واجهت النساء الكثير من القيود الاجتماعية، في مختلف جوانب حياتهن، إذ لم يُسمح لهن بالمشاركة في بعض الألعاب، أو العمل في بعض المجالات، ورغم ذلك فإن عدم المساواة لم تمنع الكثيرات من السعي والمثابرة، حتى وإن اضطرهن الأمر للتنكر، وهنا سنعرض أبرز نساء تنكرن في زي رجال، في سبيل تحقيق أحلامهن.
أشهر نساء تنكرن في زي رجال
ديبورا سامبسون
ولدت المعلمة ديبورا سامبسون في عام 1760، والتي تعد المرأة الوحيدة في التاريخ التي نالت شرف الحصول على معاش عسكري كامل، إثر بطولاتها خلال الحرب الثورية الأمريكية، ولكن السؤال هنا، كيف استطاعت ديبورا أن تقوم بهذه البطولات؟ وهو الأمر المخالف لقوانين البلاد في ذلك الوقت، إذ لم يسمح للسيدات بالانضمام إلى صفوف المحاربين.
روبرت شورتليف
كانت المشاركة في الحرب الثورية الأمريكية عام 1782، حلمًا يراود ديبورا، إذ إنها لم تشعر بكينونتها في العمل كمعلمة، وهو ما دفعها إلى إخفاء هويتها الأنثوية، واختيار اللقب الذكوري “روبرت شورتليف”، لتستطيع الانضمام إلى القوات الوطنية في الحرب، ولحسن حظها لم ينكشف أمرها خلال عامين من التنكر، استطاعت فيهما أن تثبت شجاعتها بجدارة أثناء عملها في الجيش، إذ قامت بقيادة 30 من جنود المشاة في رحلة استكشافية، وحفرت الخنادق، وواجهت نيران المدافع بمنتهى القوة والبسالة.
ولكن الحال لم يبق كما هو عليه، حيث تم اكتشاف أمرها بعد أن تم نقلها إلى مستشفى فيلادلفيا، إثر مرضها الشديد وفقدانها للوعي، نتيجة تفشي الوباء في ذلك الوقت، مما أدى إلى كشف هويتها كأنثى، وقد كان رد فعل القائد مخالفًا لتوقعاتها تمامًا، إذ أثنى على عملها البطولي وشجاعتها في الحرب، ولكن هذا لم يمنع من إلزامها بمغادرة الجيش.
هكذا عادت سامبسون إلى مسقط رأسها في ماساتشوستس، وعاشت حياة زوجية سعيدة مع زوجها بنيامين جانيت وأطفالها الثلاثة، وبعد وفاتها عن عمر يناهز 66 عامًا، قدم زوجها التماسًا ليستطيع الحصول على دعم مالي كزوج لشخص عسكري، والذي كان يُمنح لأرامل المحاربين في الجيش، ورغم استحالة مطلبه إلا أن الكونجرس اعتبر الأمر استثناء، وقام بالموافقة على التماسه، تقديرًا وتخليدًا لشجاعة زوجته وحبها للوطن.
دوروثي لورانس
حسنًا، من قال إن الحرب ساحة معركة للرجال فقط! فهناك الكثير من السيدات أيضًا اللاتي كانت لهن أدوار لا تقل أهمية عن الرجال، ومن هذا المنطلق، وإيمانًا بدور النساء الفعّال في المجتمع، قامت السيدة دوروثي لورانس بالإقدام على خطوة جنونية، ليضاف اسمها فيما بعد ضمن قائمة نساء تنكرن في زي رجال، إذ قامت السيدة الإنجليزية لورانس البالغة من العمر 18 عامًا، بالتنكر بزي جندي بريطاني يدعى دينيس سميث، لتحقق طموحها الذي راودها منذ صغرها، وهو أن تصبح مراسلة حربية.
مراسلة حربية
عانت لورانس من رفض المحررين لرغبتها، كذلك رفضهم لفكرة أن تقوم “امرأة” بدور صحفية استقصائية خلال الحرب العالمية الأولى، مما دفع لورانس لإخفاء هويتها الأنثوية والتنكر بزي رجل، في محاولة لتحقيق طموحها الذي سعت إليه كثيرًا، هكذا قامت بفعل ما بوسعها لإخفاء أية ملامح أنثوية، حيث أقدمت على قص شعرها الطويل، ووضع بعض التركيبات السائلة على جسدها بغرض إخفاء لون بشرتها، بالإضافة إلى قيامها بحمية قاسية للحصول على قوام نحيف وإخفاء وجنتيها البارزتين.
