1801) كانت الآثار الفكرية والثقافية للاتصال الحضاري بأوربا أكثر من أن يحصيها هذا المقال أو غيره من المقالات، إلا أن نتائج هذا الصدام الحضاري ظهرت فيما بعد هذه الفترة من ظهور الشخصية الوطنية المصرية عقب تولي محمد علي باشا حكم مصر في الفترة من (1805ــ 1848) ثم تحُول مصر من ولاية عثمانية تابعة للسلطنة إلى خديوية عثمانية تتمتع بامتيازات ذاتية توارثتها أسرة محمد علي باشا حتى عزلها عن حكم مصر سنة 1952م
    كان محمد علي باشا الذي قضى شطرًا طويلًا من القرن التاسع عشر في حكم مصر ينطلق في رؤيته من قناعة بأنَّ التعليم وسيلة حتمية لتحديث المجتمع المصري، وأنه ناقلٌ سريعٌ للحاق بالتقدم الأوربي، وعلى النهج نفسهِ سارَ خلفاؤُه من أسرتِه ممَّن حكموا مصر في القرن التاسع عشر، أولهم ابنه وولي عهده إبراهيم باشا، ثم الخديوي عباس حلمي الأول، ثم الخديوي سعيد باشا، ثم الخديوي إسماعيل، ثم ابنه الخديوي توفيق، ثم الخديوي عباس حلمي الثاني، وكان التعليم حينئذٍ مثل غيره من الظواهر الثقافية والاجتماعية يضطرب صعودًا وهبوطًا حسبما يتوافر له من الظروف الاقتصادية والأمنية والإدارية.
    ولم تكن محافظة الفيوم ــ الريفية ــ الواقعة جنوب غرب القاهرة بنحو مائة كيلو متر إلا نموذجًا صادقًا في التعبير عن واقع المجتمع المصري في هذه الفترة، فكيف كان التعليمُ في محافظة الفيوم في القرن التاسع عشر(1800ــ 1900)؟ وكيف كانت المدارس وقتئذٍ؟ وما حال الطلاب والمناهج الدراسية في تلك الفترة؟ ذلك ما تسعى هذه الدراسة إلى اكتشافه.
    التعليم في الفيوم نهايات القرن الثامن عشر:
    عرفت الفيوم في نهايات العصر العثماني ــ أواخر القرن الثامن عشر ــ قبيل الحملة الفرنسية نوعًا التعليم الديني، يتمثل في مدارس دينية تشرف عليها الحكومة، كان بها شيوخ دائمون من الفيوم يستقرون فيها، وأحيانًا يفد إليها شيوخ من الجامع الأزهر في القاهرة للتدريس في هذه المدارس المحلية بالفيوم، و” عرف بعض المعلمين المشهورين من الفيوم، مثل الشيخ عبد الله بن خزام الفيومي المتوفى 1781م ــ 1195 هجرية، وكان قد ولد في الفيوم وتعلم فيها على يد الشيخ سلام الفيومي، ثم اصبح بعد ذلك أحد شيوخ الأزهر الشريف في القاهرة( )
    وبينما كان الجامع الأزهر قلعة العلم ومنارة التعليم في العالم العربي والإسلامي فقد امتاز طلاب الفيوم بامتياز خاص، حيثُ كان لهم رواق خاص يحمل اسمهم بين أروقة الجامع الأزهر، يُدعى (رواق الفيمة)؛ لأنه يقيم به أهل الفيوم، ويقع بين رواق البحاروة ورواق الشنوانية في الزاوية الشرقية من الصحن ( )
    و كان أبرز العلماء الذين حضروا من الفيوم إلى القاهرة للتدريس بالجامع الأزهر الشيخ سليمان الفيومي المالكي الذي أصبح شيخًا لرواق الفيمة، وصفه الجبرتي في ترجمته بأنه العمدة النحرير والنبيل الشهير( ) وقد بنى له محمد بك المبدول دارًا في حارة عابدين، جاء سليمان الفيومي من الفيوم وعليه دارعة صوف وشملة صفراء، وكان يمشي خلف حمار الشيخ الصعيدي، وله صوت حسن مطرب يذهب إلى بيوت الأعيان في الليالي فينشد الإنشادات ويقرأ القرآن فيعجب الحاضرون به ويكرمونه زيادة على غيره، ثم اختلط ببعض الأعيان البرقوقية من ذرية السلطان برقوق، ثم ذاع أمره بحماية النساء أيام الحملة الفرنسية على مصر، وتوفي في 25 من ذي الحجة سنة 1224هـ( )
    التعليم والمدارس في الفيوم في القرن التاسع عشر (1800 ــ 1900)

    في مطلع القرن التاسع عشر اطَّلعت الفيومُ الريفية على مظاهر الحضارة الأوربية الحديثة بعد وصول قوات فرنسية يتزعمها الجنرال ديزيه إلى الفيوم بحثًا عن المماليك، وهناك دارت المقاومة الشرسة من الفيوميين القرويين ضد جنود الحملة الفرنسية في اللاهون وفي سرسنا والروضة ومطرطارس يتزعمهم شيوخهم من الأزهريين وأصحاب الكتاتيب، فكانت هذه المقاومة أول صدام حضاري بين الشرق والغرب يحدث في الفيوم.
    عصر محمد علي باشا (1805 ــ 1848)
    بدأ محمد علي باشا حكمه لمصر بتأسيس نهضة علمية حديثة على الطراز الأوربي، وسلك في ذلك منهجين، أولهما تأسيس مدارس عصرية، وثانيهما إرسال البعثات من طلاب الأزهر الممتازين، أو من طلاب المدارس الرسمية التي أنشأها حديثًا إلى بلاد أوربا، وبخاصة فرنسا و إنجلترا.

