هناك العديد من نظريات الانتباه في علم النفس المعرفي التي وضعها المتخصصون، ومن خلال التعرف على تلك النظريات يمكن القول إن الانتباه هو القدرة على الاختيار والانتباه لبعض المحفزات دون غيرها، كما أنه من العناصر اللازمة لبناء العمليات العقلية والتركيز على شيء معين دون غيره من الأشياء، ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف سويًا على أهم تلك النظريات.
نظريات الانتباه في علم النفس المعرفي
يعتبر الانتباه من العمليات المعرفية التي سعى بعض علماء النفس من أجل دراسته إلى وضع ما يعرف بنظريات الانتباه، وهي التي تشرحه بشيء من التفصيل، ومن أهم تلك النظريات كما يلي:
اقرأ أيضًا: أنواع العواطف في علم النفس
نظرية المصفاة الانتقائية
وضع عالم النفس برودبنت النموذج الأول للانتباه الذي أطلق عليه اسم نظرية المصفاة، لأنه يتطلب تقييد تدفق المعلومات وتصفيتها إلى كمية أقل حتى يمكن إدارتها إدراكيًا، ولقد شبه ذلك برودبنت بعنق الزجاجة، حيث تصل الكثير من المعلومات من خلال الحواس مما يتطلب تقليص حجمها.
لقد استخدم تجارب استماع ثنائية، حيث طلب من بعض الأشخاص الاستمتاع إلى مسارات سمعية مختلفة بكل أذن للتأكد من الفرضية التي تنص على أن هؤلاء الأشخاص يستطيعون توجيه الانتباه إلى التركيز على محفزات معينة.
نظرية التوهين
قامت العالمة الإنجليزية تريزمان في الستينيات من القرن الماضي بتعديل نموذج برودبنت وعرفت نظريتها بنظرية التوهين، حيث تعتبر تلك النظرية من نظريات الانتباه في علم النفس المعرفي، ولقد استخدمت فيها تقنية الاستماع ثنائية التفرع من خلال إسماع بعض الأشخاص أصواتا عالية في أذن واحدة مع تجاهل السرد الثاني بالأذن الثانية.
قد لاحظت من خلال ذلك أنه أحيانًا لا تعي آذانهم ما سمعته من معلومات بسبب عدم تصفية كافة المعلومات غير المراقبة تمامًا، ولا بد من تخفيف البعض منها وفقًا لمعايير الاختيار الدلالية والخصائص الفيزيائية، ولا يتطلب نموذج التوهن الذي وضعته تريزمان حجب المثيرات ولكن يكون هناك اختلاف في تركيز الانتباه لتلك المثيرات وحدث توهن للمثيرات غير المهمة ولم يتم تذكرها أو معالجتها.
اقرأ أيضًا: كيفية تعلم علم النفس للمبتدئين
نظرية تكامل الميزة
لاحظت آن تريزمان في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي أن هناك ما يعرف بمشكلة الربط، ووضعت لها تكامل الميزة للانتباه، فكم كان لتلك النظرية تأثير كبير لحل تلك المشكلة التي وصفت فيها تريزمان أن المعلومات الحسية تنتقل بشكل متوازٍ وبمثابة عدد متنوع من التلميحات غير المتجانسة المتمثلة في الأشكال والحركات والأصوات والألوان والروائح المشفرة بنظم معيارية بشكل جزئي.
يمكن أن تحدث الكثير من الأشياء في وقت واحد، وبالتالي يتطلب الأمر تجميع كافة التلميحات وربطها بعد ذلك بالمكان والزمان المحدد والصحيح، ثم تفسيرها لمعرفة أصلها الحقيقي، فمثلًا إذا افترضنا أن لدينا ثمرة طماطم حمراء، فتلك الأشياء هي من المدخلات المرئية في رأي تريزمان، حيث ترى أن هناك جزءا بالمخ يقوم باكتشاف أشكال الأشياء، وهناك جزء آخر مسؤول عن اكتشاف ألوانها، إذن فيمكن معرفة طريقة الربط من خلال تمثيل شكل الطماطم بالمركز المسؤول عن الشكل، وتمثيل اللون الأحمر بالمركز المسؤول عن اللون، وتجميع كافة الخصائص المكتشفة بمراكز الكشف المتخصصة.
نظرية اختيار الفعل
نظرية اختيار الفعل هي واحدة من نظريات الانتباه في علم النفس المعرفي والتي وضعها نيومان سنة 1987، باعتبار أن الفعل هو الأساس في عملية الانتباه، ويفترض من خلالها تحديد الشخص لانتباهه بأي وقت لتحقيق هدفه، فيمكن أن تصل له الكثير من المنبهات الحسية ولكن الانتباه يعتمد على اختيار الفعل المناسب، مما يؤدي إلى تجاهل العمليات الأخرى وعدم الانتباه لفعل آخر.
كما يعتمد اختيار الفعل للانتباه إليه على مدى أهميته وضرورة تنفيذه، كما أشار إلى أن القيود المفروضة على الإدراك تتطلب الحفاظ على مسار عمل متماسك، ويقصد بالفعل هنا؛ القيام ببعض الأنشطة العقلية مثل: حل الألغاز والتي لا تتطلب مجهودا جسديا، كما أن التفكير هو عمل يهدف الفرد من ورائه لتحقيق غايات فكرية، وذلك من خلال اتباع مزيج من حركات الانتباه، بينما تتحقق الغايات العملية من خلال اتباع مزيج من حركات الجسم، كما تقترض تلك النظرية أن الفرد يختار مثيرا معينا من بين عدد من المثيرات للانتباه إليه، مما يجعله يكرس انتباهه عليه ويتجاهل المثيرات الأخرى.
نستخلص من خلال ما ذكرناه في هذا الموضوع أن نظريات الانتباه في علم النفس المعرفي اجتهد فيها علماء النفس للوقوف على مدى انتباه الفرد للمثيرات أو المدخلات المحيطة به، فكلما كانت تلك المدخلات أو المثيرات هامة كلما زادت درجة انتباهه لها، كما أنه من خلال تلك النظريات يمكن السيطرة على آليات الانتباه وفهمها.