تعد الألبان من المصادر الطبيعية لكل من البروتينات والكالسيوم، إلا أنها بالنسبة للبعض تشكل أحد مصادر التحسس ومن ثم الإصابة بأعراض مزعجة عدة، لذا نكشف عن بعض العلامات الدالة على المعاناة من حساسية الألبان لتجنب منتجاتها والتعويض عنها بأخرى فيما بعد.
حساسية الألبان
تعرف حساسية الألبان بأنها أزمة صحية تؤدي لارتباك بالجهاز المناعي، من شأنه التسبب في ردود فعلية تحسسية فور شرب الحليب أو تناول أي من منتجات الألبان، فيما تبدو تلك الحساسية من المشكلات الشائعة بين الأطفال الصغار، وبصورة قد لا يتوقعها الكثيرون.
تعاني نسبة تتراوح بين 2% إلى 3% من الأطفال من دون الـ3 سنوات من هذا الاضطراب المزعج، والذي ينتج عنه ظهور عدد من الأعراض، تختلف حدتها وفقًا لحالة كل مريض، فيما تستمر معاناة هؤلاء الأطفال المصابين بحساسية الألبان من أعراضها لسنوات بعد ظهورها الأول.
يخالف ذلك اعتقادات الكثير من الخبراء والباحثين من قبل، حيث ظنوا أن التخلص من تلك الأزمة يحدث تلقائيًا مع بلوغ العام الثالث أو الرابع، فيما كشفت الدراسات عن إمكانية حدوث هذا الشفاء لدى نسبة لا تزيد على 20% من الضحايا، ليبقى الوضع كما هو عليه لنسبة الـ80% المتبقية، حتى بلوغ العام الـ16 في كثير من الأحوال.
أسباب حساسية الألبان
في وقت يؤدي فيه الخلل بالجهاز المناعي، والناتج عن تواجد كم هائل من البروتينات داخل الحليب، إلى المعاناة من حساسية الألبان، فإن هناك بعض العوامل التي تحفز تلك الإصابة، مثل:
اقرأ أيضًا: علاج الحساسية.. وأهم الفوائد الصحية والنفسية للنباتات المنزلية
العوامل الوراثية
إصابة أحد الوالدين من قبل بالحساسية تجاه الأطعمة أو أي من أنواع الحساسية الأخرى، حيث يمكن لإصابة الأبوين أو أحدهما بحمى القش أو الربو أو حتى الأكزيما، أن تحفز على ظهور الأزمة لدى الطفل الصغير.
إصابات الأطفال
لا تشكل العوامل الوراثية السبب الوحيد وراء انتقال حساسية الألبان من الأب أو الأم للطفل، بل يمكن لمعاناة الطفل نفسه من الأكزيما أو أي من أشكال الحساسية مختلفة الأعراض والتي ذكرناها، أن تؤدي في النهاية للإصابة بأعراض حساسية الحليب.
العمر
ترتبط حساسية الألبان دومًا بالعمر الصغير، فبينما ينجح الجهاز الهضمي مع البلوغ بالتأقلم مع تلك الأزمة بحيث تبقى أعراضها غير ظاهرة من الأساس، فإن عمر الطفل الصغير لا يفيده كثيرًا فيما يخص قدرته على التعامل مع تلك الحساسية، لتبدأ أعراضها في الظهور واحدة تلو الأخرى.
أعراض حساسية الألبان
تتباين أعراض حساسية الألبان من حالة لأخرى من حيث الحدة، فيما تتنوع بين أعراض عضوية تؤثر على أعضاء الجسم وأخرى نفسية تسيطر على حالة الذهن، مثل:
الصداع
يعد الشعور بالصداع بعد تناول الألبان مؤشرًا على المعاناة من الحساسية تجاه منتجاتها بصورة عامة، لذا ننصح في تلك الحالة بضرورة تجنب تناول الآيس كريم أو القهوة بالحليب، لضمان عدم الإصابة بصداع مزعج، قد يتطور لما هو أسوأ لاحقًا.