    أــ مكتب الفيوم 1816م:

    ¬¬¬¬¬¬ وكان أول سعي الحكومة المصرية إلى نشر التعليم في إقليم الفيوم أن افتتحت الحكومة مدرسة صغيرة(مكتب الفيوم) سنة 1816 وهو أول مدرسة حكومية في الفيوم في القرن التاسع عشر، التحق بها التلاميذ من إقليم الفيوم دون حاجة إلى عناء الذهاب إلى القاهرة( ) ليظهر في الفيوم منذ ذلك الوقت نوعان من التعليم أحدهما أزهري تقليدي يلتحق فيه الطلاب بالكتاتيب ثم يواصلون دراستهم بالأزهر الشريف، والثاني تعليم مدني عصري يلتحق فيه الطلاب بالمدارس المدنية، ثم يواصلون دراستهم بعد ذلك في المدارس العالية( الكليات)، ولكن هذه المدارس لم تكن متطورة بما يكفي لإحداث التغيير المطلوب في المجتمع المصري، كذلك لم يكن هناك ديوان (وزارة) تتولى إدارة هذه المدارس جميعها.
    أمَّا التاريخ الذي تكوَّن فيه هذا الديوان فليس معروفًا على النحو الدقيق، وإذا كان الزمانُ غيرَ معروفٍ على وجه الدقة، فإنَّ المكانَ الذي صدر منه قرارُ محمد علي بتأسيس ديوان المدارس معلوم على نحو دقيق، إذ يقول أحمد عزت عبد الكريم :” إن تاريخ إنشاء ديوان المدارس لم يحدد بالضبط سواء في كتاب أمين سامي أو في كتاب كلوت بك، والحقيقة أن محمد علي باشا وقتئذ كان متنقلًا بين الفيوم وبني سويف، تقول الأوراق أن محمد علي أمر بفصل المدارس عن ديوان الجهادية في 5 ذي القعدة من عام 1252هـ فاجتمع مجلس المدارس برئاسة مختار بك وعضوية نظار المدارس، وتلا عليهم مختار بك الأمر العالي بتفريق المدارس من ديوان الجهادية( )
    ألهم واقع الفيوم إذن محمد علي باشا فكرة تأسيس ديوان المدارس المصرية بوصفه أول وزارة مختصة بشئون المدارس والتعليم في مصر، أو يمكن القول أنه من الفيوم جاء هذا القرار التاريخي الذي سرعان ما تبلور في تنظيم مجلس المسئولين عن التعليم، ثم تطور فيما بعد ذلك إلى إنشاء المزيد من المدارس، ثمَّ توسعت اختصاصات هذا الديوان.
    ب ــ مكتب الفيوم و مكتب العجميين 1833:

    وفي انتقالة تعليمية قوية أخرى أسست الحكومة المصرية في الفيوم سنة 1833 مدرستين جديدتين، إحداهما في مدينة الفيوم، أما الثانية فكانت في قرية العجميين، بوصفها عاصمة قسم العجميين أحد قسمي مدينة الفيوم، والمدرستان كلتاهما تحت إشراف قسم أول الأقاليم الوسطى، ولا توجد ــ فيما لدينا من المصادر ــ المزيد من التفاصيل الكافية حول هاتين المدرستين.

    فما يذكره أحمد عزت عبد الكريم أنه سنة 1833 حتى سنة 1836 كانت هناك مدرستان ابتدائيتان في الفيوم إحداهما في الفيوم، والثانية في العجميين، تتبعان قسم أول الأقاليم الوسطى، مستندًا في ذلك إلى تقرير أحمد أفندي مفتش المكاتب المصرية في 15 محرم 1252 صــ 158( ) بينما يرى إلياس الأيوبي أن مدرستي الفيوم اللتين أسستا في مايو 1833 كانتا قد أقفلتا تمامًا في ابريل 1835 ( )

    ج ــ مدرسة الفيوم الابتدائية 1837م
    وضعت اللائحة الرسمية لديوان المدارس سنة 1837 وعلى أساسها بدأ إنشاء المدارس في الأقاليم المصرية ضمن معايير واضحة، ونصت لائحة ديوان المدارس على أن كل مدرسة في الأقاليم يكون عدد تلاميذها 100 تلميذ ( ) فأنشئت مدرسة ابتدائية في مدينة الفيوم( )ولما كانت اللغة العربية قد أصبحت لغة التعليم كله، فقد عاد نظام التعليم إلى الاستعانة بالعلماء الأزهريين، و لذلك فإنَّ مدرسة الفيوم الابتدائية الرسمية كانت تضم حينئذٍ كل أساتذتها من الدارسين في الجامع الأزهر.

