هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة؟ يتبادر إلى ذهن الكثيرين هذا السؤال، خاصة من يمتلكون في أسرتهم أفرادًا كبارا في السن، والذين يصبحون عرضة للإصابة بالشلل الرعاش، أكثر من غيرهم، لذا فإن إجابة السؤال ومعرفة سير وتطور المرض أمر هام جدًا، لمساعدة المريض بشكل سليم أثناء رحلة علاجه.
شلل الرعاش
اختلف مفهوم الشلل الرعاش أو ما يعرف أيضًا باسم مرض باركنسون، فقد وصفه البعض بأنه مرض مباشر يصيب الدماغ، يؤثر بشكل كبير على حركة الفرد، وقد ينعكس أثره السلبي على الإدراك والتفكير أيضًا، في الحالات المتأخرة منه، ويؤثر مرض باركنسون على كل فرد بشكل مختلف، إذ يتم تشخيص بعض الأفراد بمرض باركنسون في وقت مبكر ومراحل عمرية صغيرة، ويظلون في هذه المراحل المبكرة لعدة سنوات، بينما يصل آخرون إلى المراحل المتقدمة من المرض بسرعة كبيرة.
ورغم أن بعض التحليلات لم تؤكد هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة أم لا، إلا أنه تم إثبات أن بعض المضاعفات المتعلقة بالمرض، من شأنها التقليل من متوسط السنوات بمدة تتراوح بين عام أو عامين، من عدد السنوات التي يقدرها الطبيب، من خلال توقعه للفترة التي سيعيشها مريض داء الشلل الرعاش.
اضطراب عصبي
بينما وصفه البعض بأنه اضطراب تنكسي عصبي، يحدث تدريجيًا في الدماغ، وينطوي فقط على الحركة، إذ يُحدث لدى المريض بطئا في الحركة، كما يسبب له رعشة وتصلبا، وعدم القدرة على التحكم في عضلات الجسم، الأمر الذي حدث حوله جدل بين العلماء، حيث يرى البعض أن مرض باركنسون لا يقتصر تأثيره على حركة الفرد، بل إن هناك مشاكل صحية أخرى تُعرف بالأعراض غير الحركية، وهي الأعراض الشائعة التي تشمل صعوبة في التحدث والكلام، وعدة مشكلات أخرى تؤثر سلبًا على نوعية حياة الفرد، وأنشطته اليومية، والتي تختلف من مريض لآخر في حدتها وسرعة تطورها.
أعراض شلل الرعاش
قبل الإجابة عن سؤال هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة؟ لا بد لنا من معرفة أعراض هذا المرض، حيث يمكن أن تساعد بعض العلاجات الدوائية والجراحية، في الحد من أعراضه، ولكنها لا تسهم بنسبة كبيرة في إبطاء تفاقم المرض وانتشاره بشكل سريع، إذ إنه بمرور الوقت قد يتدخل الشلل الرعاش في الأنشطة اليومية، ونوعية حياة الفرد، مما يؤثر على حركة المريض وبعض الأعراض الأخرى غير الحركية، والتي تتمثل في:
- الشعور بالاكتئاب والقلق، وبعض الاضطرابات المزاجية.
- فقدان الوزن.
- كثرة التبول.
- صعوبة في حاسة الشم.
- الإمساك.
- المعاناة أثناء الكلام والبلع.
- الشبع المبكر، حيث يشعر المريض بامتلاء معدته بعد تناول وجبة صغيرة جدًا.
- المعاناة من مشاكل في الانتباه والتخطيط والذاكرة، وهو ما يعرف بالتغيرات المعرفية.
- التعرق المفرط.
- الشعور الدائم بالإعياء.
- الأوهام والهلوسة.
- الشعور بالدوار بمجرد الوقوف.
- الأرق ليلًا والشعور بالنعاس المفرط نهارًا.
- حركة العين السريعة، وبعض المشاكل في الرؤية، خاصة عند محاولة القراءة عن قرب.