آلام الجسم
بالرغم من أن نسب الكالسيوم المرتفعة بالألبان، تعمل على تقوية عظام وعضلات من يتناولها، فإن الأمر يختلف كثيرًا بالنسبة لمن يعاني من حساسيته، حيث يصاب من يتناوله بآلام في المفاصل على عكس المتوقع.
مشكلات هضمية
تتعدد الأزمات التي يصاب بها من يعاني من حساسية الألبان عقب تناولها، حيث يعاني من الإمساك أو الإسهال، في الوقت الذي يصاب بتراكم الغازات، مما يؤدي لشعوره بالانتفاخ.
الغثيان
يتطور الوضع في المعدة من سيئ لأسوأ، حينما لا تتمثل أعراض الأزمة داخلها في المعاناة من الإمساك والإسهال فقط، بل تصل إلى درجة الشعور شبه الدائم بالغثيان، والذي ينقلب إلى واقع مع اختبار التقيؤ، وفي ظل الإصابة بتشنجات البطن.
صعوبة البلع
يضطر مريض حساسية الألبان ودونًا عن إرادته في بعض الأحيان، إلى تجنب منتجات الألبان بل وكذلك كل الأطعمة والمشروبات الأخرى، وهو القرار الذي ينتج في الواقع عن معاناة الضحية من صعوبات بالغة في البلع.
التغيرات المزاجية
ينصح بالانتباه إلى الحالة المزاجية للشخص عند تناوله للألبان، حيث تعتبر مشاعر الكآبة أو القلق علامة واضحة على الحساسية تجاهها، ما قد يظهر بوضوح أكثر عند الأطفال الصغار المصابين بتلك الحساسية.
حب الشباب
ليس من الخفي على أحد أن ظهور حب الشباب، غالبًا ما يقترن بالإصابة بالالتهابات أو البكتيريا، إلا أن تناول الألبان قد يؤدي كذلك لتلك النتيجة المزعجة، في حالة التحسس تجاهها، وذلك بالرغم من الدور البارز للبروتينات فيما يخص العناية بالجلد.
الحكة
إشارة أخرى تشير إلى حساسية البعض تجاه الألبان، حيث يبدأ الأمر بظهور علامات حمراء واضحة كالبثور، تزداد معها الحكة والإحساس بالحرقة وعدم الارتياح، وهي العلامات التي لا ينصح بحكها منعًا لزيادة الأمر سوءا.
الأزمات الجلدية
لا يمكن تجاهل المزيد من الأزمات الجلدية، التي يعاني منها ضحية حساسية الألبان الصغير، فما بين ظهور الطفح الجلدي عاجلًا أم آجلًا، وتورم بعض المناطق مثل الشفاه أو الوجه نفسه، تبدو علامات حساسية الألبان متنوعة.
رائحة الجسم
مع الإحساس بأن رائحة جسدك ليست محببة، وفي ظل اهتمامك باتباع أساليب النظافة الشخصية كافة، يؤكد الخبراء أن الأمر في تلك الحالة قد يكون متعلقًا بالحساسية تجاه الألبان، حيث لا يتمكن الجسم حينها من إتمام عملية التمثيل الغذائي للألبان تحديدًا بالصورة المطلوبة، فيفرز مواد كيميائية كريهة تتسبب في انبعاث رائحة سيئة من الجسد.
الفرق بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز
يجهل الكثيرون حتى وقتنا هذا عدم التوافق التام بين حساسية الألبان وعدم تحمل اللاكتوز، حيث توجد بعض الاختلافات بين الأزمتين، من حيث عمر الإصابة والأسباب والأعراض أيضًا، كما يلي:
اقرأ أيضًا: دراسة مفاجئة.. لا ضرر من منتجات الألبان كاملة الدسم!
عمر الإصابة
هو الفارق الأكثر وضوحًا بين حساسية الحليب وعدم تحمل اللاكتوز، فبينما تظهر علامات الأزمة الأولى لدى الأطفال الرضع وقبل بلوغ العام الرابع أو الثالث حتى، فإن حساسية اللاكتوز تعد أكثر شيوعًا بين البالغين، ما تكشفه الإحصاءات التي تشير إلى إصابة نحو 30 مليون أمريكي بهذا الخلل مع بلوغ سن الـ20.