    و كان التعليم في كافة المدارس المصرية مجانيًا، والحكومة تنفق على التلاميذ من مسكن ومأكل وملبس، وبالرغم من ذلك كان الأهالي نافرين من تعليم أولادهم نفورهم من الجندية، فكانت الحكومة تدخلهم المدارس في غالب الأحيان بالقوة.( )

    كانت مدرسة الفيوم الرسمية ــ الابتدائية ــ هي أول مدرسة يتم افتتاحها في الفيوم للمصريين كافة، والحقيقة أنه حتى سنة 1836 كان أكثر الطلاب الملتحقين بالمدارس من المماليك، وكانت مدة الدراسة في المدارس التي أسست سنة 1837م ثماني سنوات، أما العلوم التي تدرس بها فهي القرآن الكريم والكتابة، واللغة العربية واللغة التركية واللغة الفرنسية، ومبادئ التاريخ ومبادئ الجغرافيا ومبادئ الرياضيات والرسم. ( ) ولذلك فإنه بالرغم من وجود المدرسة وعملها في الفيوم إلا أن أكثر تلاميذها وقتئذٍ كانوا من المماليك.

    لكن هذه المدرسة الابتدائية الوليدة في مدينة الفيوم أُقفلت سنة 1838 ( ) وبخاصة عندما احتدمت الحرب بين مصر وتركيا، فتعطلت جميع المدارس المصرية الرسمية في الاقاليم، وبقيت الكتاتيب ــ المكاتب ــ تجتهد في تعويض دور المدارس الابتدائية في الأقاليم، حتى سنة 1841 التي أقفلت فيها جميع الكتاتيب الرسمية في الفيوم ( )، ولم يعد أمام الأهالي سوى كتاتيب الفقهاء ( ) وهي كتاتيب خاصة لم تكن تحت رعاية الحكومة.

    د ــ المدارس العالية:
    أتيح لبعض النابغين في هذه الفترة من تلاميذ مدارس الفيوم الابتدائية أن يلتحقوا بالمدارس العالية التي أنشأها محمد علي باشا في القاهرة، ومن بينها مدرسة(الألسن)، التي وجدت إقبالا كبيرًا من تلاميذ الفيوم، وبخاصة أثناء تولي الشيخ رفاعة الطهطهاوي نظارتها، إذ شجع كثيرًا من تلاميذ الفيوم النابغين على الالتحاق بمدرسة الألسن، وكان من بين الفيوميين الملتحقين بمدرسة الألسن اثنان من تلاميذ الفيوم، أولهما الطالب(عبد الله السيد العجماوي) من العجميين، و الثاني الطالب(مراد مختار) من مدينة الفيوم، وكلاهما من تلاميذ رفاعة الطهطاوي، وكلاهما سيكون له شأن كبير في الحياة المصرية عقب التخرج في مدرسة الألسن، فأولهما كان من رواد البعثات الخارجية، والثاني كان من رواد التعليم المصري.
    هـ ــ البعثات الخارجية:
    تنوع طلاب البعثات المصرية في الخارج بين النابغين من طلاب الأزهر، والنابغين من طلاب المدارس العالية التي أنشأها محمد علي، وكان الطالب الفيومي عبد السيد العجماوي من طلاب البعثة المصرية الخامسة، وقد عني كثير من المؤرخين المصريين بترجمته فيما ترجموا من طلاب البعثات المصرية، فهذا السيد صالح مجدي بك يصنف أسماء النوابغ والنابهين من تلاميذ رفاعة الطهطاوي، وقسمهم إلى ثلاث طبقات، جعل في أول الطبقة الثانية عبد الله بك السيد، قائلا: إنه دخل المدرسة في سنة 1252هـ وأنه من نوابغ البعثات) ( )

    وقد حظيت هذه البعثة المصرية الخامسة إلى فرنسا سنة 1844 بعناية كبيرة، يقول عنها علي باشا مبارك وقد كان أحد أعضائها: “هي أكبر البعثات التي أرسلت إلى فرنسا وأعظمها شأنًا، وهي آخر بعثة كبرى أوفدها محمد علي باشا، وكان فيها بعض أنجاله وأحفاده، وانتخب سليمان باشا الفرنساوي تلاميذها من أنبغ طلاب المدارس العالية في مصر من مدرسة المهندسخانة (الهندسة)، ومدرسة الألسن(اللغات) في الأزبكية، ومدرسة الطوبجية (المدفعية) في طرة، وغيرهم، وأقمنا في باريس في محل مخصوص، ومن يلزم من الضباط والمعلمين، فأقمنا فيه جميعًا، وبعد سنيتن انتقل المتقدمون منا في العلوم إلى المدارس الخصوصية ( )

    أما عبد الرحمن الرافعي فيقول عنه: هو عبد الله بك عبد السيد من تلاميذ البعثة الخامسة، وهو من العجميين بالفيوم، تعلم في مدرسة الألسن، وأتقن علومها، ثم التحق بالبعثة الخامسة، وتخصص في فرنسا لدراسة الحقوق، وبعد عودته تقلد المناصب في الحكومة، وآخرها أنه عين رئيسًا للمحكمة التجارية في الإسكندرية، ثم مستشارًا لمحكمة الاستئناف المختلطة سنة 1875 ثم توفي سنة 1876( )

