وسواس الدراسة نوع من أنواع الوسواس القهري؛ والذي يصيب أكثر من 2% من الأفراد حول العالم؛ حيث يتولد عنه شعور كبير بالفشل والشعور بالذنب؛ حينها يقف الشخص أمام الجزء المراد حفظه ومذاكرته حائرًا ومشوشًا؛ فهو أحد المشاعر المرهقة والقاسية نفسيًا وعصبيًا، كما تعيق تلك الوساوس والأفكار السلبية المتكررة تقدم الفرد في حياته العلمية والدراسية؛ بل وتنعكس على كافة جوانب حياته بشكلٍ كبير.
وسواس الدراسة القهري
رد فعل إجباري مبالغ فيه يظهر عند التعرض لمثير معين وهو المذاكرة أو اقتراب الامتحان؛ وبالرغم من مقاومة المريض لتلك الأفكار والمشاعر التي تمثل عبئا كبيرا بالنسبة له وإيمانه بسخافتها؛ إلا أنه ينصاع مجبرًا للاستجابة لها، مما يوقعه كفريسة للكثير من الاضطرابات النفسية؛ مثل: القلق والتوتر مع عدم الرضا عما تم إنجازه ومذاكرته، فيتوقف عن نقطة معينة؛ ليعاود مذاكرتها مرات ومرات عديدة ودون القدرة على الانتقال إلى ما بعدها.
أسباب الإصابة بوسواس الدراسة
هناك بعض الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى إصابة الشخص بهذا الاضطراب القهري؛ من أبرزها ما يلي:
- التعرض لبعض الضغوط النفسية الشديدة؛ وخاصةً عند الرغبة في تحقيق مستوى دراسي مميز، وضغط الوالدين للوصول لذلك المستوى من أهم المسببات الرئيسة لذلك الاضطراب النفسي.
- مواجهة بعض الظروف الاجتماعية التي تعمل كعائق أمام طموح الشخص العلمي.
- الإجهاد النفسي والعضوي؛ نتيجة للمجهود الكبير المبذول في محاولات الاستذكار، أو ضيق الوقت؛ كلها أسباب تدفع الشخص للتعبير عنها في صورة وسواس الدراسة القهري.
التفسير العضوي للوسواس
يُرجع البعض ذلك المرض النفسي إلى خلل استجابة أجزاء من خلايا الدماغ لهرمون السيروتونين واضطراب وظائف بعض أجزاء المخ؛ بالإضافة إلى العوامل الوراثية والجينية من أهم العوامل المسببة للإصابة بالوسواس القهري بمختلف أنواعه؛ حيث تزيد نسب الإصابة بوسواس الدراسة وغيره من أشكال الوساوس في الأسرة التي لها تاريخ مرضي بهذا الخلل أو أحد الاضطرابات النفسية المتعلقة به.
أعراض الإصابة بوسواس الدراسة
هناك عدد من العلامات المزعجة للإصابة بوسواس المذاكرة والتي تختلف من حالة إلى أخرى بحسب حدة الإصابة بالمرض؛ كما أنها متفاوتة الحدة من وقت إلى آخر تبعًا للظروف البيئية المحيطة بالمريض؛ والتي قد تتطور لتصل إلى بعض المضاعفات الخطيرة التي قد تهدد حياة المريض، نذكر منها:
- التكرار لمرات مبالغ فيها لكل معلومة مع رفع الصوت بها في بعض الأحيان.
- عدم الرضا والشعور بالذنب بالرغم من بذل مجهود كبير لدراسة الجزء المطلوب.
- السعي للكمال والدقة المتناهية عند الدراسة.
- القيام بحركات متكررة ومزعجة أثناء الاستذكار؛ مثل: العبث الدائم بشيءٍ ما أو الطرق على المنضدة.
- عدم القدرة على التركيز لفترة طويلة وتشتت الانتباه.
- النسيان السريع للمادة العلمية بالرغم من الجهد الكبير المبذول عند دراستها.
- تزاحم الأفكار والتساؤلات الساذجة على المخ بمجرد البدء في الدراسة.
- الأرق المصاحب للقلق والتوتر الناتج عن وسواس الدراسة.
- الإصابة برهاب الدراسة والعزوف عنها بشكل كامل.