يصاب بعض الأشخاص بهذه الأعراض، قبل سنوات من الإصابة بالشلل الرعاش، وقد يصاب آخرون بعد الإصابة بفترة، وقد تتطلب الأعراض غير الحركية علاجًا إضافيًا لدى الكثير من الأشخاص، حيث يمكن أن تتطور بسرعة كبيرة جدًا مع تقدم المرض، حتى يصاب الشخص بها جميعًا.
مراحل مرض شلل الرعاش
المرحلة الأولى
في هذه المرحلة يقل عدد الاستفسارات، ولا يتكرر السؤال المعتاد، لمعرفة هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة أم لا، إذ تعد المرحلة الأولى أخف أشكال مرض باركنسون، والتي تتضمن بعض الأعراض السابق ذكرها، ولكنها لا تكون حادة أو شديدة، بالدرجة التي تجعلها تتحكم في الحياة اليومية للمريض، ونمط حياته بشكل عام، يمكننا القول إن الأعراض في هذه الفترة تكون قليلة أو شبه منعدمة، حتى إنه يمكن تجاهلها من قبل المريض نفسه، أو الأشخاص المحيطين به وأفراد عائلته وأصدقائه.
أعراض أولية
من الأعراض المميزة الأولية لهذه المرحلة، الرعشة وبعض الهزات غير الملحوظة أثناء الحركة، والتي تكون مقتصرة على جانب واحد فقط من الجسم، ويمكن أن تعمل الأدوية العلاجية بشكل فعال، للحد من أعراض هذه المرحلة.
المرحلة الثانية
قد يستغرق تطور المرض من المرحلة الأولى إلى الثانية عدة شهور، أو عدة سنوات، وتمثل هذه المرحلة شكلاً معتدلاً من مرض باركنسون، إذ تكون الأعراض بارزة أكثر من تلك التي حدثت في المرحلة الأولى، فنجد أن علامات التصلب والرعشة والهزات، أصبحت جليَة وأكثر وضوحًا، بالإضافة أيضًا إلى بعض تغيرات تعبير الوجه الواضحة.
أبرز الأعراض
من أبرز أعراض المرحلة الثانية صعوبة المشي عند الشخص المصاب، بالإضافة إلى تصلب العضلات، التي تؤثر على وضع المريض الجسدي بشكل عام، ورغم ذلك فإن هذه المرحلة لا تضعف توازن الفرد، كذلك يمكن أن تكون هناك صعوبات في الكلام، يواجهها الأشخاص المصابون بالشلل الرعاش في هذه المرحلة.
بالإضافة إلى شعورهم بعدة أعراض مختلفة على جانبي الجسم، على الرغم من أن جانبًا واحدًا فقط هو المتأثر بشكل فعلي، ومع ذلك لا تزال إقامة المريض بمفرده في هذه المرحلة خيارًا متاحًا، إذ إنه يستطيع تقديم الخدمات لنفسه بكفاءة عالية، حتى وإن استغرق الأمر وقتًا أطول لإتمام المهام.
المرحلة الثالثة
تعد المرحلة الثالثة هي المرحلة المتوسطة من مرض شلل الرعاش، بل تمثل نقطة تحول رئيسية في تطور المرض، وهنا تظهر العلامات والأعراض المماثلة لأعراض المرحلة الثانية، ولكنها تكون أكثر حدة، فيصبح المريض أكثر عرضة للإصابة باختلال التوازن، والانخفاض الملحوظ في ردود أفعاله، بل وتصبح جميع تحركاته أبطأ بشكل عام، الأمر الذي يسبب سقوطه بكثرة خلال هذه المرحلة، ورغم ذلك يكون الفرد قادرًا على إتمام مهامه بنفسه إذا ما تناول الأدوية المعالجة بانتظام، وسعى إلى العلاج المهني الذي يسهم بنسبة كبيرة في الحد من الأعراض.
