تخيل لو أصبح العالم من دون حيوانات ضالة، ربما يتوقع البعض أن السير في شوارع تخلو من تلك الحيوانات المعذبة وتحديدا من الكلاب الضالة، التي لا تجد الطعام ولا الشراب، هو حلم بعيد المنال، لكنه تحقق على أرض الواقع بالفعل في هولندا، التي صارت الآن دولة خالية من الكلاب الضالة، فكيف حدث ذلك؟
انتشار الكلاب الضالة
تتعدد الأمور التي تلفت انتباه السياح عند زيارة دولة هولندا، ومن بينها اختفاء تام للكلاب الضالة عن شوارعها، وهو الإنجاز الحقيقي الذي لم يتحقق بين ليلة وضحاها في بلاد الطواحين، ولكن بعد عناء طويل نظرا للانتشار غير الطبيعي للحيوانات الضالة منذ عشرات بل ومئات السنوات، ليس في هولندا وحدها بل بأغلب دول العالم.
بدأت أزمة انتشار الكلاب الضالة على وجه التحديد في القرن الـ19، حينما كانت الوجاهة الاجتماعية تقتضي امتلاك كلب واحد على الأقل في المنزل، حيث امتلك الجميع الكلاب، أثرياء كانوا أو فقراء، فيما ساهموا في تغذيتها وفي زيادة نسلها، قبل أن يفقد بعض المواطنين القدرة على رعاية كلابهم لضيق ذات اليد، لذا كان الحل الأسهل بالنسبة لهم هو التخلي عن تلك الكلاب الأليفة للشوارع والطرقات، وخاصة في ظل خوف البعض من حمل تلك الكلاب لأمراض معدية في زمن انتشار الأوبئة.
هولندا بدون كلاب ضالة
في وقت وصلت فيه أعداد الحيوانات الضالة وفقا لمنظمة الصحة العالمية، إلى 200 مليون حيوان حول العالم، تمتع المسؤولون في هولندا بالحزم والحسم اللازم لتطبيق قوانين جذرية، على أمل القضاء على ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في شوارعها للأبد.
استهلت هولندا الأمر عبر إجراء التعقيم الإلزامي للكلاب هناك، من أجل تحديد نسل تلك الحيوانات الأليفة، ما نتج عنه تراجع كبير في نسب الولادة بينها، كذلك تم إجراء الكشوفات الصحية الدائمة على الكلاب الضالة، لتسهيل مهمة انضمامها لملاجئ الحيوانات، التي تعد إحدى وسائل تبني الكلاب فيما بعد.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم تشريع قوانين تنص على منع تخلي ملاك الكلاب عن حيواناتهم الأليفة، ليصل الأمر إلى توقيع عقوبة بالسجن لـ3 سنوات، على كل من يلقي بكلابه إلى الشوارع تحت أي ظرف، أو من يقوم بإلحاق الأذى بهم، علاوة على توعية المواطنين بضرورة الاتصال بمؤسسات رعاية الحيوانات فور ملاحظة وجود أي من الكلاب الضالة بلا مأوى في الشوارع.
أدت كل تلك المحاولات والجهود طويلة الأجل في النهاية إلى اختفاء الكلاب الضالة بصورة تامة عن شوارع وطرقات هولندا، التي نجحت شعبا وحكومة في التخلص من أزمة تشغل بال الكثير من الدول الأخرى حول العالم حتى وقتنا هذا.