دراسة علمية يبدو أنها توصلت إلى وسيلة غير متوقعة، من أجل علاج الأبناء المصابين باضطرابات قلق وأزمات نفسية، حيث يتمثل الحل السحري في علاج الآباء والأمهات أنفسهم، ترى كيف يحدث ذلك؟
علاج الأبناء
يدرك أغلبنا أن اهتمام الوالدين المبالغ بالأبناء، يتسبب في كثير من الأحيان في حدوث نتائج عكسية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 76% من الآباء ينبهون أبناءهم البالغين باستمرار للواجبات المفروضة عليهم، مقابل 74% يقومون بتحديد أو حجز المواعيد لهم، بما تشمل من زيارات الأطباء، حتى يتطور الأمر إلى قيام نحو 14% من الآباء والأمهات بتحديد المسار الدراسي والعملي لأبنائهم، ما يحذر الخبراء منه بكل وضوح عبر دراسة حديثة.
تكشف الدراسة التي أجراها الباحثون من جامعة ييل الأمريكية، عن أن التأثير للسلبي للتوجيهات الدائمة، من قبل الوالدين ولصالح الأبناء، يتمثل هنا في صعوبة اعتماد الأبناء لاحقا على أنفسهم، في مواجهة مصاعب الحياة، ليتسبب ذلك في إصابتهم بالاضطرابات النفسية.
يوضح الباحثون وراء الدراسة الأخيرة الأمر، عبر الإشارة إلى الأزمة الأخرى والأكثر تعقيدا، والخاصة بصعوبة التعامل لاحقا مع الابن المصاب بأزمة أو اضطراب نفسي، حيث يحتاج باستمرار إلى الدعم والمساندة من جانب الوالدين، وكذلك إلى الصبر، حتى يعود المريض إلى سابق عهده، ما يشير هنا إلى أهمية خضوع الوالدين لجلسات علاج للقلق، حتى يكونوا أكثر قدرة على معاونة الابن المصاب في محنته.
الدراسة
لجأ الباحثون إلى إجراء دراسة للتأكد من جدوى علاج الآباء دون علاج الأبناء، حيث تم اختيار عدد من الأطفال المصابين بالاضطرابات النفسية، بعضهم تقرر خضوعه لجلسات العلاج السلوكي المعرفي، والبعض الآخر لم يخضعوا للعلاج نفسه بل قام الباحثون بإشراك آبائهم وأمهاتهم في جلسات توعوية أخرى، تهدف لتحسين التعامل مع الطفل المصاب.
توصل الخبراء بعد مرور 12 أسبوعا من الجلسات، إلى أن تحسن الأطفال الذين خضعوا للعلاج السلوكي المعرفي، يوازي تماما ذلك التحسن الذي حدث للأطفال الآخرين الذين لم يحضروا تلك الجلسات، بل قام آباؤهم بحضورها، الأمر الذي ينبه إلى احتمالية علاج الاضطرابات النفسية لدى الأبناء عبر علاج الآباء أنفسهم، وخاصة مع استفادة الوالدين بتلك الجلسات على المدى البعيد.
في النهاية، يوصي خبراء علم النفس بضرورة ترك مساحة من الحرية للأبناء، حتى يعتادوا مواجهة المواقف الصعبة في الحياة، من دون الوقوع في أزمات نفسية قد يطول علاجها.