تمر على حياتنا الكثير من الأحداث التي تشكل ضغطًا على عقولنا وأحيانًا لا نتقبل هذه الأحداث، ولا يكون لدينا قدرة على التكيف معها بشكل طبيعي؛ مما يؤدي لأعراض فقدان الذاكرة النفسي، وهذا يتطلب رعاية طبية مناسبة في أغلب الحالات؛ لذلك سنوضح لك أهم الأسباب المؤدية لهذه المشكلة، وكيفية علاجها والوقاية منها بشكل مناسب عبر السطور القادمة.
ما هو فقدان الذاكرة النفسي؟
هذا المرض يعد من الاضطرابات النفسية التي يصاب بها بعض الأشخاص نتيجةً إلى التعرض لصدمات عصبية شديدة أو ضغوط نفسية متكررة، ولا يكون المريض قادرا على التعامل معها، ويعتبر من أنواع الأمراض العقلية؛ ومن الممكن أن يؤدي لفقدان الذاكرة بشكل جزئي أو كلي حسب حالة المصاب؛ وقد تطول مدة فقد الذاكرة إلى شهور في بعض الحالات، ثم يعود المريض تدريجيًا إلى طبيعته مرةً أخرى.
أسباب فقدان الذاكرة النفسي
هناك مجموعة من الأسباب يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بفقدان الذاكرة النفسي؛ منها: أسباب عصبية ترجع إلى مشاكل بخلايا المخ، وأخرى أسباب نفسية؛ مثل: التعرض لبعض الصدمات، إلى غيرها من العوامل الأخرى التي سنوضحها تفصيلاً فيما يلي:
الإصابة بحالة مرضية نفسية لها تأثير عصبي
توجد بعض الحالات المرضية النفسية المختلفة يمكن أن تؤثر على الأعصاب الموجودة بالمخ، وتساعد في الإصابة بفقدان ذاكرة نفسي؛ ومن أمثلتها: الإصابة بصرع، أو حدوث تشنجات عصبية بالدماغ؛ لذلك عند ملاحظة أي أعراض على المصاب، يجب مراجعة الطبيب؛ حتى لا تحدث أي مضاعفات صحية أخرى كفقدان الذاكرة.
أسباب عصبية
يمكن أن يحدث فقدان الذاكرة النفسي عند إصابة الشخص بتلف في خلايا الدماغ؛ نتيجة التعرض لصدمة، أو لحادث، أو مشكلة مرضية معينة؛ مما يؤدي إلى فقدان ذاكرة عضوية، وقد يتطور الأمر مع مرور الوقت إلى فقدان ذاكرة نفسي.
الصدمة النفسية الشديدة
تعتبر الصدمات أحد أهم الأسباب لحدوث فقدان بالذاكرة، فوجود الشخص في بيئة سيئة لا يتقبلها من الأساس أو تعرضه لموقف صادم أو مشكلة حياتية صعبة لا يقدر على تخطيها بشكل جيد أو تعرضه لبعض الحوادث مثل: القتل أو السرقة أو الاغتصاب وغيرها من الأمور الصعبة، يمكن أن يؤثر كثيرًا على كفاءة العقل ويؤدي إلى ظهور مشاكل بالذاكرة.
الصداع النصفي المزمن
أحد المشاكل التي تؤدي لحدوث فقدان بالذاكرة؛ ففي بعض الأحيان لا يكون المريض قادرا على تحمل الصداع الذي يهاجم خلايا الدماغ بشدة؛ ويؤدي إلى حدوث هذه المشكلة كأحد مضاعفات الصداع النصفي.
العوامل المساعدة على الإصابة بفقدان الذاكرة النفسي
هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بفقدان الذاكرة التفارقي أو النفسي المنشأ، كالإصابة بأمراض معينة أو اتباع نمط حياة خاطئ، وغيرها من العوامل الأخرى؛ منها ما يلي:
- شرب المواد الكحولية بشكل مفرط، وإدمانها.
- تناول بعض الأدوية الطبية بشكل مبالغ فيه؛ مما يؤدي إلى نتائج سلبية؛ منها: فقدان الذاكرة.
- حدوث اضطرابات في النوم بشكل كبير؛ مما يؤثر على كفاءة العقل، ويسبب مشاكل بالأعصاب.
- التعرض للاكتئاب، وما ينتج عنه من أعراض مختلفة.
- حدوث اضطراب ما بعد الصدمة.
أهم أعراض فقدان الذاكرة النفسي تبعًا لأنواعه
تتنوع أعراض اضطراب الذاكرة النفسي بناءً على أنواع فقدان الذاكرة نفسه؛ فكل نوع له الأعراض الخاصة التي تميزه عن غيره؛ وسوف نوضح هذا تفصيلاً فيما يلي:
فقدان الذاكرة الجزئي
أهم أعراض هذا النوع من فقدان الذاكرة هو نسيان أحداث تتعلق بفترة زمنية محددة؛ وفي الغالب تكون هذه الأحداث خاصة بالفترة التي تعرض فيها للصدمة؛ فعلى سبيل المثال: قد يتعرض الشخص إلى صدمة معينة بمرحلة المراهقة؛ ولكنه غير قادر على تذكر تفاصيلها بشكل دقيق، يعلم أنه تعرض لموقف صادم؛ لكن لا يعلم جميع التفاصيل الخاصة به.
فقدان الذاكرة العام
يعتبر من الأنواع النادرة ويصاب بها عدد قليل جدًا من الأشخاص، فعند إصابتك به، ستفقد جميع الأحداث التي تتعلق بحياتك أو بالآخرين، وحينها سوف تنسى اسمك وعائلتك وتفاصيل عملك إلى غيرها من الأحداث والمواقف الأخرى بشكل عام.
الشرود
تعتبر من الحالات القصوى لفقدان الذاكرة الناتج عن أسباب نفسية؛ حيث يكون المريض فاقدا لذاكرته بشكل كلي وغير قادر على تذكر أي تفاصيل، وبذات الوقت أيضًا يبني عالما جديدا لنفسه وحياة جديدة تحتوي على تفاصيل وأحداث مختلفة تمامًا عن التي عاشها مسبقًا.
كيف يمكن تشخيص فقدان الذاكرة النفسي؟
يمكن تشخيص الإصابة من خلال القيام بعدة إجراءات طبية؛ منها: الفحص السريري؛ للتأكد من مدى تعرض الشخص للخرف، أو من خلال بعض الاختبارات، والفحوصات الطبية المختلفة؛ منها ما يلي:
اختبارات معرفية
يقوم الطبيب بعمل تقييم شامل للذاكرة، واختبار تفكير المريض، وآرائه، ومدى تذكره للأحداث، وللمعلومات العامة، والأحداث المتعلقة بالحياة الشخصية، وغيرها، والغرض من هذا؛ تحديد مدى الإصابة وتقديم الدعم النفسي والعلاج المناسب للمشكلة.
اختبارات نفسية
يقوم الطبيب بإجراء بعض الاختبارات النفسية للمريض؛ بغرض معرفة تجارب المريض والتمييز بينها؛ حتى يتم الوصول إلى تشخيص محدد، وعلاج مناسب لحالة الشخص المصاب.
اختبارات تشخيصية
هناك بعض الاختبارات التشخيصية يقوم بها الطبيب لفحص حالة المصاب، والتأكد من مدى إصابته بفقدان الذاكرة النفسي؛ فقد يوصي بعمل تحليل دم شامل؛ للتأكد من مدى وجود مواد مخدرة أو عقاقير طبية معينة أدت لظهور أعراض فقدان الذاكرة، بالإضافة إلى فحص تخطيط كهربة الدماغ؛ للتأكد من عدم الإصابة بصرع، وعمل أشعة مقطعية على المخ، والتصوير بالرنين المغناطيسي؛ للكشف عن أي أورام بالدماغ وغيرها.
كيفية علاج فقدان الذاكرة النفسي؟
الهدف من علاج المريض عند إصابته بمشكلة فقدان الذاكرة الناتج عن أسباب نفسية هو مساعدة المريض على تقبل ما يشعر به؛ فهذا الأمر يساعد كثيرًا في شفاء المريض، فيحرص الطبيب دائمًا على إعادة دمج المريض مرة أخرى مع البيئة المحيطة به من خلال بعض الأنشطة التي ترفع من معنوياته، وتزيد كفاءة العقل مرةً أخرى؛ وقد ينقسم العلاج عادةً إلى دوائي، وسلوكي تبعًا للآتي:
العلاج النفسي
قد يحتاج بعض المرضى إلى جلسات علاجية نفسية؛ بالإضافة إلى تطبيق العلاج السلوكي؛ حتى يتمكن المريض من الاندماج مع المجتمع مرة أخرى بشكل طبيعي وتتحسن حالته مع الوقت؛ خصوصًا عند تلقي الدعم من عائلته والمحيطين به.
العلاج بالأدوية
في الحقيقة لا يوجد علاج طبي محدد يمكن أن يؤدي لشفاء المريض من فقدان الذاكرة الناتج عن أسباب نفسية؛ ولكن أحيانًا يصف الطبيب بعض الأدوية الطبية الغرض، منها: التخلص من الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المريض، مثل: حالات القلق، أو الاكتئاب الناتجة عن فقدان الذاكرة.
كيفية الوقاية من فقدان الذاكرة النفسي؟
يمكنك حماية نفسك من الإصابة بأعراض اضطراب الذاكرة النفسي عبر اتباع نمط حياة صحي، والابتعاد عن مصادر القلق والتوتر باتباع بعض الإرشادات البسيطة، منها: الاهتمام بممارسة الأنشطة الرياضية؛ مما يساعد على تدفق الدم إلى المخ، وتحسين نشاط العقل مع محاولة تنشيط العقل من خلال القراءة، أو سماع الموسيقى، والمشاركة في أنشطة اجتماعية مختلفة.
من الأمور المهمة أيضًا التواصل الاجتماعي مع الآخرين للتقليل من حدوث الاكتئاب أو الإصابة بضغط نفسي، والمحافظة على النظام والترتيب؛ فهي من الأشياء التي تعمل على ترتيب أفكار العقل وتقلل من النسيان، وضرورة اتباع نظام غذائي غني بالفيتامينات، والمعادن، والبروتينات الصحية، والنوم لفترات كافية لا تقل عن 8 ساعات.
في النهاية… وبعد أن قدمنا لك أسباب فقدان الذاكرة النفسي، وكيفية علاجه بشكل مناسب؛ نتمنى لك العيش بصحة جيدة، ونود توجيه نصيحة أخيرة؛ فإن كنت تعاني من هذه المشكلة أو شخص عزيز عليك؛ يجب مراجعة الطبيب بشكل مباشر عند ظهور أي عرض من أعراضها؛ لتجنب حدوث أي مضاعفات.