كان العالم اليوناني أرشميدس أحد أهم علماء الرياضيات على الإطلاق، حيث ينسب الفضل إليه في التوصُّل لحساب التفاضل والتكامل، كما تكفّل بإثبات بعض النظريات الرياضية مثل محيط الدائرة والكثير من النظريات التي يستخدمها دارسو الرياضيات الآن، مثل تطبيقات الـ”Pi” وعلم الهيدروستاتيكا، ويضاف إلى ذلك كونه فيلسوفا حكيما ببلاده.
على الرغم من شهرة أرشميدس، إلا أن حياته الشخصية لا تزال خفية، ربما لأن العمل الوحيد الذي أرخ حياة أرشميدس الشخصية، والذي كان عبارة عن سيرته الذاتية، قد ضاع بعدما انتهى منه صديقه الشخصي هيراكليدس، أو ربما بسبب الفجوة الزمنية بين العصر الذي عاشه وعصرنا الحالي، أو حتى لعدم الدقة في نقل تاريخ حياته، الذي لم يتبق منه سوى إنجازاته العلمية فقط.
لذلك؛ سنحاول أن نكشف بعض المعلومات الدقيقة عن أرشيمدس، والتي لم تنتشر كما نظرياته الرياضية والفلسفية.
حياته الشخصية
لا توجد وثيقة رسمية تؤكد تاريخ ميلاد أرشميدس، لكن جون تزيتز، المؤرخ اليوناني البيزنطي، قد صرّح بأنه قد ولد تقريبا سنة 287 قبل الميلاد بمدينة سيراقوسة الساحلية بصقلية، وهي مستعمرة ذاتية الحكم، كانت تابعة لليونان القديمة، كما أشار إلى أنه قد عاش نحو 75 عاما.
لا يعلم أحد هل تزوج أرشميدس أم لا، بالتالي لا يمكن التكهّن بما إذا كان لديه أبناء أو لا، لكن الأكيد هو أنه قد درس بالأسكندرية، وكان أكثر زملائه قربا له كونون ساموس وإراتوستينس القيرواني.
وطبقا للرسائل التي وصلت من أرشميدس لصديقه إراتوستينس، فقد أمضى العالم اليوناني فترة دراسته فقط في الأسكندرية، التي وصف في رسائله مكتبتها التي بنيت في عهد بطليموس لاغيدس، بأنها كانت أكبر مكتبات العالم، التي استقطبت العلماء من كل أنحاء العالم.
ولهذا؛ يعتقد أن أرشميدس قد أمضى معظم حياته في سيراقوسة، ولم يغادرها سوى للدراسة بالأسكندرية في مصر.
إنجازات
على الرغم من أن أرشميدس لم يخترع الرافعة، إلا أنه ساعد في شرح كيفية عملها، لقد طبق فهمه للهندسة والفيزياء لتطوير روافع قوية للغاية حيث قام بحساب طول وقوة وموضع الرافعة ونقطة الارتكاز بالنسبة لجسم يتم رفعه وأدى هذا إلى ثورة في أساليب البناء.
لقد جعله متأكدًا جدًا من الاستخدامات والوظائف اللانهائية للرافعة، حتى أنه أدعى أنه يستطيع تحريك الأرض باستخدام رافعة.
يعد مبدأ أرشميدس هو أحد أهم إنجازاته على الإطلاق، وينص القانون الذي صاغه بنفسه على أن الجسم المغمور كليًا أو جزئيًا في الماء يخضع لقوة تصاعدية (الطفو) أي نفس وزن السائل الذي يزيحه.
اقتحم أرشميدس كذلك عالم الرياضيات، حيث اخترع وطور طرقًا مشابهة لحساب التفاضل والتكامل واستخدمها لإيجاد مساحة الدائرة وتقدير دقيق لقيمة “pi”، ويُقال أن قيمة pi (3.14) هي أحد إسهاماته.
كان ذلك الإسهام سابقا لعصره بفارق كبير، فالشخص الوحيد الآخر الذي فهم عمله تمامًا في ذلك الوقت هو إسحاق نيوتن، بعد حوالي 18 قرنًا من وفاة أرشميدس.
نهاية منطقية
طبق أرشميدس معرفته الرياضية لصنع آلات الحرب، وتم استخدام “مخلب أرشميدس” للدفاع عن مدينة سيراقوسة، مسقط رأسه، من الهجوم الروماني، حيث كان لهذه الآلة نظام خطاف يرفع السفن ويطيح بها.
عندما هاجم الرومان مدينته عام 214 قبل الميلاد، أغرقت آليته العديد من سفنهم، لدرجة أن الرومان كانوا في حيرة من أمرهم لأنهم لم يعرفوا ما الذي أصابهم.
كان القائد الروماني مارسيلوس على علم تام بعبقرية أرشميدس، لذلك أمر بالقبض عليه لكن دون قتله في هذه الأثناء كان القائد الروماني مارسيلوس قد استولى على مدينة سيراقوسة ولم يكن أرشميدس على علم بذلك لأنه كان مشغولاً بالعمل على صيغة رياضية جديدة.
عندئذ، أُمر جنديا رومانيا بأن يذهب ليحضر أرشميدس لمقابلة مارسيلوس، رفض أرشميدس ذلك بحجة انشغاله بعمله، وهو ما أغضب الجندي، ما جعله يضربه بسيفه ليخر صريعا.