منذ الوهلة الأولى وسماع خبر التأكد من وجود حمل؛ قد تبدئين في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لإبعاد جنينك قدر المستطاع عن الأمراض وانتظار احتضانه سليمًا معافى، ولكن قد تغلب مشيئة الله رغمًا عنكِ متخطيةً كافة المحاذير باجتياح متلازمة أسبرجر عند الأطفال، وهذه المتلازمة لا يتم التأكد من تشخيصها سوى بعد الولادة؛ لذا قد يختلط عليك الأمر الآن حول ماهية تلك المتلازمة ومدى خطورتها على الطفل، وهل يمكن فعليًا التعافي منها أم ستلازم طفلك أبد الدهر؛ لذا ستأتيك سطور هذا الموضوع لإزالة كافة علامات الاستفهام المتواردة في ذهنك؛ فقط لا تفوتي فرصة القراءة مليًا.
- I. ما يتضمنه مصطلح متلازمة أسبرجر عند الأطفال
- II. مسببات متلازمة أسبرجر عند الأطفال منذ النشأة
- III. الاضطرابات المصاحبة لـ متلازمة أسبرجر عند الأطفال
- IV. كيفية تشخيص متلازمة أسبرجر وأعراضها
- V. مضاعفات وعواقب متلازمة أسبرجر
- VI. مشاهير سبق لهم المعاناة من متلازمة أسبرجر
- VII. كيفية علاج متلازمة أسبرجر عند الأطفال
ما يتضمنه مصطلح متلازمة أسبرجر عند الأطفال
تندرج متلازمة أسبرجر عند الأطفال وبصفة عامة ضمن الاضطرابات التابعة لطيف التوحد؛ فهي واحدة من ضمن مجموعة الاضطرابات النمائية الشاملة، فلا يصعب تشخيصها والتعرف عليها إطلاقًا؛ إذ تبدأ أعراضها في الظهور منذ المراحل المبكرة للطفولة وأحيانًا قد تبدأ منذ فترة الرضاعة، فهي تجعل الطفل متجسدًا داخل إطار الصفة ونقيضها؛ بمعنى قد نلاحظ الطفل لطيفًا ولكنه وحيد يميل للانطوائية إلى حدٍ كبير، وأيضًا قد لا تؤثر على نشاطه بل يبدو غريبًا بعض الشيء.
كما تدفع الأسبرجر عند الأطفال حال الإصابة بها إلى ضعف التواصل مع الآخرين، وكذلك مواجهة صعوبة في التعبير عن النفس، ولا يقتصر الأمر عند ذلك فقط، بل نلاحظ اعتماد الطفل أيضًا على أنماط سلوكية غير متعارف عليها، والعجيب في الأمر أنها لا تؤثر على ذكاء الطفل بتاتًا؛ بل على العكس تمامًا فنجد الطفل المصاب بتلك المتلازمة دقيق الملاحظة سريع الفهم؛ إلا أنه مغمور بالغموض والهدوء.
مسببات متلازمة أسبرجر عند الأطفال منذ النشأة
لا يوجد سبب فعلي للإصابة بمتلازمة أسبرجر عند الأطفال؛ ولكن هناك بعض العوامل التي قد تساعد في تعزيز الإصابة بها منذ الصغر، نظرًا لكونها اضطرابا بيولوجيا عصبيا مرتبطا بالنمو إلى حدٍ كبير؛ وتتلخص تلك العوامل فيما يلي:
عوامل بيئية
قد يكون للعوامل البيئية الدور الفعال في تعزيز الإصابة منذ فترة الحمل؛ من خلال الإصابة بالعدوى الفيروسية، أو تناول أدوية معينة، أو تعرض المرأة الحامل للمضاعفات خلال تلك الفترة، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة فعالية تلك العوامل؛ إلا أنها لا تزال موضع البحث إلى الآن، وقد ثبت أيضًا الاختلاف الملحوظ في الوظائف الدماغية لمرضى أسبرجر عنه في الأصحاء.
