يعتقد البعض أن الشخص النرجسي قادر على إيذاء الجميع بالدرجة نفسها، إلا أن ضحية الشخصية النرجسية المفضلة؛ لها بعض الصفات التي تسهل من تعرضها للافتراس، فيما تنجح في الهروب من سجن النرجسية المظلم فقط عند اتباع بعض الخطوات.
الشخصية النرجسية
إن كنت تعاني بسبب التعامل الدائم مع شخصية نرجسية، فلعلك تدرك بعضا من ملامحها المزعجة، والتي تصنف باعتبارها من الاضطرابات النفسية المضرة بحال صاحبها ومن حوله من بشر، فيما تعرف باسم اضطراب الشخصية النرجسية.
يبدو الشخص النرجسي دائم الاهتمام بنفسه، حيث يشعر بأنه الشخص الأكثر أهمية على وجه الأرض، لذا يفتقد ميزة التعاطف مع الآخرين مهما كانت الأحوال، علاوة على أنه لا يجد أزمة في التحدث ليلا ونهارا عن إنجازاته، سواء كانت حقيقية أو وهمية.
ينخدع الكثيرون في تلك الشخصيات النرجسية المعقدة، حيث يبدو النرجسي واثقا من نفسه ومن قدراته لأبعد الحدود، على الرغم من أن غروره المصطنع يخبئ قدرا من الضعف وعدم تقدير الذات، ما يظهر جليا عند توجيه كلمات النقد له وملاحظة انفعاله المبالغ حينها، في ظل صعوبة تقبله لنقاط ضعفه وسهولة شعوره بالإهانة.
ضحية الشخصية النرجسية
يظن الكثيرون إذن أن الشخص النرجسي المغرور، والذي يجد المتعة في التحدث عن إنجازاته مقابل التقليل من شأن الآخر، يفضل التعامل مع الأشخاص الضعفاء لتسهيل مهمته في السيطرة عليهم، إلا أن الواقع يبدو مختلفا من وجهة نظر أهل العلم.
ترى شانون توماس، وهي مؤلفة كتاب “العلاج من الإيذاء الخفي“، أن الشخص النرجسي ينجذب أكثر إلى كل من يتمتع بميزة يفتقدها هو، مثل التفوق في مجال العمل أو النبوغ على المستوى الدراسي، أو حتى التمتع بروابط أسرية قوية.
كذلك يلاحظ أن ضحية الشخصية النرجسية المفضلة، تتمتع بالمظهر الجيد والقوام المناسب، لذا فمن الوارد أن ينصب تركيز النرجسي على إيذاء صديقه الذي يمارس الرياضة بانتظام، أو الذي يتجنب ممارسة العادات السيئة بسبب إيمانه القوي أو حرصه على المبادئ.
ضحايا النرجسيين الأربع
بينما تطول قائمة ضحايا النرجسيين، فإن خبيرة علم النفس، كارين أكلارك، وجدت أن هناك 4 أنواع على وجه التحديد من الشخصيات هي المفضلة لدى أصحاب الشخصية النرجسية.
- الشخصية المبهرة التي تتمتع بنجاح عملي واضح، أو بموهبة مبهرة، أو حتى بصداقات أو روابط أسرية واضحة.
- الشخصية المجاملة والتي يشعر معها النرجسي بالرضا عن النفس، عبر تلقي الإشادات بين الحين والآخر.
- الشخصية المفيدة التي تحسن من صورة الشخص النرجسي أمام الآخرين بصورة أو بأخرى.
- الشخصية الخاضعة والتي مهما تعرضت للإيذاء، فإنها تبقى وفية للنرجسي، دون التفكير للحظة في التخلي عنه.
لا يصنف خبراء علم النفس متلازمة ضحية الشخصية النرجسية، باعتبارها مرضا أو اضطرابا نفسيا، بالرغم من الآثار السلبية المتعددة للشخص الذي يعاني منها، والذي يجد نفسه معرضا لسيل من الخدع والحيل الذهنية التي يمارسها النرجسي باقتدار.
علامات المعاناة النفسية من الشخصية النرجسية
تبدو ملامح المعاناة من متلازمة ضحايا النرجسيين واضحة، عندما يفقد الإنسان القدرة على الإفلات من سيطرة تلك الشخصيات المزعجة، بل يجد نفسه في مرمى نيرانهم، بمجرد انتقاد سلوكياتهم المثيرة للحنق، أملا في أن يشعر الضحية بأنه الجاني.
العزلة
يشعر ضحية الشخصية النرجسية بالعزلة، حينما يفتقد للدعم والمساندة من أقرب الناس، قبل أن يمارس النرجسي حينها إحدى ألاعيبه المتمثلة في التعامل بود وربما الاعتذار عما حدث سابقا، لتعود المياه لمجاريها لفترة قصيرة، قبل أن تبدأ الحيل النفسية المنهكة في الظهور من جديد.
اللامبالاة
بمرور الوقت، يجد ضحايا النرجسيين أنفسهم في حالة من الجمود أو اللامبالاة، فبينما يتعامل الشخص العادي مع الإيذاء النفسي بصورة عدوانية، أو حتى بالهروب من الموقف بشتى الطرق، فإن المعاناة من متلازمة ضحية الشخصية النرجسية تفقد صاحبها القدرة على رد العدوان، ليكتفي بشعوره بالألم وانتظار المساعدة.