    ولكن المؤرخ أمين سامي بك يضيف المزيد إلى السيرة التعليمية للطالب الفيومي عبدالله السيد، قائلا: هو عبد الله السيد بك، تمم دراسته بمدرسة الألسن، وسافر إلى فرنسا، وأقام بها مدة طويلة، وتوظف في عدة وظائف، منها مدرس بمدرسة الألسن، ومدرس بالمهندسخانة في بولاق، وآخر خدماته العديدة رئيس مجلس التجارة بالإسكندرية، ومستشارًا بالمحكمة المختلطة بها.( )
    4ــ عصر الخديوي عباس حلمي الأول باشا: (1848 ــ 1854)

    انهار التعليم في عهد أول خلفاء محمد علي باشا الخديوي عهد عباس الأول، الذي تقلصت في عهده ميزانية التعليم في مصر، ثم عاد عباس يفكر في حال التعليم في مصر، وتقييم حالة المعلمين و الطلاب، ” فأمر بعقد امتحان للطلاب والأساتذة في مدرسة أبي زعبل، وكانت نتيجته سيئة للغاية، ظهر فيه الأساتذة بمظهر الحمقى والنوكى، فأمر بإغلاق جميع المدارس التي كانت مازالت تعمل، باستثناء مدرسة واحدة سماها المدرسة المفروزة، وظيفتها إعداد ضباط للبرية والبحرية والمهندسين العسكريين والمدنيين، و كان عباس يكره الغربيين، ولا يريدهم أن يتقلدوا أي وظائف، فقرر إرسال بعثة من المصريين البالغين خمسة وعشرين عامًا الذين لديهم قدرٌ كافٍ من العلم والمعرفة حتى يكتسبوا العلوم الغربية في وقت يسير” .( )

    و طوال عصر الخديوي عباس حلمي الأول لم تكن توجد في الفيوم أي مدرسة رسمية تمثل جهود الدولة في تعليم أبناء الإقليم، أو حتى مكاتب حكومية محدودة النشاط، ولم تكن في الفيوم ملامح للتعليم وقتئذٍ في هذا العهد سوى كتاتيب الفقهاء الأزهريين، أو كتاتيب الفيوميين الذين سبق أن تعلموا في مدارس الفيوم ومكاتبها في عصر محمد علي باشا، ولكن من ناحية أخرى كان الباب مفتوحًا أمام الفيوميين الذين أتموا تعليمهم في عصر محمد علي باشا مثل مراد أفندي مختار، ليتولوا مسئوليات تربوية وتعليمية بارزة في القطر المصري.
    4ــ عصر الخديوي سعيد باشا : (1854 ــ 1863)

    ألغى سعيد باشا وزارة المعارف تمامًا وألحقها بإدارته الخاصة، ثم بوزارة الحربية، طلب منه سكرتيره (كونج بك) مربيه إعادة فتح المدارس التي أغلقها عباس، فقال له: لماذا نعلم الشعب؟ الأمة الجاهلة أسلس انقيادًا من المتعلمة، دعهم في جهلهم.
    لكنه عاد فاهتم بمدرسة الطب اهتمامًا عظيمًا، ثم اهتم بمدارس الإرساليات المذهبية الأجنبية في القاهرة التي ترعى اليتيمات، وتنفق الأدوية للمحتاجين، فأعطاها الموافقات اللازمة، واهتم بدعمها، وساعد على تأسيس جهود مدارس الإرساليات الأمريكية والايطالية ( )
    أما في الفيوم فلم يكن نشاط تعليمي وقتئذٍ سوى نشاط المكاتب الأولية الأهلية التي اكتفى روادها من الطلاب بما تقدمه هذه المكاتب من العلوم الأساسية.
    4ــ عصر الخديوي إسماعيل باشا: (1863م ــ 1879م)
    بوصول الخديوي إسماعيل باشا إلى سدة الحكم في مصر انطلق مشروعه الحضاري في جعل مصر قوة إقليمية كبرى تستحقها، سائرًا على خطى جده محمد علي باشا في الانطلاق من التعليم قاعدة لهذه التنمية المرجوة، فعمل في أولى خطواته على تطوير المكاتب الأهلية التي كانت تمثل مظهر التعليم الوحيد السائد وقتئذٍ قبل عهد الخديوي إسماعيل ثم شرع يبني المدارس الحديثة، ويرسل البعثات إلى أوربا، ويدعم جهود الإرساليات الأجنبية في إنشاء المدارس الأجنبية في مصر.

    وقد ازدهر التعليم في الفيوم على كل المستويات في عصر الخديوي إسماعيل باشا، فازدهرت المكاتب الأهلية ازدهارا واسعًا، ثم أُسست المدارس الأجنبية، ثم أنشئت المدرسة الحكومية(الأميرية) في مدينة الفيوم، وهو ما يمكن أن نوضحه على النحو التالي:

    أــ ازدهار المكاتب الأهلية في الفيوم:

    كثر عدد المكاتب الأهلية الخاصة في مدينة الفيوم في ظل غياب مدرسة الحكومة، تلبية لحاجة الأهالي إلى تعليم أولادهم بعد ما شاهدوا التميز الاجتماعي الذي حصل عليه المتعلمون في عهد محمد علي باشا، ومع غياب دور ديوان المدارس في الفيوم في هذه الفترة، بدأ المتعلمون السابقون في مدارس الفيوم يفكرون في إنشاء مكاتب خاصة بهم، يقدمون فيها مناهج دراسية لتلاميذ الفيوم على غرار المناهج التي تقدمها المدارس الحكومية..

