ثقافة ومعرفة

حضارة الإنكا.. إمبراطورية عظمى أسقطها 170 رجلا

حضارة الإنكا.. إحدى أهم الحضارات التي قامت في أمريكا الجنوبية، والتي كان لها تأثير ثقافي فعال، وتركت إرثا حضاريا كبيرا، بل وسيطرت على المناطق الأخرى عبر الساحل من كولومبيا إلى الأرجنتين.

الإنكا

هي امبراطورية قديمة أسست من قبل شعوب من قبائل الهنود الحمر في منطقة أمريكا الجنوبية،
وكانت من كبرى الإمبراطوريات في العصر الكولومبي، وتعد الإنكا من الحضارات العريقة التي تركت إرثا حضاريا ثقافيا ومعماريا أيضا، إذ أسهمت في أعمال العمارة والبناء بشكل فعال، كما أنشأت أشهر شبكة طرق غطت المنطقة بأكملها.

حضارة الإنكا

وقد امتدت إمبراطورية الإنكا على طول ساحل أمريكا الجنوبية، حتى شملت بوليفيا، البيرو، الإكوادور، وجزءا من تشيلي والأرجنتين، وكان لها تأثير واضح على حياة الناس داخل هذه الحدود وخارجها، حيث كانت أكبر إمبراطورية في الأمريكتين نظرا لمساحتها التي تقدر بنحو 2 مليون كيلو متر مربع، بالإضافة إلى عدد سكانها الذي يتراوح بين 6 ملايين إلى 14 مليون نسمة.

الملك باتشاكوتي إنكا

سميت امبراطورية الإنكا بهذا الاسم نسبة إلى الملك التاسع باتشاكوتي إنكا، وأشهر موقع لها هو ماتشو بيتشو أي “التل القديم” الواقع على سلسلة جبال الأنديز، والذي أسسه الملك منذ عام 1438-1471 م، ويعتقد بعض الباحثين المعاصرين أن هذا الموقع كان موجودا بالفعل قبل ظهور إمبراطورية الإنكا، وأنها لم تفعل شيئا سوى إعادة استخدامه لأغراض أخرى بالرغم من أنهم لم يتوصلوا إلى الغرض الأول من تواجده.

إلا أن البعض رجح أن الموقع المزود بمياه الينابيع العذبة، كان في الأصل جزءا من مملكة باتشاكوتي إنكا وتم استخدامه في تلك الفترة كمعبد أو حصن.

حضارة الإنكا

ترابط أسري

كان أساس المجتمع عند الإنكا هو الترابط الأسري بين أفراد العائلة، والمجموعة المحيطة بهم التي تعرف باسم “الأيلو”، وكان المجتمع في ذلك الحين قائما بنسبة كبيرة على زراعة الأراضي، حيث كان الذكور في كل عائلة مسؤولين عن قطعة أرض وزراعتها تحت إشراف الأسياد والنبلاء المعروفين باسم “كوراكاس”، ويعتقد أن مجتمع الإنكا هم أول من زرع البطاطا في المنطقة.

ولم يقل دور الإناث عن الذكور في ذلك الوقت، حيث كان لهن دور آخر مثل العمل كـ”كاهنات” أو العمل في بعض المناصب الحكومية، بالإضافة إلى عمل المرأة أيضا في الزراعة بمجرد زواجها، حيث يعتبرونها جزءا من عائلة زوجها وهو ما يجعلها بالتبعية تعمل معهم في زراعة أرضهم.

الزراعة والغذاء

يعد الطعام بالنسبة لمجتمع الإنكا أهم جانب من جوانب حياتهم، والذي شكل لهم دافعا قويا للعمل طوال اليوم، إذ يعد عملتهم الرئيسية لافتقارهم في ذلك الوقت إلى الأسواق المركزية، مما جعلهم حريصين على زراعة الطعام لتبادل الفائض منه باحتياجاتهم الأخرى، وكان النبات هو الغذاء الرئيسي لديهم، حيث اشتهروا بزراعة الحبوب والخضروات والفواكه والذرة، كذلك نبات الكينوا المنتمي إلى الفصيلة القطيفية كالشمندر والسبانخ، بينما كان يتم طهي اللحم لديهم في المناسبات فقط كالأعياد والمراسم الدينية.

هل عرفت حضارة الإنكا الكتابة؟

لم تمتلك حضارة الإنكا نظاما للكتابة، لكنها استطاعت استخدام نظام لحفظ السجلات، حيث كانوا يستعملون الخيوط المربوطة لتحديد قدر محدد من المعلومات المراد الاحتفاظ بها، وعرف هذا النظام باسم “الكويبو”، وهو الأمر الذي شكل لغزا حتى يومنا هذا حيث لم يستطع أحد الوصول إلى هذه المعلومات ومعرفة ما يعنيه الكويبو لمجتمع الإنكا.

حضارة الإنكا

سقوط الإنكا

أُنهكت إمبراطورية الإنكا تماما بعد تعرضها للعديد من الثورات الداخلية، واجتياح الأمراض والأوبئة التي جلبها الأوروبيون أثناء رحلاتهم الاستكشافية، والتي قضت على نحو 90% من السكان، وأخيرا انهارت الإمبراطورية وسقطت أمام قوة الغزو الإسباني بقيادة فرانسيسكو بيزارو عام 1533 م، الذي جاء بـ170 رجلا فقط بمدافع وبنادق لم يعرفها جيش الإنكا في الحروب من قبل، ليقضي على ما تبقى منها واستغل حالة الانحدار التام الذي تمر به.

ورغم جيشها القوي الذي كان يمتاز بالشجاعة والبسالة إلا أنه لم يصمد طويلا أمام هذا الغزو المدعم بالأسلحة الحديثة التي لم يستطع الإنكيون مواجهتها، بالإضافة إلى تحريض بيزارو الشعوب الأخرى الضعيفة التي خضعت لرغبته، ووقفت في صفه ضد إمبراطورية الإنكا.

ماتشو بيتشو

بمرور الوقت وبعد سقوط إمبراطورية الإنكا هجر موقع ماتشو بيتشو تماما، قبل أن يكتشفه المستكشف حيرام بينغهام مرة أخرى عام 1911 م، ليصبح من أكبر المواقع الأثرية في العالم، ويتم إدراجه ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي، حتى إنه أضيف إلى عجائب الدنيا السبع الجديدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى