تتعدد إيجابيات الشخص مرهف الحس، والذي ينجح في فهم الآخرين بسهولة والتعاطف معهم قدر استطاعته، إلا أن عيوب الشخصية الحساسة على الجانب الآخر تبدو قاتلة، فهل يمكن تقويمها؟
صفات الشخصية الحساسة
في وقت تتمتع فيه أغلب الشخصيات بمزيج من الإيجابيات والسلبيات، فإن الشخصية الحساسة ليست مستثناة من ذلك كما يبدو، حيث تجتمع بداخل تلك الشخصية الفريدة مجموعة من السمات، التي يتحدد إن كانت مفيدة أم مضرة بصاحبها، بناء على سلوكياته وطريقة تفكيره.
يلاحظ بشكل عام أن صفات الشخصية الحساسة تتنوع ما بين الحس المرهف والتعاطف الشديد مع الآخرين، وبين سهولة الشعور بالألم النفسي الذي يصبح عضويا في بعض الأحيان، لتظهر حينها عيوب الشخصية الحساسة.
لماذا يتمتع البعض بالشخصية الحساسة؟
العوامل الوراثية
تعد العوامل الوراثية هي أول أسباب تمتع البعض بصفات الشخصية الحساسة، إذ يمكن للجينات أن تتحكم في صفات المرء بسهولة، لتدعه يحصل على عيوب ومميزات الشخصية الحساسة لدى الأب أو الأم.
العوامل البيئية
ليست العوامل الوراثية وحدها ما يساهم في ظهور الشخصية الحساسة بما تحمل من إيجابيات وسلبيات، بل كذلك الظروف البيئية المحيطة بها، وسلوكيات البشر من حولها.
تجارب سلبية
من الوارد أن تتشكل ملامح الشخصية الحساسة لدى شخص ما، بسبب تجارب لا تنسى تركت فيه أثرًا كبيرًا، فيما تبدو تلك المواقف في كثير من الأحيان مرتبطة بمرحلة الطفولة.
عيوب الشخصية الحساسة الداخلية
تبدو فرص معاناة الشخصية الحساسة من الأزمات أكبر، كلما زادت لديها المشاعر المرهفة، التي تكشف عن عيوبها المزعجة لصاحبها قبل أي شخص آخر، والمتمثلة في:
صعوبة تجاهل السلبيات
يجد الشخص الحساس صعوبة بالغة في تجاهل أو نسيان الأفكار السلبية، ما إن بدأت في السيطرة على ذهنه، إذ تعد إمكانية قيام الآخرين بتجاوز المواقف السلبية ببساطة، أشبه بالقدرة الخارقة التي يفتقدها.
المعاناة من القلق والتوتر
تصبح الإصابة بمشاعر القلق والتوتر واردة للغاية لدى الشخص الحساس، حيث يتأثر بسهولة بالغة بكل ما يحيط به، حتى وإن تمثل ذلك في أمور لا تخصه، أو في أشياء لا يمكن السيطرة عليها.
الخوف من الرفض
إن كان الحس المرهف يعتبر من صفات الشخصية الحساسة الأكثر شهرة، فإن الخوف من الرفض يبدو إذن شديد المنطقية، سواء في المواقف المحورية أو في أتفه الأمور.
المقارنة الدائمة
ما بين مقارنة النفس الدائمة بالآخرين، من الناحية المادية أو الصحية أو العملية أو حتى الشكلية، يعاني الشخص الحساس من الألم النفسي بسهولة عند ملاحظة تفوق البعض عليه، لتبدو تلك أحد أبرز عيوب الشخصية الحساسة.
النقد الذاتي
ينصب تركيز الشخص الحساس على انتقاد نفسه، بمجرد أن يشعر بتقصيره أو بعدم تحقيقه للأهداف التي وضعها مسبقًا، ليبدو إغضابه أسهل من غيره حينها.