عوامل وراثية
لبعض الجينات الأثر الواضح في نمو الدماغ ودرجة تطورها، والذي بدوره يأتي تبعًا بالتسبب في الإصابة بـ متلازمة أسبرجر عند الأطفال؛ كنتيجة للاضطرابات الجينية المختلفة مثل متلازمة ريت، وتحمل الجينات كلا الشقين الموروث منها والتلقائي؛ فليس بالضرورة تشخيص الطفل بمتلازمة أسبرجر كنتيجة لوجود حالات سابقة في العائلة.
الاضطرابات المصاحبة لـ متلازمة أسبرجر عند الأطفال
قد تلاحظين ظهور بعض الاضطرابات الملازمة لحالات أسبرجر عند الأطفال، إذ تأتي تلك الاضطرابات العقلي منها والصحي متمثلة في الاضطراب ثنائي القطب، واضطراب القلق، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب التشنج اللاإرادي وكذلك اضطراب فرط الحركة أيضًا، ولكن كما هو الحال في احتمالية ورود اختلاف بين حالات المرضى بالنسبة للأعراض، فإنه أيضًا من الوارد عدم التشابه في الاضطرابات؛ فلكل طفل بنية هيكلية خاصة به يتبعها حالته المرضية في حالة ثبوت الإصابة بتلك المتلازمة.
كيفية تشخيص متلازمة أسبرجر وأعراضها
على الرغم من اعتماد تشخيص الأسبرجر عند الأطفال بناءً على أعراضها المُتجلية، إلا أنه لا تندرج تلك الأعراض ضمن الثوابت لدى الجميع، بل تتفاوت وتختلف حدتها من طفل لآخر؛ لذا إليكِ الآن بعض أكثر هذه الأعراض شيوعًا:
صعوبة التواصل مع الآخرين وتكوين صداقات
الكثير يظن أن عدم انخراط الطفل المصاب بمتلازمة أسبرجر؛ ناشئًا عن رغبةٍ منه، ولكن على النقيض تمامًا فهذا المصاب في الأصل طفل يريد اللعب والتعامل مع الآخرين كغيره من الأصحاء؛ ولكنه لا يتمكن من فعل ذلك؛ إذ يفتقد هؤلاء المرضى المهارات اللازمة للتكيف والتواصل على كافة المستويات الاجتماعي منها والمهني.
احتياج الاتصال البصري والنفور منه في الوقت ذاته
يواجه المصاب صعوبة شديدة في استكمال الحديث في حالة افتقاد الاتصال البصري، وفي أحيانٍ أخرى قد تكون الصعوبة على النقيض في حالة تلقي التركيز بدرجة أكبر، ولكن احرصي على ألا يختلط عليكِ الأمر في حالة ظهور ذلك العَرَض؛ فهو يشابه إلى حدٍ كبير انعدام الثقة بالنفس.
التقوقع داخل الروتين
يتلقى المصاب الدعم والراحة واستشعار السكينة داخل ذلك النظام الخاص به؛ حتى وإن كان روتينًا بالنسبة للآخرين، والذي يجعله بمنأى عن مواجهة مواقف جديدة تتطلب منه التصرف بطريقة غير مألوفة بالنسبة له.
التقيد باهتمامات محددة
غالبًا ما يسعى مصابو متلازمة أسبرجر للتركيز على اهتمامات محددة وعدم محاولة تغييرها بتاتًا، الأمر الذي يُهيئ لعقولهم الراحة والتنحي عن التوتر والتشتت بنسبة كبيرة، وتعتمد تلك الاهتمامات على النحت أو التكنولوجيا عامةً أو الرسم وغيرها من المجالات الأخرى؛ ولكن أحيانًا قد تسوء الأمور كثيرًا إذا باءت تلك الاهتمامات بالفشل.
الصمت الانتقائي
بدايةً عند إدراك معنى الصمت الانتقائي نجده متجسدًا في البعد عن التعامل مع الآخرين وخاصةً في الأماكن العامة أو المجموعات الجديدة، وتفضيل تبادل الحديث مع من يعرفونه جيدًا فحسب؛ كما يعد التنحي بعيدًا عن التجمعات والاكتفاء برسم الابتسامة على الوجه فقط ضمن مظاهر الصمت الانتقائي، والتي تعود كعَرَض ضمن أعراض متلازمة أسبرجر عند الأطفال تبعًا.