علاج وسواس الدراسة
تنقسم طرق التخلص من ذلك المرض المزعج؛ ومن ثم إعطاء المريض الفرصة للمضي قدمًا في حياته الدراسية والعلمية إلى 3 سبل، والتي تتكامل فيما بينها للوصول إلى أسرع وأفضل النتائج؛ وهي:
العلاج النفسي
يخضع فيه المريض لجلسات الاستشارة النفسية المنتظمة مع طبيب نفسي مختص يتم خلالها تحليل الحالة المرضية للفرد والأعراض الأكثر تكرارًا وما تنتج عنه من أسباب ومثيرات؛ لوضع بعض الإرشادات وخطوات التغلب على ذلك الاضطراب؛ حيث يساعد رسم صورة واضحة لما يتعرض له المريض في التخلص منه بنسبة كبيرة؛ لذا فمن الضروري اللجوء للعلاج في المراحل المبكرة للمرض؛ لتجنب أي مضاعفات أو مخاطر قد تنتج عن تفاقم المشكلة.
العلاج السلوكي
يخضع فيه الفرد إلى تجارب من التعرض للإثارة بتكليفه بمذاكرة جزء معين من إحدى المواد الدراسية، وعند بداية ظهور الأعراض الإجبارية للوسواس يُمنع فورًا من التمادي والاسترسال فيها، ويتم الاستعانة هنا بمساعدة الوالدين وبعض الأدوية المهدئة؛ ليسهل السيطرة على تلك الأعراض والتخلص منها بالتدريج؛ فيما يُسمى بطريقة التعرض ومنع الاستجابة.
العلاج الدوائي
يجب أن يخضع لإشراف طبي مباشر؛ لتحديد المناسب منها والجرعة المطلوبة تبعًا للحالة، حيث تساعد على التخفيف من كثير من أعراض الوسواس بنسبة قد تصل إلى 90% اعتمادًا على تأثيرها الكبير على رفع إنتاج هرمون السيروتونين بالمخ فيما يُسمى بمثبطات إعادة سحب السيروتونين الاختيارية (SSRI)؛ وتظهر نتيجة العلاج الدوائي في مدة تتراوح بين 6 إلى 12 أسبوعًا.
كيفية التعامل مع مريض وسواس الدراسة؟
من الضروري حصول المريض بذلك الخلل النفسي والسلوكي على الدعم الكامل من المقربين له ومحاولة تشجيعه على تجاوز تلك الوساوس والتأقلم مع البيئة المحيطة؛ ليتفاعل مع ما يمر به من مواقف قد تثير وسواس الدراسة لديه بأقل قدر من الاستجابة المبالغ فيها كعرض من أعراض مرضه؛ مع تجنب توجيه النقد أو اللوم إليه، وقد يُفيد أيضًا:
- ممارسة قدر مناسب من التمارين الرياضية والتي تعمل على تحسين الحالة النفسية والمزاجية.
- تمارين الاسترخاء معزز قوي لصفاء الذهن وزيادة القدرة على التركيز والاستذكار؛ مثل: اليوجا.
- العمل على تنظيم الوقت وتقسيمه بما يتناسب مع كل جزء من أجزاء المادة العلمية وعدم الاسترسال في نقطة معينة لوقت طويل.
- تحري الأوقات الأفضل للدراسة، والتي تساعد على المزيد من السيطرة على الأعراض الوسواسية المزعجة كالصباح الباكر.
هل توجد مضاعفات لوسواس الدراسة؟
للأسف هناك بعض المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى الدخول في حالات من الاكتئاب الحاد واليأس؛ مع فقد الرغبة في الحياة والتفكير في الانتحار الناتج عن الإحساس بالفشل الدراسي، والرغبة في الهروب من ذلك الخلل النفسي الذي ينعكس على حياته الاجتماعية والعملية.
في الختام… فإن الإصابة بالوسواس القهري (OCD) من الأمراض النفسية المنتشرة بأنواعه المختلفة في وقتنا الحالي وعلى رأسها وسواس الدراسة، والذي قد تتم الإصابة به منذ مرحلة الطفولة وتستمر لسنوات طويلة، ولكن إيمان الشخص بمروره بمشكلة نفسية تحتاج إلى التعامل معها بطريقة مناسبة ومحاولاته في السيطرة على الأفكار القهرية الناتجة عن وسواس الدراسة، هي أولى خطوات التخلص من ذلك المرض.