ها قد وطئت قدما لورانس أخيرًا ساحة المعركة، كأحد الجنود البريطانيين، وقامت بالعمل لمدة 10 أيام في الخطوط الأمامية للجبهة الغربية، قامت خلالها بزرع الألغام في الحقل، إلى أن أصابها المرض وأصبحت طريحة الفراش، لتجد نفسها مجبرة على الاعتراف بهويتها الحقيقية للقائد، خشية التعرض للكشف الطبي، هكذا تم إجبار لورانس على التوقيع على بيان تُقسم فيه بأنها لن تذكر تجربتها أبدًا لأي شخص، خشية أن تتبع نساء أخريات طريقها، ويفعلن فعلتها، وبالفعل أبقت لورانس الأمر سرًا حتى توفيت في عام 1964.
دوروثي لوسيل تيبتون
هل لك أن تتخيل صدمتك عندما تكتشف أن مطربك المفضل هويته الأصلية سيدة وليس رجلا؟ هذا ما حدث بالفعل مع محبي فنان الجاز، وأحد أشهر قادة الفرق الموسيقية على الإطلاق، المطرب بيلي تيبتون، والذي تم اكتشاف هويته الأصلية عند وفاته، ليتضح أنها سيدة تدعى دوروثي لوسيل تيبتون.
بيلي تيبتون
ولدت دوروثي لوسيل تيبتون في عام 1914، في مدينة كانساس، ولاية ميسوري، كانت تيبتون مغرمة جدًا بالموسيقى في صغرها، حتى تطور الأمر وأصبح حلمًا يراودها كل ليلة، إذ كانت أمنيتها الوحيدة أن تنضم إلى فرقة المدرسة الموسيقية، إلا أن سياسة المدرسة رفضت، حيث لم يكن يسمح للفتيات في ذلك الوقت بالعزف في الفرق الموسيقية المدرسية، هكذا عزمت دوروثي أمرها ولجأت إلى التنكر في زي رجل، لتحقق حلمها الذي لا ينفك عن مراودتها ليلًا ونهارًا.
وبحلول عام 1933 بدأت في ارتداء الملابس الرجالية، وانضمت للعمل مع فرق موسيقى الجاز، ثم قامت باختيار اسم بيلي تيبتون في عام 1940، ليصبح لقبها حتى نهاية حياتها، وسرعان ما نالت إعجاب الجميع، واستطاعت أن تحصل على عدد هائل من المعجبين بموهبتها الموسيقية، إذ قامت بالعزف على البيانو والساكسافون بمهارة، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الأغاني الشهيرة التي برعت في أن يسبقها لقب تيبتون.
بالإضافة إلى أدائها المبهر وعملها الرائع، فقد نجحت أيضًا في الحفاظ على سرية هويتها الأنثوية، وكان ذلك من خلال مظهرها، واختلاقها لبعض القصص الكاذبة حول هويتها كرجل، وفي عام 1989 مرضت تيبتون، وتم تشخيص إصابتها بقرحة هضمية، ورغم ذلك فقد رفضت الاتصال بالطبيب عندما ساءت حالتها، في سبيل أن لا ينكشف أمرها، إلا أن القدر كشف هويتها الحقيقية، عندما حاول المسعفون إنقاذ حياتها قبل أن تُتوفى عن عمر يناهز 74 عامًا.
هانا سنيل
ولدت المواطنة البريطانية هانا سنيل في ورسستر بإنجلترا، في عام 1723، وقد كانت هانا مفتونة بالحروب والجنود منذ طفولتها، ولكن لم يخطر ببالها يومًا أن يصل بها الأمر إلى التنكر في زي رجل، للانضمام إلى الجيش البريطاني.
بحلول عام 1744 تزوجت هانا في سن مبكرة، من رجل يدعى جيمس سامز، وأنجبت طفلتها الأولى، ولكن القدر كتب على هانا حياةً مأساوية بعد موت طفلتها التي تبلغ من العمر عامًا واحدًا، بالإضافة إلى اختفاء زوجها المفاجئ، والذي صدرت عنه بعض الشائعات حول تورطه في بعض الخدمات العسكرية، الأمر الذي دفعها إلى استخدام ملابس صهرها والتنكر بزي رجل، وقد اتخذت اسم جيمس جراي لقبًا لها.
جيمس جراي
هكذا استطاعت هانا الانضمام إلى الجيش البريطاني والانضمام إلى قائمة نساء تنكرن بزي رجال؛ إذ اتخذت قرارها في البقاء للخدمة العسكرية، خاصة بعد اكتشافها أن زوجها قد حكم عليه بالإعدام بعد أن وجهت إليه تهمة القتل العمد، وقد استطاعت هانا أن تثبت بسالتها من خلال عدة مسيرات عسكرية مليئة بالمغامرات، أثناء فترة عملها مع مشاة البحرية، كما استطاعت إثبات قوتها أيضًا في معالجة نفسها من الإصابات، لتجنب التعرف على هويتها الأصلية، إذ تعرضت إلى ما يقرب من 12 إصابة في أماكن متفرقة، بما في ذلك إصابة شديدة في الفخذ.
وأخيرًا قررت سنيل إزاحة الستار، حيث كشفت عن هويتها الأنثوية الحقيقية لزملائها المقيمين معها في الوحدة، وكان ذلك في عام 1750، قبل أن يتم تسريحها من الخدمة بشرف، وإعطائها مبلغًا ماليًا كدعم لها، وكما عاشت هانا حياة مأساوية فقد انتهت حياتها أيضًا بشكل مأساوي، إذ توفيت بعد 6 أشهر من دخولها الملجأ، إثر إصابتها بالخرف في عام 1791.
جان دارك
ولدت جان دارك في عائلة ريفية من أصول فرنسية، في عام 1412، عاشت حياتها بحب ومرح طفولي مستمتعة بجميع مراحل تطورها، حتى وصلت إلى فترة المراهقة وجاء اليوم الذي لم يخطر ببالها، إذ واجهت صدمة كبيرة عندما راودتها رؤيا أفقدتها صوابها، وغيرت أهداف حياتها تمامًا.
رؤيا ملهمة
كانت جان في ذلك الوقت تبلغ 13 عامًا، عندما زعمت أنها سمعت أصواتا مختلفة لبعض القديسين، من خلال رؤيا تحثها على قيادة الجيش الفرنسي للفوز على الإنجليز، وهو ما دفعها للتنكر في زي رجل عند بلوغها الـ16 من عمرها، حيث قامت بارتداء الدروع وكثفت جهودها، على أمل الوصول إلى الملك جوان تشارلز السابع، وإقناعه بأنه تم انتقاؤها عن طريق هذه الرؤية، لتقود الجيش الفرنسي خلال حربه مع إنجلترا.
لم يكن لدى الملك خيار آخر، خاصة بعد أن فشلت جميع محاولاته السابقة، هكذا وضع إيمانه وثقته في جان وجعل الجيش تحت إمرتها، لتقوم بقيادته إلى حصار أورليان، وبحلول عام 1430، وبينما كانت جان تحاول صد إحدى الهجمات، تم القبض عليها وقام البورغنديون باحتجازها، إذ وجهت إليها 70 تهمة مختلفة، من بينها انتحال شخصية رجل، وقيامها بالزندقة، وهي تغيير منظومة المعتقدات المستقرة، عن طريق إدخال معتقدات جديدة عليها، خاصة في الدين، وهكذا تمت محاكمة البطلة القومية الفرنسية جان، عندما كانت تبلغ 19 عامًا، لتنتهي مسيرتها في الحياة ويتم إعدامها حرقًا في عام 1431.
كاثرين سويتزر
قامت كاثرين سويتزر بالتنكر في هيئة رجل، بهدف المشاركة في ماراثون بوسطن عام 1967، ولكن بمجرد أن أدرك المنظمون أن هناك سيدة في السباق، قاموا بمواجهتها ولم يسمحوا لها بالمشاركة.
من أجل الماراثون
بدأت القصة في ستينيات القرن الماضي، إذ لم يكن يسمح للنساء بالاشتراك في سباقات الماراثون أو السباقات التي يزيد طولها على 1500 متر، الأمر الذي أصاب كاثرين بالإحباط، حيث كان طموحها أن تشارك في إحدى السباقات، ورغم ذلك فإنها لم تيأس، ولم تسمح لهذه القواعد أن تقف عائقًا أمام طموحها، وبالفعل أقدمت كاثرين على التنكر بزي رجل لتقدم نفسها للترشح في ماراثون بوسطن، في عام 1967، لتصبح أول امرأة على الإطلاق تشارك في هذا الماراثون، ولكن بمجرد أن أدرك المسؤولون أن امرأة كانت تجري في سباق 42 كم، قاموا بمنعها على الفور من المشاركة، وهو ما اعتبرته كاثرين تصرفًا متعنتًا وغير لائق، لتقوم بمواجهة المسؤول بمنتهى الشجاعة، وبالفعل لم تذهب جهودها عبثًا، حيث تم رفع الحظر المفروض على النساء رسميًا في عام 1972.
مارغريت آن بولكلي
استعارت مارغريت المولودة في أيرلندا اسم عمها جيمس، لتستطيع القبول في كلية الطب، إذ كان يسمح بالتحاق الذكور إليها فقط في ذلك الوقت، وهو ما نبع من رغبتها الشديدة للعمل في الخدمات العسكرية البريطانية، ثم وبالفعل في أوائل القرن الـ19 استطاعت مارغريت أن تصبح المسؤولة عن المستشفيات العسكرية، تم تأهليها بعد ذلك للعمل كجراحة عسكرية ومفتشة عامة للجيش البريطاني.
جيمس ميراندا ستيوارت
استطاعت مارغريت خلال فترة عملها وانتحالها شخصية السيد جيمس ميراندا ستيوارت، مداواة الكثير من الجنود المصابين، والسهر على راحتهم، وعملت بمنتهى التفاني والإخلاص والحب لمهنتها كطبيبة، حتى تم تخليد اسمها كأول جراح يقوم بإجراء عملية قيصرية في جنوب إفريقيا، ونظرًا لظروفها الصحية المتدهورة، أجبرت مارغريت على التقاعد في عام 1865، وعلى غير العادة لم يتم اكتشاف هويتها الأنثوية الحقيقية، إلا بعد وفاتها في نفس العام، الأمر الذي أصاب الجيش البريطاني بالصدمة والدهشة، وجعلهم يقومون بمنع الوصول إلى جميع الوثائق المتعلقة بها، إلى أن أعيد فتح القضية مرة أخرى في خمسينيات القرن الماضي، على يد أحد المؤرخين.
رينا روستي كانوكوجي
ولدت رينا في عام 1935 في بروكلين، والتي كان شغفها في سنوات مراهقتها الأولى متمثلًا في أن تصبح لاعبة جودو، إلا أن طموحها بالمنافسة في نادي الجودو باء بالفشل، وذلك بعد أن تم رفض طلبها من قبل رئيس النادي، ليخبرها بأكثر خبر صادم في حياتها، وهو أن الجودو مقتصر على الرجال فقط، إذ يعتبرون النساء ضعيفات للغاية بالنسبة لهذه الرياضة التي تحتاج شجاعة وقوة.
قاهرة الرجال
ولكن رينا التي أصرت على تحقيق حلمها لما تيأس، وبحلول عام 1959 أقدمت على خطوة جنونية، حيث قامت بقص شعرها وتنكرت بزي رجل، لتتقدم بخطى ثابتة وتقدم نفسها كأحد اللاعبين الرجال، في محاولة للانضمام إلى بطولة الجودو التي نظمتها جمعية الشبان المسيحيين في نيويورك، وقد استطاعت بالفعل إثبات واستعراض مهاراتها بشجاعة، من خلال هزيمتها لجميع الرجال الذين قاتلتهم، حتى استحقت بجدارة أن تفوز بالميدالية الذهبية، إلا أن حظها العاثر جعل منظمو البطولة يشككون في هويتها، ليثبت لهم أنها امرأة وليست رجل.
هنا تحطم حلم رينا إذ توجب عليها إعادة ميداليتها في نفس اليوم، نظرًا للقرار الذي يمنع النساء من المشاركة في الجودو في الولايات المتحدة، ورغم ذلك فقد شعرت رينا بسعادة عارمة، وكانت فخورة جدًا بنفسها بعد أن استطاعت تحقيق حلمها الذي سعت له كثيرًا، هكذا قررت الذهاب إلى طوكيو حيث يسمح للنساء بممارسة رياضة الجودو، وبعد حياة حافلة بالشباب والآمال والطموحات، نازعت رينا كثيرًا مع مرض السرطان، لتخسر معركتها الأخيرة مع المرض، ثم توفيت عن عمر يناهز 74 عامًا في عام 2009، لتستحق عن جدارة أن تكون على رأس قائمة نساء تنكرن بزي رجال.