    كان أشهر هذه المكاتب ” في مدينة الفيوم مكتب مراد أفندي مختار، وهو أحد تلاميذ الشيخ رفاعة الطهطاوي، وكان المكتب يقوم بتدريس مناهج النحو والخط واللغة التركية، وأشهر الذين تلقوا تعليمهم في هذا المكتب هو إسماعيل سري بك الذي أصبح مفتش الري في أحد أقسام الوجه القبلي فيما يعد ( )

    ولما كان قد ازداد عدد المكاتب الأهلية في الفيوم وفي الأقاليم فقد أنشئ في ديوان المدارس إدارة خاصة للمكاتب الأهلية، وعين المرحوم عبد الله بك فكري وكيلا لهذه الإدارة في 27 مارس 1871م ( )

    ب ــ المدرسة الأمريكية في الفيوم:

    في ظل هذا الدعم الحكومي للتعليم في هذه الفترة كانت الإرسالية الأمريكية البروتستانتية قد جاءت إلى مصر سنة 1855 وأسست مدرسة في الفيوم تضم قسمًا للبنين وقسمًا للبنات( )

    تنسب مدرسة الإرسالية الأمريكية في الفيوم إلى النشاط البروتستانتي الجديد وقتئذ على المجتمع المصري، حيث وفد على الفيوم قادمًا من الإسكندرية القس الأمريكي الدكتور وليم هارفي الذي وصل الفيوم في 17 يناير 1866 وبدأ نشاطه فيها بإنشاء مدرستين إحداهما للبنين والأخرى للبنات( ) لكن صاحب كتاب تاريخ التعليم الأجنبي في مصر يذكر أنها “أنشئت عام 1865 وبدأت بعشرين تلميذًا، ثم افتتحت مدرسة للبنات ضمت 45 تلميذة بينهن ثماني تلميذات مسلمات( )

    وقد تميزت المدرسة الأمريكية في الفيوم بما تميزت به كثير من المدارس الأمريكية وقتئذٍ في الأقصر وأسيوط أيضًا، وهو إنشاء فصل لتعليم (العميان)( )

    ومن الناحية الإدارية والمالية ظلت مدرسة الفيوم الأمريكية تحت إشراف الأهالي منذ تأسيسها سنة 1865م حتى عام 1879 حيث ظهر من تقرير (مستر بويد) سنة 1904 أن مدارس الفيوم بدأت تدخل تحت إدارة الإرسالية مباشرة ( )

    ج ــ مدرسة الحكومة:

    كان واقع مدارس الحكومة المصرية وقتئذٍ يشير بوضوح إلى أنه بوصول الخديو إسماعيل للحكم لم تكن هناك أي مدرسة في مصر سوى مدرسة ابتدائية، ومدرسة تجهيزية والمدرسة الحربية في القلعة، ومدرسة الطب والصيدلة والولادة التي أنشأها كلوت بك، وكلها بالعاصمة، ثم مدرسة بحرية في الإسكندرية، وكانت كلها في حالة سيئة، فعُهد إلى أدهم باشا تطوير التعليم، وهو ثاني من أدار التعليم في مصر بعد مصطفى مختار بك فأسس مدارس جديدة على نظام جديد.( )

    أنشأت الحكومة مدرسة في بني سويف سنة 1865 يقبل عليها تلاميذ مديرية الفيوم وبني سويف معًا ، وكان شعار هذه المرحلة )(مدارس عنوانها النظافة التامة والنظام التام)، يتعلم فيها الطلاب اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، والرسم الخطي، والحساب العادي و الحساب العالي، والقرآن لغاية الفرقة الرابعة، والتركية بداية من الفرقة الرابعة وما فوقها( )
    د ــ الفيوميون رواد التعليم:
    شهد أيضا عصر الخديوي إسماعيل تعيين الفيومي مراد أفندي مختار ناظرًا لمدرسة الحبانية في القاهرة، التي افتتحت سنة 1872م وكان عدد تلاميذها 144 طالبًا، وكان مصاريف هذه المدرسة على ديوان الأوقاف، ويعد أشهر من تربوا في هذه المدرسة علي بك حسني الذي أصبح ناظرًا للمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية ( )
    4ــ عصر الخديوي توفيق باشا: (1879م ــ 1892م)