الأسباب
إن كانت حساسية الألبان تنتج عن تعامل جهاز المناعة السيئ مع بروتينات الحليب، باعتبارها من المهددات للصحة، فإن الأسباب المباشرة وراء ظهور علامات حساسية أو عدم تحمل اللاكتوز تتلخص عادة في خلل بالجهاز الهضمي وليس المناعي، حيث يبقى غير قادر على هضم اللاكتوز في ظل افتقاده لإنزيم اللكتاز، ليتراكم بالقولون وتعبث به البكتيريا بمرور الوقت.
الأعراض
تتشابه أعراض الأزمتين من حيث مشكلات المعدة التي تشمل الانتفاخ والتشنج بالبطن وتراكم الغازات والإسهال والغثيان، فيما تنفرد حساسية الألبان ببعض الأعراض الإضافية، مثل ظهور علامات جلدية مزعجة والمعاناة من مشكلات في الحلق وصعوبات في البلع وغيرها.
تشخيص حساسية الألبان
يخضع المصاب المحتمل بحساسية الحليب، إلى بعض الاختبارات والتحاليل القادرة على إثبات معاناته من هذه الحساسية من عدمها، حيث تتمثل في:
اختبار تحمل الحليب الجلدي
يشمل هذا الاختبار الذي يخضع له المصاب على يد الطبيب المختص، وضع قطرات بسيطة تحتوي على المنتج المتسبب في حساسية الجلد، وتحديدًا على الذراع أو الظهر، قبل انتظار النتيجة التالية، إذ تبدو فرص المعاناة فعليًا من حساسية الحليب شديدة الارتفاع إن ظهرت بعض النتوء المحاطة بالجلد الأحمر المصاب بالحكة على المنطقة التي تعرضت للاختبار.
تحليل الدم
يمكن للطبيب أن يلجأ إلى اختبار آخر قادر على استكشاف حقيقة معاناة المريض من حساسية الألبان، حيث يتمثل في تحليل دم يمكنه تحديد كم الأجسام المضادة بالجسم، من أجل إثبات الإصابة أو على العكس نفيها، مع الوضع في الاعتبار أن هذا التحليل قد يأتي بنتائج مخالفة للحقيقة، ما يتطلب دومًا الاعتماد على المزيد من الإجراءات التي يحددها الطبيب.
التجربة
هي الخطوة الثالثة التي يلجأ إليها الأطباء أحيانًا، حينما تصبح عملية التوصل بشكل جذري إلى إصابة المريض بحساسية الحليب معقدة، فيما تتمثل في تناوله أكلات تحتوي على بعض منتجات الألبان، ليبدو التشخيص في تلك الحالة مرهونًا برد فعل المريض.
علاج حساسية الألبان
يرى الأطباء أن علاج حساسية الألبان بصورة تامة يبقى من الأمور المعقدة التي لم يتوصل العلماء لنتيجة جذرية لها، إلا أن التحكم في أعراض تلك الحساسية يعد واردًا، إذ ينصح ضحية حساسية الحليب على سبيل المثال بتجنب جميع منتجات الألبان، أو حتى الأكلات الأخرى العادية والتي قد تحتوي على نسبة بسيطة من تلك المنتجات.
يبقى مريض حساسية الألبان بحاجة إذن إلى قراءة مكونات كل الأطعمة قبل اتخاذ قرار الشراء، حيث ينبه الخبراء إلى إمكانية احتواء بعض الأكلات على بروتينات الحليب بصورة غير متوقعة، مثل التونة المعلبة ومشروبات الطاقة وحتى بعض أنواع العلكة، علمًا بأن تناول الأكلات المحتوية على قليل من منتجات اللاكتوز يبقى مرفوضًا أيضًا.
في الختام، تبدو حساسية الألبان الشائعة بين الأطفال من الأزمات التي تعقد من مهمة الآباء في إطعام صغارهم بكل ما لذ وطاب، إلا أن تعدد الاختيارات المتاحة وإمكانية السيطرة على ما يتناوله الطفل الصغير، تقلل من الأعراض لتصبح تلك أولى خطوات العلاج.