الألم الجسدي
ليس من المستغرب أن تظهر كل تلك العيوب الشخصية أحيانًا في صورة آلام عضوية، حيث يعاني الشخص الحساس من الصداع في المواقف الصعبة، كما تتأثر شهيته ونومه بالسلب.
عيوب الشخصية الحساسة عند التعامل مع الآخرين
بينما تبدو عيوب الشخصية الحساسة أكثر تأثيرًا على صاحبها، فإنها تؤثر أيضا على علاقاته بمن حوله، وعلى طريقة تعاملهم معه، كما نوضح.
أخذ الأمور بمحمل شخصي
قد يعاني الأشخاص الذي يتعاملون بصفة دائمة مع صاحب الشخصية الحساسة كثيرًا، نظرا لأنه ما أن يشعر بسهام النقد وهي توجه إليه، حتى يصاب بالحزن والغضب، والسر في أخذه الأمور بمحمل شخصي.
سهولة تعكر الأجواء
بالرغم من قدرة الشخص الحساس على التعاطف مع الآخر، وتقديم الدعم المطلوب له إن احتاجه، فإن فرص تعكر صفو علاقاته مع من حوله تبدو مرتفعة دائمًا.
الانشغال بأفكار الآخرين
يهتم الشخص الحساس دائمًا بما يدور في رأس الآخرين، إذ ينشغل بأفكارهم الخاصة وتحديدًا إن كانت بشأنه، ليؤثر ذلك على علاقاته بهم أيضا مع وضوح ملامحها.
عدم الراحة وسط البشر
تتشابه الكثير من صفات الشخصية الحساسة بسمات الشخصية الانطوائية، لذا يعد شعور الشخص الحساس بعدم الراحة وسط التجمعات، وعدم قدرته على الظهور بطبيعته المعتادة، منطقيًا للغاية.
التشكك في المقربين
إن كان الانشغال بأفكار الآخرين بشأنه، يمثل أحد عيوب الشخصية الحساسة، فإن الأمر يتطور أحيانًا إلى حد التشكك في نواياهم إن كانوا من الأشخاص المقربين منه، ليؤثر ذلك بالسلب على علاقاته.
إخفاء المشاعر السلبية
بالرغم من سهولة تعكر مزاج الشخصية الحساسة، فإنها تأبى في أغلب الأحيان أن تكشف للآخرين عن مشاعرها الكامنة، إما حفاظًا على خصوصيتها أو لكونها تبدو محرجة.
عيوب الشخصية الحساسة مع البيئة المحيطة
لا تظهر عيوب الشخصية الحساسة فقط عند التعامل مع الآخرين، بل ولا يشعر بها صاحب تلك الشخصية عند الجلوس وحده فحسب، إذ تبدو واضحة المعالم أحيانًا تأثرًا بالبيئة المحيطة.
- كراهية الضوضاء والأضواء المزعجة، وهو عيب قاتل نظرًا لتعدد الأماكن التي تشهد وجود أصوات مرتفعة وأضواء ساطعة.
- التأثر الشديد بالأخبار السلبية سريعة الانتشار، عبر برامج التلفزيون أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
- الألم النفسي عند متابعة صور ومنشورات الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عند مقارنة نفسه بالآخرين.
- عدم القدرة على الاستمتاع بالنشاطات المثيرة، والتي تشهد ارتفاع نسب الأدرينالين بالجسم بدرجات مطلوبة.
- المعاناة من التوتر الشديد عند متابعة فيلم مرعب أو مشهد حركة، لذا يسعى دومًا إلى تجنبها.
- الميل إلى الانعزال عند تعقد الأمور، أو عند سيطرة أجواء التوتر على البيئة المحيطة.
مميزات الشخصية الحساسة
لا يمكن لتعدد عيوب الأشخاص شديدي الحساسية أن تدفعنا لتجاهل كم هائل من إيجابيات الشخصية الحساسة، التي نوضحها الآن.
- القدرة الفائقة على فهم مشاعر الآخرين، حيث يزيد ذلك من التعاطف معهم، ويسهل من مهمة كسب قلوبهم.