    يرتبط عهد الخديوي توفيق غالبًا بأنه عهد الثورة العرابية وعصر الاحتلال الإنجليزي، وهذا صحيح لاشك فيه، ولكنه أيضًا كان عصر الاهتمام بالتعليم، فالخديوي توفيق أنشأ كثيرًا من المدارس على نفقته الخاصة، منذ كان وليًا لعهد والده إسماعيل باشا الخديوي السابق
    والفيوم قد شهدت ازدهارًا كبيرًا في التعليم في عهد الخديوي توفيق، تمثل في كثرة المدارس، وكثرة الجهات الداعمة لها، ما تأكد بزيادة إقبال الأهالي على إلحاق أبنائهم بمدارس الفيوم، وتأكد كذلك بظهور بعض الفيوميين من رواد الحركة التعليمية.
    أــ مدارس الحكومة:
    أنشأت الحكومة في عصر الخديوي توفيق مدرسة ابتدائية جديدة في مديرية الفيوم، جعلت اسمها (المدرسة الأميرية)، وكانت مدرسة داخلية، يقيم الطلاب فيها ويتلقون الرعاية الصحية والغذائية، وإلى جانب ذلك ضمت المدرسة قسمًا خارجيًا، يتلقى فيه الطلاب دروسهم دون إقامة دائمة في المدرسة.

    ب ــ مدارس الجمعيات الأهلية:

    وكانت هذه المدرسة ثمرة جهود جمعية المساعي الخيرية القبطية وأنشطتها في الفيوم، فقد تأسست الجمعية في سنة 1881 وسرعان ما أنشأت له فرعًا ومدرسة في الفيوم، ويطلق على مدرستها أحيانًا اسم (مدرسة الأقباط الأرثوذكس).

    ج ــ مدارس الإرساليات الأجنبية:

    وللفيوم تجربة سابقة ناجحة مع هذا النوع من المدارس الأجنبية ــ مدرسة الإرسالية الأمريكية في الفيوم ــ منذ عصر الخديوي إسماعيل، ويبدو أن التجربة لاقت نجاحًا في مجتمع الفيوم، حيث أقامت الإرسالية الكاثوليكية في الفيوم مدرسة تحت اسم (المدرسة الإيطالية) في الفيوم، أسستها سنة 1889م وجعلت إدارتها تحت إشراف الآباء الفرنسيسكان.

    د ــ مدارس الإناث(الخاصة):
    وجدت في الفيوم في هذه الفترة مدارس خاصة بتعليم الإناث، ولعل السبب في نشأة هذا النوع من المدارس هو الحاجة الاجتماعية الراغبة في تعليم خاص بالإناث يراعي التقاليد الاجتماعية للمجتمع الفيومي، بعد الاختلاط الذي كانت تتبعه مدرسة الإرسالية الأمريكية في الفيوم، يذكر كتاب (دليل وادي النيل) نموذجًا من هذه المدارس في الفيوم (المدرسة الوطنية للبنات في الفيوم) ناظرتها (حضرة الخاتون مريم غبريل) ( )

    بعض الفيوميين من رواد الحركة التعليمية في عصر الخديوي توفيق:

    أسهمت الفيوم في النهضة التعليمية المصرية بعدد من نبغائها، فمن المعلمين نبغ على المستوى المحلي في الفيوم حضرة بطرس أفندي حنا عبسود من أساتذة اللغة الإنجليزية في مدرسة الفيوم الأميرية( ) أما على المستوى الوطني المصري فقد برز من الفيوميين علمان كبيران سنأتي على ترجمتهما ، أولهما أحد رواد التعليم المدني، وهو مراد أفندي مختار الذي عمل مدرسا للغة التركية في مطلع حياته إلى أن ترقى مديرا للكتب خانة، والثاني هو أحد رواد التعليم الديني في مصر، فضيلة الشيخ أحمد رفاعي، شيخ المالكية في الجامع الأزهر، ونابغة التدريس في الأزهر في عصره.
    4ــ عصر الخديوي عباس حلمي الثاني باشا: (1892م ــ 1900م)
    يمتد عصر الخديوي عباس حلمي الثاني إلى ما بعد نهاية القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين، ولكننا سوف نتوقف عند نهاية القرن التاسع عشر في الفيوم كونها الفترة الزمنية التي تتناولها الدراسة، وهي الفترة التي ازدهرت فيها حركة التعليم في الفيوم سواء على مستوى المدارس التي اتخذت من مدينة الفيوم مستقرا لها، أو الكتاتيب التي انتشرت في أرجاء إقليم الفيوم على نطاق واسع .
    أــ المدارس العامة:
    في أوائل عصر الخديوي عباس استقرت حركة التعليم في الفيوم وفق نظام رسمي واضح، فيذكر إبراهيم رمزي أنه كان في الفيوم وقتئذٍ ” ثلاث مدارس إحداها للقبط، والثانية للكاثوليك، والثالثة للحكومة”( ) ولعلَّ رمزي يقصد مدرسة الجمعية الخيرية القبطية الأرثوذكسية حين قال: مدرسة القبط في الفيوم، بينما يقصد مدرسة الإرساليات الأجنبية في الفيوم حين قال: مدرسة الكاثوليك، ويمكن تفصيل واقع التعليم والمدارس في الفيوم في عهد الخديوي عباس على النحو التالي:

