تعد نظريات علم النفس الحديثة من أبرز النظريات وأهمها، إذ تم قبولها بشكل كبير على مر التاريخ، حيث يعتبرها العلماء مجموعة متكاملة من الخبرات، والمعلومات القائمة على حقائق متعددة، مما يدعمها ويجعلها مرجعًا أساسيًا لفهم العقل والسلوك البشري.
مفهوم النظرية في علم النفس
تستند النظريات إلى فرضية مدعومة بالأدلة، والتي لا تعد مجرد تخمين أو حدس، بل هي مجموعة خبرات ومعلومات قائمة على عدة حقائق، الغرض الرئيسي منها وصف ظاهرة ما، ونستطيع أن نقول إن النظرية تقدم مفهومًا أو فكرة تحتمل النقاش والاختبار، فالعلماء يقومون باختبار جميع النظريات من خلال البحث التجريبي، والاستناد إلى جميع الأدلة التي جمعوها، والتي قد تدعم النظرية أو ترفضها من الأساس.
بمعنى آخر، تعد النظرية العلمية نواة صغيرة، تقدم لنا شرحًا مبسطًا حول بعض جوانب العالم الطبيعي، الظواهر الفيزيائية، القائمة على العديد من التجارب المكررة وبعض الاختبارات الأخرى، بالإضافة إلى شرح السلوك البشري، وهو ما ينتج عن قيام العلماء بتكرار العديد من التجارب التي أدت إلى نفس النتائج، مما جعلهم يُجمعون على صحة النظرية، إثر جمع الأدلة التي تدعمها، الأمر الذي يدحض الفهم الخاطئ لدى الكثير حول مصطلح “نظرية“، كأحد أكثر المصطلحات العلمية التي يُساء فهمها واستخدامها، إذ يؤثر هذا الفهم الخاطئ على فهم الكثير من الناس، ويدفعهم بالتبعية إلى رفض نظريات مثل “التطور”، باعتبارها مجرد وجهة نظر، رغم وفرة الأدلة العلمية التي قام العلماء ببناء نظرياتهم عليها.
اقرأ أيضًا: أنواع طيف التوحد وكيفية التعامل مع أعراضها
أهمية وضع نظريات علم النفس الحديثة
يتم استخدام النظريات في علم النفس بغرض دراسة وفهم الكثير من الأفكار والانفعالات، كذلك السلوكيات البشرية، ويوجد مكونان رئيسيان للنظرية النفسية، واللذان يتمثلان في أهمية وصفها الدقيق للسلوك، بالإضافة إلى تقديم تنبؤات حول السلوكيات المستقبلية.
وقد تم رفض بعض النظريات أو قبولها جزئيًا من قبل الباحثين، نظرًا لخلوها من المكونين الرئيسيين، حيث إنه من الضروري جدًا أن تصمد النظرية على مر التاريخ وجميع التغيرات الزمنية الطارئة، حتى تثبت قوتها بعد عدة تجارب علمية، مما يؤهلها لأن تصبح مقبولة حتى يومنا هذا.
ويجب أن ندرك أن كلًا من هذه النظريات لديه قدرة هائلة على تكوين القاعدة الأساسية، التي تؤهلنا لمعرفة وفهم العقل والسلوك البشري، وهو ما يعتمد على القوة الكلية للنظرية العلمية، وقدرتها على شرح الظواهر المتنوعة.
اقرأ أيضًا: لماذا يعاني البعض من اضطرابات طيف التوحد؟
أهم نظريات علم النفس الحديثة
تكتسب النظرية قوتها واختلافها عن التخمينات أو الحدس، من خلال كونها قابلة للاختبار، وإضافة بعض الأدلة والأبحاث الجديدة عليها، هنا يمكن الحكم عليها بالقبول أو الرفض في حالة أنها لما تتوافق مع أحدث النتائج العلمية، وهنا سنقوم بطرح بعض نظريات علم النفس الحديثة، والتي لا تزال مقبولة بنسبة كبيرة حتى اليوم:
نظريات النمو
هي النظريات التي تقدم إطارًا علميًا للتفكير في التطور، التعلم، والنمو البشري، بالإضافة إلى توفير مجموعة من المبادئ والمفاهيم التوجيهية، التي من شأنها وصف وشرح النمو البشري، بالإضافة إلى التركيز على التفكير الأخلاقي، مثل نظرية كولبرج للتطور الأخلاقي، والعديد من النظريات الأخرى مثل نظرية إريكسون للنمو النفسي والاجتماعي، في جميع مراحل نمو الفرد على مدار حياته، لذا إن كنت تهتم بمعرفة كيفية تحفيز الفكر والسلوك الإنساني، فحاول قدر استطاعتك أن تسعى لفهم هذه النظريات، التي قد تساعدك بشكلٍ كبير على فهم الأفراد والمجتمع بشكل جيد.