الذكاء
يتخلل الذكاء أعراض أسبرجر عند الأطفال من خلال التفوق المُرتسم في القدرات عن المعدل الطبيعي لدى الأصحاء دون تلك المتلازمة، فكثيرًا ما نلاحظ توسع الأفق وتقدم المواهب في أغلب المجالات؛ وفي الغالب تختص تلك المهارات بالجزء الأيمن من الدماغ ووظائفه؛ مثل: التفوق في الرياضيات، والأرقام بصفة عامة، وكذلك الموسيقى.
الميل إلى الانطوائية وملازمة القلق الاجتماعي
دائمًا ما تأتي محدودية التفاعل الاجتماعي والميل للانطوائية ضمن أعلى مظاهر وأعراض متلازمة أسبرجر عند الأطفال؛ ففي الغالب ينقص الأطفال المصابون بتلك المتلازمة إمكانية التعبير عن آرائهم وفهم مشاعر الآخرين؛ فليس لديهم القدرة على استيعاب تعابير الوجه أو إدراك الأنماط غير اللفظية بسهولة، الأمر الذي ينوء به لتفضيل الانطوائية والرهبة من التعامل بتلقائية.
اتباع أسلوب النمط والتماثل
إذا كنتِ تريدين حقًا التعامل مع طفل أسبرجر بالطريقة الصحيحة؛ فعليكِ إدراك مدى اهتمامه بالنمط الواحد عند ترتيب أشيائه؛ سواءً كان هذا النمط وفقًا للون أو الشكل أو أيا ما كان، كما يتطلعون أيضًا للبحث الدائم عما يماثل ذلك النمط، عندها يشعر الطفل المصاب بالراحة والسكينة دون التوتر والقلق، الأمر الذي يعزز من قدراته في الوقت ذاته؛ إذ يخلق لديه الموهبة في رصد الظواهر الطبيعية.
مضاعفات وعواقب متلازمة أسبرجر
قد لا يقتصر الأمر عند تلك الأعراض السالف ذكرها فقط، والتي يستطيع من يعاني منها الاستمرار في العيش دون مواجهة الأزمات، ولكن قد يتطور الأمر ليصل إلى مضاعفاتٍ أخرى يصعب علاجها أو التكيف معها؛ والتي تندرج فيما يلي:
- الشعور بالكآبة والقلق بصفة مستمرة، وفقد الرغبة في الانخراط مع الآخرين إطلاقًا.
- قلة الإنتاجية وفرص العمل الثابت؛ وكذلك ضعف الثقة بالنفس.
- تدهور العلاقات العاطفية، وذبذبة الاجتماعية منها.
مشاهير سبق لهم المعاناة من متلازمة أسبرجر
استنادًا لإحصائيات متلازمة أسبرجر عامةً فقد نوّه الدكتور الحموي إلى وجود نماذج ومشاهير عديدة تدفعنا للاقتداء بها؛ فلم تعق إصابتهم بمتلازمة أسبرجر طريقهم للتمكن من استغلال ذكائهم المكنون، واجتيازهم طريق النجاح والتفوق وبجدارة، وقد ثبُتت إحصائية تأثير متلازمة أسبرجر عند الأطفال ضمن دائرة التوحد بمعدل طفلين ونصف لكل 1000 طفل؛ ومن هؤلاء المشاهير ما يلي:
ألبرت آينشتاين
لم يغفل أحدٌ منّا عن اسم “آينشتاين” أعظم وأشهر علماء الفيزياء إطلاقًا، وعلى قدر ما يُكنه هذا الاسم من نجاحات وإنجازات هائلة؛ إلا أنه قد تم إثبات معاناته من متلازمة أسبرجر في السابق.
بيل جيتس
اسم آخر في قائمة العظماء ألا وهو بيل جيتس؛ فقد تم إثبات معاناته من متلازمة أسبرجر أيضًا، بل وما زال يعاني، وتتجسد تلك المتلازمة لديه في خشية التقاء العيون أثناء تبادل الحديث مع الآخرين؛ وكذلك كان يتسم بالهدوء والخجل.
جاري نومان
واحد ضمن مشاهير منصة الغناء البريطاني، وقد شوهد تشخيصه سابقًا في إحدى المقابلات بمتلازمة أسبرجر؛ وفقًا لاختياره العزلة واتضاحها بشكلٍ كبير.