المرحلة الرابعة
المرحلة الرابعة، حيث تكمن بداية المعاناة، ويستشعر الأهل والمحيطون بالمريض الخطر مع التساؤل حول هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة؟ ويمكننا القول إن هذه المرحلة تفصل الأشخاص المصابين بها، عن أولئك المصابين بالمرحلة الثالثة، إذ يصبح الكثير من المرضى غير قادرين على العيش بمفردهم، نتيجة الانخفاض الكبير في رد الفعل والاستجابة، والحركة والمشي، وعلى الرغم من أن الشخص يمكنه الوقوف دون مساعدة أحد، إلا أن حركته تتطلب جهازًا للمشي، أو أي نوع من الأجهزة المساعدة، فتصبح العديد من الأمور اليومية البسيطة شيئا يستحيل القيام به، بل وتكون خطيرة جدًا في بعض الأحيان.
المرحلة الخامسة
هي المرحلة الأخطر و الأكثر تقدمًا من مرض باركنسون، إذ يحتاج الأشخاص المصابون بهذه المرحلة إلى كرسي متحرك، حيث يكون الوقوف أو المشي مستحيلًا بالنسبة لهم، بل إن وقوفهم بمفردهم قد يؤدي إلى سقوطهم في الحال، لذا يعد تواجد مرافق لمريض المرحلة الخامسة، أمرًا ضروريًا جدًا، للاعتناء به وحمايته على مدار اليوم.
أعراض متأخرة
من الأعراض المتأخرة خلال هذه المرحلة تصلب الساقين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تجمد القدمين عند الوقوف، مما يجعل المشي أمرًا مستحيلًا، بالإضافة إلى معاناة نحو 50% من مصابي هذه المرحلة، بحالات ارتباك وأوهام وهلوسة، إذ يبدأ المريض في رؤية أشياء من حوله ليس لها وجود، وحتى إن تم إخباره بعدم مصداقية ما يراه، فسيظل يراه ويصدقه.
كما يعد الخرف من الأعراض الشائعة أيضًا، إذ يصيب ما بين 50% – 80% من الأشخاص المصابين بالمرحلة الخامسة، وهو ما أكدته إحصائيات جمعية ألزهايمر، أثناء دراستها لحالات مختلفة مصابة بالباركنسون، مما دفع الكثير لمحاولة معرفة هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة، أم تتوقف عوامل الخطر إلى هذا الحد فقط.
هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة؟
لا تزال التساؤلات مطروحة، إذ يسعى الكثير لمعرفة هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة، وهل تعد أسبابه وراثية، أم ليس لها ارتباط وثيق بالأمراض الوراثية في العائلة، والتي تتعلق بالباركنسون، ورغم أنه لا يوجد سبب واضح للإصابة بالمرض حتى وقتنا هذا، إلا أن هناك عدة عوامل مؤدية للمرض.
أسباب المرض
تتعدد العوامل المؤدية لمرض شلل الرعاش، وتتمثل في الآتي:
عوامل وراثية
كيف تؤثر الجينات على مرض شلل الرعاش في بعض العائلات؟ كان هذا السؤال الذي أجريت عليه بعض الدراسات في الصين عام 2020، والتي شملت 1676 شخصًا مصابًا بمرض باركنسون، حيث توقع بعض العلماء أن الجينات تلعب دورًا هامًا في تطور حالة المريض.
وقد تم تقدير نسبة المصابين بمرض باركنسون، الذين لديهم تاريخ عائلي لهذه الحالة، بنحو 10% إلى 15%، مما أدى إلى ربط عدد من الجينات المحددة بتطور مرض باركنسون، وفقًا لبعض مراجع علم الوراثة، التي أوضحت إحدى الطرق الممكنة في حدوث طفرة للجينات الوراثية، المسؤولة عن إنتاج بعض البروتينات الأساسية لوظيفة الدماغ، بالإضافة إلى الدوبامين، وهو مادة كيميائية وناقل عصبي، يقوم بإرسال إشارات بين الجسم والدماغ، والذي يؤدي نقصه إلى الإصابة بعدة أمراض، منها مرض الباركنسون.
عوامل بيئية
قد تلعب البيئة أيضًا دورًا كبيرًا في إصابة الفرد بالمرض، إذ يعد التعرض المتواصل لبعض المواد الكيميائية، بمثابة حلقة وصل بين الفرد وشلل الرعاش، حيث يرفع من درجة خطر الإصابة، وتشمل هذه المواد:
- مبيدات الأعشاب.