النظريات الكبرى
تعرف النظريات الكبرى بأنها الأفكار الشاملة، التي يتم اقتراحها غالبًا من قبل كبار المفكرين، مثل العالم سيجموند فرويد، وإريك إريكسون، وجان بياجيه، وتشمل هذه النظريات الكبرى بعض النظريات الأخرى، مثل نظرية التعلم، نظرية التحليل النفسي، كذلك النظرية المعرفية، والتي تهدف بنسبة كبيرة إلى شرح الكثير من جوانب السلوك البشري، والتي يعتبرها البعض أيضًا نظريات غير مكتملة وبالِيَة، نسبة إلى الأبحاث الحديثة، ولكن، جدير بالذكر أن علماء النفس والباحثين، يستخدمون هذه النظريات الكبرى باعتبارها أساسا للاستكشاف، والتفكير أيضًا في النظريات الصغرى.
النظريات الصغرى
في حين أن النظريات الكبرى تقدم أفكارًا شاملة، فإن النظريات الصغرى تقدم جوانب صغيرة جدًا من جوانب التطور، مثل شرح بعض السلوكيات الضيقة نسبيًا، والتي تكون متمثلة في كيفية تكوين تقدير الفرد لذاته، أو تنشئته الاجتماعية في مرحلة طفولته المبكرة، وفي غالب الأمر تكون هذه النظريات الصغرى فروعًا من النظريات الكبرى، ولكن الفارق أنها لا تهدف إلى وصف وتقديم شرح كامل، للنمو والسلوك البشري بشكل عام.
اقرأ أيضًا: الاضطراب الفصامي العاطفي ودور الأسرة في علاجه
النظريات الناشئة
تعد النظريات الناشئة نموذجًا علميًا يتم تشكيله وإنشاؤه، من خلال عملية الجمع بين بعض النظريات الصغرى المختلفة، والتي تعتمد بنسبة كبيرة على العديد من الأبحاث والأفكار، التي تم جمعها من تخصصات مختلفة، ولكنها لم تنتشر على نطاق واسع مثل النظريات الكبرى، وتعد النظرية الاجتماعية الثقافية التي تم اقتراحها من قبل ليف فيجوتسكي، من أبرز الأمثلة على نظرية التطور الناشئة.
أمثلة أخرى لنظريات علم النفس
لا يقتصر الأمر على نظريات علم النفس الحديثة فقط، بل يوجد أيضًا العديد من النظريات الشهيرة، والتي ترتبط بعدة فروع من علم النفس، وتتمثل هذه النظريات في:
النظريات السلوكية
تأسست النظريات السلوكية على يد العديد من علماء النفس المشهورين، مثل جون واتسون، وبورهوس فريدريك سكينر، وتعرف النظرية السلوكية بأنها نظرية للتعلم تقوم بتقديم فكرة، تهدف إلى إثبات أن السلوكيات يتم اكتسابها من خلال عملية التكَييف مع المجتمع، ولا تزال التقنيات السلوكية تستخدم بنسبة كبيرة حتى يومنا هذا، من خلال المصحات العلاجية، لتقديم المساعدة للأشخاص الذين يعانون من بعض الاضطرابات، وزيادة قدرتهم على تعلم مهارات وسلوكيات جديدة.
النظريات الإنسانية
نالت نظريات علم النفس الإنساني شعبية كبيرة، وأصبحت محط أنظار بحلول خمسينيات القرن الماضي، إذ تقوم هذه النظريات بالتركيز على الخير النابع من النفس البشرية، والذي لا يختلف باختلاف الأعمار والجنسيات واللغات، على عكس النظريات السابقة، التي ركزت بنسبة كبيرة على السلوكيات غير الطبيعية عند البشر، ومشكلاتهم النفسية، ومن أشهر علماء النفس الذين عملوا على هذه النظريات، عالم النفس الأمريكي كارل روجرز وأبراهام ماسلو.
النظريات المعرفية
تقوم النظريات المعرفية في علم النفس بالتركيز على الحالات الداخلية، مثل تشتت الانتباه، الدوافع، اتخاذ القرارات الحاسمة، كذلك حل المشكلات والتفكير، إذ تسعى هذه النظريات إلى شرح العمليات العقلية المختلفة بطريقة مبسطة، متضمنة كيفية معالجة دماغ الفرد للمعلومات.
نظريات الشخصية
تهدف نظريات الشخصية إلى التركيز على أنماط الأفكار، السلوكيات والمشاعر، التي من شأنها أن تجعل الشخص فريدًا من نوعه، متضمنة بعض النظريات الأخرى الأكثر شهرة، والتي تم تكريسها لدراسة موضوع الشخصية، بما في ذلك نظرية سمات الشخصية الخمس، بالإضافة إلى نظرية إريكسون للتطور النفسي والاجتماعي.
نظريات علم النفس الاجتماعي
تهدف نظريات علم النفس الاجتماعي بشكل رئيسي إلى مساعدة الأشخاص، في محاولة لتوسيع إدراكهم لشرح وفهم السلوك الاجتماعي، وتقوم النظريات الاجتماعية غالبًا على ظواهر اجتماعية محددة، متضمنة سلوك الأفراد بين المجموعات، بالإضافة إلى السلوكيات الاجتماعية الإيجابي أو السلبي، كذلك مدى التأثير الاجتماعي على الغير، والحب لدى النفس البشرية، وغيرها من السلوكيات البشرية الأخرى.