ساتوشي تاجيري
كان يواجه صعوبة في التعامل مع الآخرين والتكيف بصفة عامة؛ فقد كان يتسم بالانطوائية، والتي هي إحدى علامات متلازمة أسبرجر عند الأطفال منذ بداية النشأ، وبالفعل قد تم تشخيصه بها؛ إلا أنه لم يكد وحارب للوصول إلى نجاحاته مكتسحًا اليابان بالبوكيمون.
كيفية علاج متلازمة أسبرجر عند الأطفال
يشرع التشخيص المبكر لمتلازمة أسبرجر لدى الأطفال في التخفيف من حدة الأعراض، والتعزيز من تكيفهم مع المحيط الخارجي دون مواجهة الصعوبات والأزمات المتعارف عليها والسالف ذكرها؛ إذ تتنوع طرق العلاج لتتضمن الآتي:
العقاقير الطبية
لم يثبت وجود دواء بعينه للتعافي كليًا من متلازمة أسبرجر عند الأطفال؛ ولكن هناك بعض العقاقير الطبية التي يمكنها التخفيف من حدة كل عَرَض على حدة، حيث يتم وصف بعض الأدوية تحت إشراف الطبيب لمن لديهم اضطراب ثنائي القطب، وهذا الأخير قد تم تصنيفه ضمن الاضطرابات الملازمة لأسبرجر، وأيضًا هناك بعض العقاقير لتخفيف وطأة الاضطرابات الأخرى من النوم، والاكتئاب والقلق الاجتماعي.
العلاج السلوكي المعرفي
يساهم هذا الشق من العلاج إلى حدٍ ما في مساعدة الطفل؛ لتخطي صعوبة التعامل مع الآخرين، من خلال تعلم التحكم بالعواطف والسلوكيات المندفعة بدايةً من بث التغير في طريقة التفكير؛ الأمر الذي يمكنه من التحكم في انفعالاته عند مواجهة ما يخشاه؛ كالانفجارات أو نوبات الهوس.
تعزيز مهارات التواصل
يهدف التحسين من لغة التواصل وتعزيز الاعتماد عليها إلى تجنب استخدام نغمة صوت واحدة أثناء الحديث، وتعلم استخدام كافة الأنماط الصوتية تبعًا لاختلاف حدة الموقف، وكذلك تعلم كيفية إدارة المحادثات الثنائية، والاطلاع على جميع الإيماءات والإشارات الاجتماعية ومهارات التواصل البصري.
تعلم المهارات الاجتماعية والتدرب عليها
يعد التدرب على المهارات الاجتماعية إحدى أهم طرق علاج أسبرجر عند الأطفال، حيث يتعلم الطفل المصاب خلال الجلسات الفردي منها والجماعي كيفية التخلص من القلق وتعزيز مهارة التعبير عن النفس، ويتم ذلك اعتمادًا على نموذج معين قد تم إعداده لتلك الحالة.
تلقي الآباء والأمهات التدريب اللازم
قد يبدو هذا الأمر غريبًا لوهلة عند التطرق إليه، ولكنه بمثابة الأهم والأكثر فائدةً لطفلك، إذ يتطلب منكِ تعلم كافة التقنيات والمهارات الاجتماعية التي يتلقاها طفلك داخل البيت، ويمكنكِ الاستعانة بمساعدة مستشار متخصص في علاج أسبرجر عند الأطفال؛ لضمان التعلم بالشكل الصحيح الذي يمكنكِ من مواجهة التحديات مع طفلك دون اليأس.
ختامًا؛ فقد استطعنا الإلمام بكافة اتجاهات متلازمة أسبرجر عند الأطفال، قد يبدو الأمر غاية في الصعوبة، وقد ينتابك القلق لا محالة بمجرد التأكد من تشخيص حالة طفلك، ولكن عليكِ بعدم الاستسلام لتلك الحالة، فما لك من الأمر من شيء سوى التخفيف من هلعك واتباع سبل الهدوء في التعامل مع طفلك، لتهيئة وسط سوي لا يشوبه الضجيج والفزع.