- الرغبة العارمة في إظهار ملامح التعامل الودي مع البشر جميعًا، أملا في إسعادهم.
- تقديم المساعدة بصورة تبدو مبالغة أحيانًا، مع الحرص على مشاعر الآخر.
- الاستمتاع الشديد بكل ما هو رائع، وسواء تمثل في أغنية أو فيلم أو مشهد طبيعي.
- التمتع بمهارة ابتكارية، تأتي من خياله الخصب الممتلئ بالأفكار، فيما تؤدي لسهولة إيجاد حلول الأزمات.
- اتخاذ القرارات بعد تفكير مطول، إما خوفًا من التأثير بالسلب على الآخرين، أو أملًا في عدم إحراج نفسه.
كيفية مواجهة عيوب الشخصية الحساسة
يعتقد البعض أن تقويم الشخصية الحساسة يبدو مستحيلًا، فيما يتوقف الأمر في الواقع على مدى استعداد صاحب تلك الشخصية لتحويل العيوب إلى مصادر للقوة، عبر الخطوات التالية:
تقبل انتقادات الآخرين
يبدو من المستحيل أن يفرح المرء عند سماع كلمات نقد سلبية، إلا أن الشعور بالحزن الشديد وأخذ الأمر بمحمل شخصي ليس هو الخيار الأفضل، إذ يعتبر تقبل النقد والحرص على استيعابه بمنطق، هو أقصر طريق من أجل التطور.
مساندة من يستحق
إن كان الألم النفسي يسيطر ببساطة على الشخصية الحساسة، عند الاصطدام بجمود الآخر أو ببرودة مشاعره، فإن الحل هو توجيه المساندة والدعم لمن يستحق بالفعل، بدلا من الانعزال وإلقاء اللوم على العالم الذي صار مختلفا.
الاستفادة من المشاعر
تعتبر القدرة على التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم الداخلية، من أبرز إيجابيات الشخصية الحساسة، لذا تعد الاستفادة منها مطلوبة، سواء عبر تكوين العلاقات القوية والصداقات الحقيقية مع من يستحق، أو عبر العمل في مجالات تعتمد على التعامل مع البشر وفهم أفكارهم وأحاسيسهم ومساعدتهم.
اعتياد الصدمات
بينما يميل الشخص الحساس إلى البقاء في منطقة الراحة الخاصة به، ليتعامل مع الأشخاص المقربين فحسب، خوفًا من التعرض للأذى النفسي من جانب الغرباء، فإن الحل الأكثر منطقية يتمثل في التأكد من أن الأمور السيئة سوف تحدث في كل الأحوال، مثلما تمر الأيام الجيدة على الجميع، لذا يعد اعتياد الصدمات وتعلم كيفية مواجهتها هو المطلوب.
تجنب الأشخاص السلبيين
بالرغم من أن اعتياد الصدمات بأنواعها وأشكالها يظل مطلوبًا، من أجل تقويم عيوب الشخصية الحساسة، فإن هذا لا يعني إلقاء النفس في أحضان الأشخاص السلبيين، الذين يملكون القدرة على تحويل أعظم الإيجابيات إلى أسوأ الخيبات، لذا يعد تجنب هؤلاء من عوامل تقليل التوتر وزيادة الرغبة في التطور.
زيارة المتخصصين
ربما تصبح زيارة الطبيب النفسي هي الخيار الأفضل، حينما يشعر الشخص الحساس بأنه صار غير قادر على التعامل مع الآخرين، إذ يعتبر تأثر الحياة العملية والاجتماعية بالسلب جراء التمتع بتلك الشخصية، هو ناقوس الخطر الذي يدق للتعامل مع الأمر دون تأجيل.
في الختام، تبدو عيوب الشخصية الحساسة قاتلة لصاحبها إن لم يسع لعلاجها، فيما تصبح وسيلة نجاحه على المستوى العملي والاجتماعي، بمجرد أن يسعى لتقويمها.