لماذا يميل الأغنياء إلى خرق القوانين مثل الغش والكذب والسرقة؟ يبدو السؤال منطقيا ومبررا، إذا ما وضعنا بعين الاعتبار هيمنة أخبار جرائم الأغنياء وذوي النفوذ، وسيطرتها على الساحة.
كشفت محاكمة بول مانافورت، رئيس حملة دونالد ترامب الانتخابية السابق، تفاصيل عن جرائمه التي اتهم بارتكابها، وهي الاحتيال على البنوك ونهب عشرات الملايين من الدولارات، والتهرب من الضرائب عن طريق نقل مبالغ ضخمة في حسابات خارجية، وكسب ثروات من أعمال غير مشروعة للحكومات الأجنبية.
كما اعترف مساعده ريك غيتس بشأن ثروته الصغيرة التي اختلسها واستثمرها حول العالم، ومن ثم توالت الفضائح حينما كلف النائب كريس كولينز بالكشف عنها، فأظهرت التحريات أن أعضاء مجلس ترامب ينتهكون قواعد الحكومة وأخلاقيات العمل ويستنزفون موارد الحكومة بشكل كبير.
داشر كلينتر عالم النفس بجامعة كاليفورنيا.. يقول مؤخرا إنه بعد أن أمضى عقودا في دراسة الثروة والسلطة يستطيع أن يؤكد بأن للسلطة تأثيرا كبيرا وواقعيا ومحزنا في نفس الوقت على الحياة البشرية. كما قال بأنه ثمة اتفاق غير معلن بين الجميع ينص على أنه طالما لديك الثروة والسلطة فأنت فوق القانون.
إحدى التجارب التي قام بها بعض الباحثين، كانت التمركز في تقاطع مزدحم به 4 إشارات مرور لجميع الاتجاهات، وذلك لمتابعة حركة السير ورصد المخالفين لأنظمة المرور، ووجدوا مع المتابعة ومرور الوقت أن أصحاب السيارات باهظة الثمن هم الذين يميلون دوما لتجاهل قوانين المرور، وقطع الإشارات.
وفي العقود القليلة الماضية، حاولت مجموعة متنامية من أبحاث علم النفس التقاط الآثار الدقيقة للثروة على السلوك البشري والأخلاق، وأظهر هذا البحث أن الأغنياء دوما هم الذين يميلون للتلاعب بضرائبهم، والتهرب من المستحقات الواجبة عليهم، حتى أنهم يحاولون الغش في ألعاب الحظ، كما أنهم الأقل تعاطفا في معظم الأحيان؛ لذا نجد الأسر ذات الدخل المنخفض هي التي تتبرع بنسب أعلى من دخلها عن الطبقة المتوسطة أو ذوي الدخل العالي.
يذكر الباحثون أن الكثير من الأبحاث النفسية في الثروة والسلطة جديدة نسبيا، ولا يزال العديد من هذه النتائج قيد الاختبار، لذا يلزم القيام بالمزيد منها للتأكد من هذا الأمر ووضعه في الاعتبار.
ويقول مايكل كراوس، أخصائي علم النفس الاجتماعي في كلية ييل للإدارة: “إن هناك خلافات حول التأثير الدقيق للثروة والأخلاق، ومدى قوة هذا التأثير، لكن الأبحاث لم تشهد أبدا مثل هذا الاهتمام والزخم المتزايد، مع تزايد عدم المساواة في الولايات المتحدة”، ويضيف: “إذا قام شخص مثلي بسرقة شيء ما، فإنه يؤثر فقط على حفنة من الناس، ولكن إذا قام شخص مثل مانافورت بسرقة أو كذب فإن هذا يؤثر على عدد أكبر من الناس”.