الشعور بالتقصير
يشعر الضحية دائما بأنه مقصر أو مخطئ، وهو التفكير الذي يغذيه سلوك النرجسي المنتقد دوما، والذي يفضل أن يلقي بالتهم على غيره بدلا من تحمل مسؤولية أفعاله، لذا يبدو من المتوقع أن يتخذ ضحية هذا السلوك أسوأ القرارات، في ظل فقدانه للثقة بالنفس وتراجع الإحساس بالرضا عن الذات.
الشعور بالتوتر
ليس من المستغرب إذن أن يعاني ضحية الشخصية النرجسية من التوتر والقلق المرضي، بدرجة تزيد من مخاطر إصابته بمرض الاكتئاب، ليصبح الحصول على المساعدة من المتخصصين هو الخيار الوحيد المتاح.
ملامح المعاناة العضوية لضحية الشخص النرجسي
تزداد الأمور سوءًا لدى ضحية الشخصية النرجسية، التي تجد نفسها مصابة ببعض المشكلات العضوية، جراء المعاناة على الصعيد النفسي، والسر في العلاقة المباشرة بين التوتر والقلق الناجم عن الإيذاء وبين عدد من الأزمات الصحية.
فقدان الشهية
يعاني ضحايا النرجسيين من تغيرات واضحة في الشهية، حيث يشعر البعض بعدم القدرة على تناول الطعام بنفس الدرجة المعتادة، فيما تنتاب آخرون حالة من النهم بتناول الأكل، لمقاومة المشاعر السلبية المسيطرة عليهم.
تتعرض المعدة أيضا لبعض الأعراض السلبية، حيث تعاني من الألم المزعج أغلب الوقت، فيما تصبح عرضة للإصابة بالكثير من المشكلات الهضمية، كما يشعر المرء حينها بالغثيان وعدم الراحة لأبسط الأسباب.
الأرق وألم العضلات
من الوارد أن يتأثر النوم بشدة لدى ضحية الشخصيات النرجسية، حيث تبدو فرص المعاناة من الأرق وصعوبات النوم كبيرة، وخاصة عند التعرض لبعض آلام العضلات الناتجة عن الإجهاد النفسي، ليصبح العلاج مطلوبا دون تأجيل.
هل الشخصية النرجسية تحب؟
يبدو اتخاذ قرار الانسحاب من علاقة عاطفية تجمع الإنسان مع شخصية نرجسية معقدًا لأسباب مختلفة، ومن بينها اعتقاده بأن هذا الشخص النرجسي ومهما بلغت عيوبه يحبه في النهاية، وهو الاعتقاد الخاطئ وفقًا لآراء للعلماء.
ترى خبيرة علم النفس إلينور جرينبيرج، أن الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية، لا يمكنه حمل مشاعر الحب تجاه الآخرين، أو على الأقل مشاعر الحب من منظور البشر العاديين، حيث يفتقد الشخص النرجسي لأساسيات الحب، مثل القدرة على التعاطف مع الآخر والحرص على سلامة مشاعره الخاصة، ليبدو إذن الوقوع في الحب من الأمور شبه المستحيلة لدى النرجسيين.
من الوارد أن يؤكد الشخص النرجسي على مشاعره الإيجابية تجاه الحبيب، بل ويمكن لتلك المشاعر أن تبدو صادقة، لكنها تعبر في الواقع عن حبه وامتنانه لطاعة الطرف الثاني وبذله الجهد لإرضاء رغباته ليس إلا، ليبدو التمسك بالنرجسيين غير مجدٍ في كل الأحوال، ترى ما هو الحل؟
الحل مع الشخصية النرجسية
يبدو الإفلات من سجن النرجسية أو على الأقل التعامل الآمن مع تلك الشخصية إن كانت مقربة ممكنا، عند اتباع بعض الخطوات دون تهاون.
- التأكد أن اضطراب الشخصية النرجسية هو مرض نفسي، لذا فمحاولة التغيير بالنصائح لن تكون مجدية.
- تجاهل أصحاب تلك الشخصية، حيث تتغذى في العادة على إحساس الانتباه، الذي يزيد من غرورها وليس العكس.
- إبقاء الحديث مع النرجسيين سطحيًا قدر الإمكان، مع عدم التأثر بكلماتهم السلبية عبر تعزيز الثقة بالنفس.
- التواصل معهم وسط مجموعات، حيث يؤدي التعامل مع أصحاب تلك الشخصية على انفراد إلى فقدان الطاقة.
- عدم الاكتفاء بوعود النرجسيين التي لا تنتهي، بل انتظار الأفعال أو الانسحاب فورا.
في الختام، تبدو النصيحة الوحيدة التي يمكن توجيهها للشخص النرجسي، هي زيارة الطبيب النفسي، مع توقع ردود فعل غير إيجابية من جانبه، فيما ينصح ضحية الشخصية النرجسية بالتأكد من زيف كلمات النرجسيين، مع ضرورة استشارة المتخصصين إن سيطرت مشاعر القلق والاكتئاب على النفس.