    أــ مدرسة الحكومة:
    بلغ عدد تلاميذ مدرسة الحكومة في الفيوم سنة 1894 حوالي 220 تلميذًا، وأساتذتها هم محمود أفندي سامي ناظر، ومصطفى أفندي رياض مدرس اللغة الفرنسية، وحسين أفندي حمدي مدرسًا للغة الفرنسية، وعبدالله أفندي لطفي مدرسًا للغة الإنجليزية سابقًا، وبطرس أفندي حنا مدرسًا للغة الإنجليزية ( )، وعفيفي أفندي وهبي مدرسًا للرياضيات، وعبد الجواد أفندي محمد مدرسًا للنحو، والشيخ أحمد أبو الفتح مدرسًا للنحو، ولتدريس القرآن والخط الشيخ محمود محمد، والشيخ محمود أحمد، والشيخ زهران ( ).
    2ــ مدرسة التوفيق القبطية:
    لمع نجم مدرسة التوفيق القبطية في مجتمع الفيوم في نهايات القرن التاسع عشر، بوصفها المدرسة التي تمتلكها الجمعية الخيرية القبطية، تلك الجمعية التي تكونت من اندماج جمعيتي “التوفيق القبطية” و “المساعي الخيرية القبطية” في الفيوم.

    حبشي أفندي غبريال أول ناظر لمدارس التوفيق القبطية بالفيوم

    ولقد كانت مدرسة التوفيق القبطية في الفيوم محط اهتمام كبير من الجمعية الخيرية القبطية في الفيوم، فكانت تختار لإدارتها أكفأ النظار وأفضل المعلمين في نهايات القرن التاسع عشر العهد فكان أولهم “حبشى افندى غبريال “وخلفه “ابراهيم افندى جرجس”وخلفه”بشارة افندى مشرقي” ثم ” فرنسيس افندى بربريانى ” وأعقبه (فرنسيس أفندي ميخائيل) وهو مربى فاضل له مؤلفات ذاعت شهرتها في حينها.
    .3ــ مدرسة الأقباط:
    كانت مدرسة الأقباط تشرف عليها جمعية المساعي الخيرية القبطية، ولكنها اندمجت في مدرسة التوفيق القبطية، بعد اندماج جمعيتي التوفيق القبطية والمساعي الخيرية، ومن أشهر المسئولين عن هذه المدرسة (غبريال افندى الديرى) وكيل إدارة مدرسة الأقباط بالفيوم عام ١٨٩٧م
    ب ــ الكتاتيب الأهلية:
    بينما كانت مدينة الفيوم تزخر بالمدارس ذات الطابع النظامي في نهايات القرن التاسع عشر وسط إقبال الأهالي واهتمامهم، فإن أرياف الفيوم من جهة أخرى كانت تزخر بالكتاتيب على نطاق واسع وسط إقبال الأهالي أيضًا على الكتاتيب القروية، إلى الحد الذي يمكن القول معه أن هذه الكتاتيب المنتشرة في العزب والقرى كانت بديلا حقيقيًا للأهالي عن مدارس المدينة.

    فقد أشار تقرير وزارة المعارف سنة 1899 إلى ” أن عدد الكتاتيب في مديرية الفيوم في هذه السنة كان 269 كتابًا تفصيلها كالتالي: مركز الفيوم 96 كتابًا، مركز سنورس 96 كتابًا، مركز إطسا 77 كتابًا، أما عن عدد التلاميذ في الكتاتيب الأهلية في مركز الفيوم هو 2070،عدد التلاميذ والمعلمين في الكتاتيب الأهلية في مركز سنورس 1620،عدد التلاميذ والمعلمين في الكتاتيب الأهلية في مركز إطسا 1423( )

    ج ــ المعاهد الدينية:

    نشأت في الفيوم في نهايات القرن التاسع عشر ظاهرة تعليمية فريدة، هي المعاهد الدينية الملحقة بالمساجد، حيث كانت مساجد الفيوم تقدم علومًا دينية أساسية للطلاب، في صورة كتاتيب المسجد، وإذا كان من المؤكد أنه لم يكن قد أنشأ معهد ديني أزهري في الفيوم بعد( )،فأقصى صلات الفيوميين بالأزهر الشريف هي انتساب طلابها إلى الجامع الأزهر سفرًا إلى القاهرة، وقد كانت المساجد الكبيرة في الفيوم بمثابة مدارس دينية، ولكن ليس لدينا إحصاء معلوم عن هذه المساجد في تلك الفترة، ولكن يبدو أنها كانت ذات انتشار واسع في أرجاء مديرية الفيوم، وأنها ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، وازداد عددها في مطلع القرن العشرين، حتى بلغ عدد المساجد التي قدمت علوما دينية في الفيوم سنة 1902 حوالي 50 مسجدًا فيها 86 معلمًا، أما عدد الطلاب فكان 584 طالبًا ( )
    نتائج الدراسة

    هكذا كانت مسيرة التعليم في فيوم القرن التاسع عشر(1800ــ 1900)، الإقليم الذي يحب أهله العلم والثقافة والأدب، وقد بينت هذه الدراسة مجموعة من النتائج لعلَّ أهمها:
    أــ أن القاعدة الشعبية التي قام عليها التعليم في الفيوم كانت الكتاتيب طوال القرن التاسع عشر، وبخاصة في مطلع هذا القرن، بل كان عليها الاعتماد الكامل في عصري الخديوي عباس الأول والخديوي سعيد باشا بن محمد علي.
    ب ــ أن عصر الخديو عباس وعصر الخديو سعيد لم يشهد أي تطور تعليمي في الفيوم، بل تراجع دور الحكومة في خدمة التعليم من خلال مدارس الحكومة، فلم يكن أمام بعض الفيوميين بد من التوجه إلى الكتاتيب المحلية، بينما اتجه آخرون من النابغين إلى استكمال التعليم في الأزهر الشريف في القاهرة.
    ج ــ إنَّ طابع التعليم والمدارس في الفيوم منذ مطلع القرن التاسع عشر كان وطنيًا متمثلا في جهود الحكومة من خلال مدارسها ومكاتبها، أو من خلال الجهود الأهلية المتمثلة في الكتاتيب المحلية، ولكن التعليم الأجنبي شق طريقه مبكرًا في الفيوم في عصر الخديوي إسماعيل متمثلًا في مدارس الإرسالية الأمريكية.
    د ــ إن الجهود الوطنية الأهلية في خدمة التعليم في الفيوم قامت في البداية متمثلة في تطوع الأهالي بإنشاء الكتاتيب الأهلية، ثم ما لبثت هذه الجهود أن ارتبطت بإنشاء الجمعيات الأهلية، فكانت المدارس الخاصة نشاطا تشرف عليه هذه الجمعيات الأهلية مثلما نجد في عصر الخديوي توفيق وعصر الخديوي عباس حلمي الثاني.
    هـ ــ إن القاعدة التعليمية اتسعت على نحو واضح في نهايات القرن التاسع عشر، متمثلة في الكتاتيب الأهلية التي شملت كل أرجاء الإقليم، فكانت هذه الكتاتيب ملجأ الراغبين في التعليم، وأن هذه الكتاتيب في القرى كانت بديلا عن المدارس التي لم تكن تتجاوز مدينة الفيوم.
    و ــ إن الفيوم عرفت للمرة الأولى في نهاية القرن التاسع عشر فكرة المعاهد الدينية التي تمثلت في المساجد التي تدرس علومًا دينية، تعد طلابها للالتحاق بالأزهر الشريف في القاهرة ، وازدهرت هذه المساجد في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين على نطاق واسع..

    مصادر الدراسة:
    1ــ إبراهيم رمزي: تاريخ الفيوم، مطبعة الفيوم، 1895م
    2ــ إبراهيم عبد المسيح: دليل وادي النيل لعامي 1891 و1892 د.د.ن 1892
    3ـــ أحمد عزت عبد الكريم: تاريخ التعليم في عصر محمد علي، القاهرة، 1938
    4ــ إلياس الأيوبي: تاريخ مصر في عصر الخديوي إسماعيل باشا، مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2013م
    5ـــ إلياس زاخورة: مرآة العصر في تاريخ ورسوم أكابر أهل مصر، المطبعة العمومية الجزء الأول، 1897
    6ـــ أمين سامي: تقوم النيل ؛ المجلد الثاني،عصر إبراهيم باشا ومحمد علي، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2002
    7ــ أمين سامي: التعليم في مصر في سنتي 1914 و 1915 وبيان تفصيلي حول نشأة التعليم الأولي والابتدائي في الديار المصرية، مطبعة المعارف، القاهرة، 1917
    8ــ أندريه زكي(د): الأقباط والثورة، دار الثقافة القاهرة،
    9ـــ إيريس حبيب المصري: قصة الكنيسة القبطية، الجزء الخامس، مكتبة المحبة القبطية الأرثوذوكسية، القاهرة،1990م
    10ــ تقرير نظارة المعارف العمومية، المطبعة الكبرى، 1899
    11ــ جرجس سلامة: تاريخ التعليم الأجنبي في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين، المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم، القاهرة، 1963م
    12ــ سليمان رصد الحنفي الزياتي: كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، القاهرة، 1902
    13ـــ عبد الرازق البيطار: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، دار صادر، بيروت، 1993
    14ـــ عبد الرحمن الجبرتي: تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار الجزء 3 مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2013م
    15ــ عبد الرحمن الرافعي: عصر محمد علي، دار المعارف، القاهرة، 1989م
    16ـ علي مبارك: الخطط التوفيقية الجديدة ج.12 المطبعة الكبرى الأميرية، القاهرة، 1306 هـ
    17ـــ كمال محمد مغيث: مصر في العصر العثماني (1517 ــ 1798) المجتمع والتعليم، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى القهرة، 1997
    18ــ محمد عبد المنعم خفاجي: الأزهر في ألف عام، المجلد الثاني، عالم الكتب، القاهرة، 1987م
    19ـــ يعقوب أرتين باشا: التعليم العام في مصر بالفرنسية سنة 1890م

  2. السلام عليكم
    أظن أنني أمتلك قدرا كافيا من موهبة الكتابة، التي تحدثتم عنها في هذا المقال، يمكنني من خلاله خوض تجربة التعبير عن نفسي عبر موقعكم؛ لذا، أود أن أسأل ماذا يجب أن أفعل لأتقدم بطلب أو ما شابه ذلك للحصول على تلك الفرصة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى