عرف بإنسان النياندرتال، وعاش على الأرض قبل 50 ألف عام في مكان غير محدد بدقة، قيل إنه يقع في كهف فرنسي بالقرب من مدينة “ليل”، سكن هناك في شكله غير المألوف للشكل البشري المعتاد حاليا، بقامة القصيرة ومنكبين عريضين وحاجبين كثيفين، وجمجمة أشبه بالشكل البيضاوي، مع ظهر منحنٍ بعض الشيء وجسم ينم عن امتلاء، واستطاع بمحض الصدفة تقديم أعظم اكتشاف للبشرية من خلال حجرين ولّدا نارا.
ويذكر أنه في ذلك الوقت، استوطن سطح الأرض 3 سلالات بشرية أخرى، كان إنسان نياندرتال أشهرها، وتواجد بكثرة في القارة الأوربية بعدة مناطق بها، ولكن حياته ظلت غامضة، نتيجة لندرة الحفريات التي يمكن أن تساعد في تحديد نمط حياته.
إلا أن هناك بعض الحفريات، التي تشير إلى أن آخر مجموعة من سلالة نياندرتال عاشت قبل اندثارها، في صخرة جبل طارق في الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة الإيبيرية، واختفت آثارها منذ 28 ألف عام، وهو التاريخ الذي يُرجّح أنه شهد اندثار تلك السلالة البشرية، كما عُثر على أدلة تثبت أن إنسان نياندرتال في فتراته الأخيرة أصبح أكثر شبها بالإنسان الحديث (الهومو سابينس) أو الإنسان العاقل.
وهنا يقف موقع قل ودل ليبرز أهم الحقائق والعجائب حول إنسان النياندرتال.
- I. اكتشاف النار
- II. النياندرتال ليس أبلها!
- III. حالة من عدم الاستقرار
- IV. سباح ماهر
- V. النسور الجارحة طعامه المفضل
- VI. التواصل الاجتماعي
- VII. صنع أدواته من ضلوع الغزلان
- VIII. إناث النياندرتال تزينّ بالحلي
- IX. زواج النياندرتال بالإنسان العاقل
- X. تكهنات حول أسباب الانقراض
- XI. إنسان النياندرتال يقدس الموت
اكتشاف النار
يعود الفضل لإنسان النياندرتال في إشعال النار من مصادرها الأولى، وفقا لبحث، نُشر بدورية “ساينتفك ريبورتس“، وهو ما يدل على قدراته العقلية المميزة.
حيث اكتشف شرارتها مع احتكاك الأحجار ببعضها وتمكن من تسخيرها لإضاءة كهفه الأوروبي، كما استمد منها قوة جديدة، وهي قوة التحكم في النار وتسخيرها لخدمته وأغراضه الأخرى.
النياندرتال ليس أبلها!
بالنظر لمساهمته بذلك الاكتشاف في الطقس الأوروبي البارد، يثبت النياندرتال افتراء الصورة الشائعة عنه، والتي دائما ما تصوره كائنا أخرق همجيا قصير القامة.
إلا أن دراسات صدرت عن جامعة كولورادو بولدر، أجرتها الباحثة باولا فيلا، أكدت تشابه جينات بالحمض النووي لإنسان نياندرتال مع الحمض النووي للإنسان الحديث، وتطابقهما بنسبة 99.5%
حالة من عدم الاستقرار
كانت حياة إنسان نياندرتال، غير مستقرة، فأخذ يتنقل في رحلات من وإلى الكهوف لأكثر من 100 ألف عام، ففي ذلك الوقت لم يكن للحدود وجود أو معنى، فكان إنسان النياندرتال يرتع في وسط القارة الأوروبية، وهذا ما أوضحته أول جمجمة كاملة لإنسان نياندرتال بالغ، تم اكتُشافها في جبل طارق، عام 1848، والتي أدت إلى العُثور على عظام 7 جماجم أخرى.
سباح ماهر
من خلال الحفريات، وبعد تحليلها جينيا، ثبت أن إنسان النياندرتال كان يستطيع السباحة، كما كان يصطاد الأسماك والكائنات البحرية ويأكل من فواكه البحر، كما كان يصطاد الدلافين، والحيوانات الضخمة، كالماموث، ووحيد القرن الصوفي والغزلان، وربما كان يأكل جيفتها.
النسور الجارحة طعامه المفضل
تبين من الـ150 عظمة من العظام التي عُثر عليها بكهف “غروهام”، أن الطيور كانت الطعام المفضل لإنسان النياندرتال، وخاصة الطيور الجارحة مثل النسر الذهبي، حيث تحمل الكثير من عظامها علامات لأسنانه، كما كان يعيش على الجمع والالتقاط.
في حين يبقى السؤال حول كيفية اصطياد تلك الطيور، ولكن من المؤكد أنه لم يكن يصطادها إلا لأكل لحومها فقط.
التواصل الاجتماعي
تمكن إنسان النياندرتال، من التحدث شأنه شأن الإنسان العادي، وقد أثبت ذلك منذ عام 2013، من خلال فريق بحثي بجامعة نيو إنجلاند الأسترالية، والتي عملت على تحليل وتشريح العظم اللامي للنياندرتال والذي يلعب دورا هاما في الكلام، وخلص الباحثون إلى تشابه العظم لإنسان النياندرتال مع نظيره العادي.
في نفس الوقت اكتشف علماء الأنثروبولوجيا، أن أذن إنسان النياندرتال، مماثلة في تكوينها لأذن الإنسان المعاصر، الأمر الذي يفسر فهمه للكلام وبالتالي إعادته، أي قدرته على التواصل وتبادل المعلومات عن الأمور الحياتية كتصنيع أدواته، والمطالبة باحتياجاته.
صنع أدواته من ضلوع الغزلان
وبالحديث عن تبادل المعلومات حول أدواته، فقد عثر باحثون بجامعة ليدن بهولندا، من خلال البحث في مناطق عاش فيها الإنسان الحديث، على أداة كانت شائعة في كهوف إنسان النياندرتال، واستخدمت بكثرة وساعدته في إنجاز مهامه، وصنع النياندرتال هذه الأداة من أجزاء من ضلوع الغزلان واستخدمها لتنعيم جلود الحيوانات، وكان يحاكي الأدوات اليدوية التي استخدمها.
إناث النياندرتال تزينّ بالحلي
لم يهمل إنسان النياندرتال نفسه، فقد اكتشف العلماء في 2014، أدلة على أن إنسان النياندرتال كان يستخدم المحار وصبغات المغرة الحمراء لأغراض الزينة.
كما أثبتت عمليات التشريح، أن علامات القطع الموجودة على بقايا الطيور في كهوف النياندرتال، كانت عند عظام الأجنحة فقط، وهي لا تحتوي بطبيعتها إلا على القليل من اللحم، لتزيد احتمالية صيدها من أجل الحصول على الريش، وخاصة الطيور ذات الريش الأسود، لاستخدامه في أغراض الزينة مثل الحلي.
زواج النياندرتال بالإنسان العاقل
تشير القصص إلى أن الإنسان الحديث عندما هاجر من إفريقيا إلى أوروبا، التقى بإنسان النياندرتال، فتزوج منه وتناسل، واختلطت الجينات معا، وتكثف مساعي العلماء لإثبات الأدلة على حدوث هذا التمازج الجيني الذي حدث خلال عصور ما قبل التاريخ، مقتدين في ذلك بأول الخيوط التي طابقتها الأحماض النووية، والتي تثبت أن الإنسان الحديث لا يزال يحمل نحو 20% من الحمض النووي لإنسان النياندرتال.
تكهنات حول أسباب الانقراض
كثرت التكهنات حول سبب فناء تلك السلالة البشرية، وترجع غالبا إلى عدم قدرة إنسان النياندرتال على البقاء ومواجهة صعوبات الحياة، كما فعل الإنسان الحديث، فخلال السنوات التي سبقت فناءه، واجه النياندرتال تحديات لم يكن مهيئا للتعامل معها.
وأبرز تلك الأسباب تتلخص في أن سلالة النياندرتال كانت تعيش في بيئات قاسية، إذ دفعتهم البرودة في سائر مناطق أوروبا إلى الانتقال جنوبا نحو جبل طارق، وعندما وصلت آخر مجموعة من سلالة النياندرتال إلى جبل طارق كانت أعدادها قد تناقصت بشدة بسبب نزوع أفرادها للتزاوج بين الأقارب، الذي يزيد فرص انتقال الاضطرابات الوراثية.
كما أشارت دراسة، بعام 2019، أجراها جون ستيوارت، من جامعة بورنموث بالمملكة المتحدة، إلى أن خصوبة النساء بين أفراد النياندرتال تراجعت بسبب نقص الطعام، لأن انخفاض دهون الجسم قد يؤدي إلى العقم.
إنسان النياندرتال يقدس الموت
خلال عمليات البحث، استطاع علماء الأنثروبولوجيا، إثبات أن إنسان النياندرتال كان يدفن موتاه، ويقدس الممارسات الجنائزية، وذلك بعدما تم العثور على عظام طفل من الـنياندرتال عام 1973، توفي قبل نحو 41 ألف عام، وكان يبلغ من العمر حينها عامين فقط، وكانت موضوعة بعناية في قبر مغطى بالتربة بمأوى صخري في موقع حفر يسمى “لا فيراسي”، جنوب غربي فرنسا.