- مبيدات الفطريات.
- بعض أنواع المبيدات الحشرية.
تقدم العمر
يعد التقدم في العمر أو الشيخوخة، من أهم أسباب الإصابة بمرض باركنسون، إذ تزداد عوامل خطر الإصابة لدى كبار السن، مقارنة بصغار السن، حيث يبدأ المرض عادةً في منتصف العمر، ويرتفع مستوى الخطر والأعراض السلبية بنسبة أكبر، عند الأشخاص البالغين من العمر 60 عامًا أو أكثر.
ويعتقد العلماء أن السبب في ذلك، هو ضمور وظيفة الدماغ ومادة الدوبامين الكيميائية، والتي تبدأ في التدهور مع تقدم الجسم في العمر، وهو ما يجعل كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالمرض، الأمر الذي يثير ذعر ذويهم، ويزيد من مخاوفهم وتساؤلاتهم، لمعرفة هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة بمرور الوقت، أم أنه يقتصر على تفاقم الأعراض فقط.
علاج شلل الرعاش
لا يوجد علاج محدد لمرض باركنسون، كانت هذه الإجابة الصادمة للكثيرين، عندما تساءلوا هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة أم لا، وهي الإجابة التي أكدها العلماء بحلول عام 2021، والذين قاموا أيضًا بنفي وجود سبب محدد يؤدي إلى مرض باركنسون، إذ اعتبروه مزيجًا من حساسية الفرد تجاه العوامل البيئية المحيطة به.
وقد استبعدوا بذلك فكرة أن يكون السبب وراثيا، إذ إن غالبية الحالات المصابة بشلل الرعاش، لا يوجد لديها عوامل وراثية في العائلة، وهو ما تم تأكيده بحسب البحث المنشور عام 2012، والذي تضمن بعض الإحصائيات، التي أفادت بوجود 10% فقط من المصابين بمرض باركنسون، الذين أصيب أحد أفراد أسرتهم بالمرض سالفًا، كما أكدت الإحصائيات أيضًا أن عدد الرجال يعادل ضعف عدد النساء المصابات بالمرض.
العلاج المبكر
رغم ذلك فإن العلماء قد تنبؤوا بإمكانية العلاج المبكر للمرض، وهو الأمر المترتب على الاكتشاف المبكر، المؤدي إلى فهم الأعراض الحركية وغير الحركية لمرض باركنسون، إذ يمكن أن تسهم معرفة عوامل الخطر، المحيطة بالشخص في المرحلة الأولى للمرض، إلى مساعدة المريض وتسهيل نوعية الحياة التي يعيشها، ولكن قبل ذلك يجب مراعاة الفروق، كما يجب الوضع في الاعتبار أن هناك اختلافات كبيرة، تتعلق بمرحلة المرض وأعراضها بين الأفراد.
هل مرض باركنسون مميت؟
حسنًا، هل شلل الرعاش يؤدي إلى الوفاة؟ لا يمكن الإجابة بنعم أو لا، أو الجزم بأمر في علم الغيب، ورغم ذلك فإن هناك إجماعا على أن مرض باركنسون لا يؤدي إلى الموت، ولكن أعراضه المتطورة قد تكون مميتة في بعض الأحيان، إذ يمكن أن يتعرض الشخص المصاب للسقوط من مكان مرتفع، أو بعض المشاكل الأخرى المشابهة، نتيجة الخلل في الحركة وعدم القدرة على التحكم في توازن الجسم.
بالإضافة أيضًا إلى بعض الأعراض الأخرى المتعلقة بصعوبة البلع، والتي من شأنها إحداث حالة التهاب رئوي تنفسي، الأمر الناتج عن بلع الأطعمة بطريقة خاطئة تضر الرئتين، لذا من الضروري جدًا الاعتناء بمريض باركنسون، ومراقبته أثناء تناوله للطعام، أو إطعامه من قبل المرافقين له إن أمكن.