سارة إدموندز
لا نستطيع أن ننكر حقيقة أن النجاح يولد من رحم الألم والمعاناة، وهو ما حدث بالفعل للسيدة سارة إدموندز، المولودة في كندا عام 1841، والتي عانت بشكل كبير أثناء تواجدها في منزل والدها، الذي تجرد من صفاته كأب وقام بتعذيبها وإساءة معاملتها طوال حياتها، لمجرد رغبته التي لم تتحقق في أن ينجب ذكرًا وليس أنثى.
هكذا حسمت سارة أمرها وعزمت على إثبات مدى قوتها وشجاعتها، لتثبت للجميع أن دور النساء في المجتمع لا يقل أبدًا عن دور الرجال، وهنا كانت نقطة التحول في حياتها، إذ قامت بالهرب من منزل والدها المتعنت، ومضت في طريقها إلى فلينت بولاية ميشيغان، في عام 1856، حيث اتخذت قرارها بالانضمام إلى الخدمات العسكرية، وهو ما نتج عن إحساسها الصادق بواجبها المدني في ذلك الوقت.
فرانكلين فلينت طومسون
تم إدراج وتخليد اسم سارة ضمن قائمة نساء تنكرن بزي رجال، إذ قامت بالتنكر في هيئة رجل يدعى فرانكلين فلينت طومسون، واستطاعت بهذا التنكر أن تسجل اسمها بصفتها ذكر، في مشاة ميتشيغان الثانية لتقوم بواجبها كممرض ميداني، حيث كانت مسؤوليتها هي رعاية ضحايا المعركة، ولكنها لم تكتف بهذا القدر، فقد شاركت أيضًا في العديد من المعارك التي وقعت خلال حملة ماريلاند عام 1862، متضمنة معارك ماناساس وأنتيتام الثانية.
بالإضافة إلى ذلك، ورغم عدم تواجد سجل رسمي لسارة، إلا أنها استطاعت أن تثبت مهارتها وتظهر قدراتها أيضًا في التجسس، فقد عملت كجاسوسة لولايات الاتحاد لفترة ليست بقليلة، وبحلول عام 1863 انتهى حلم سارة، حيث تم تشخيص إصابتها بالملاريا، مما دفعها إلى التخلي عن عملها والابتعاد عن زملائها، كنتيجة لشعورها بالخوف والقلق من فكرة دخولها إلى المستشفى العسكري، الأمر الذي سيؤدي بالتبعية إلى انكشاف أمرها.
نستطيع الإقرار بأن سارة أثبتت للعالم بأسره وليس والدها فقط، أن النساء يمتلكن من القوة والشجاعة ما يؤهلهن لخوض أعتى المعارك، وذلك بعد أن تم تسريحها من الجيش بطريقة مشرفة، لتحصل كذلك على دعم مالي في هيئة معاش تقاعدي، تعبيرًا عن الامتنان والتقدير، ونظيرًا لعملها المتميز كأول سيدة تقوم بالخدمة في الحرب الأهلية الأمريكية.
الأخوات برونتي
في أواخر القرن التاسع عشر قامت الأخوات “برونتي”، شارلوت، إميلي، وآن، بنشر رواياتهن ومجموعتهن الشعرية، تحت أسماء الذكور كورير، إيليس، وأكتون بيل، وقد فضلن السيدات الثلاث التنكر في أسماء هؤلاء الرجال خوفَا من تحيز المجتمع ضد الكاتبات النساء، وقد نالت أعمالهن شهرة واسعة حتى استطعن أن يصبحن من أكثر الكتّاب تأثيرًا في الأدب الإنجليزي.
كورير، إيليس، وأكتون بيل
وُلدت الفتيات الثلاث بالتوالي في الأعوام 1816، 1818، و1820، وقد كانت أسرتهن بسيطة، مكونة من 6 أطفال، ولكن بحلول عام 1825 لم يكن قد بقي من أفراد العائلة سوى والدهن وأخيهن الأصغر، والذي توفي لاحقاً أيضًا، وسرعان ما تطورت مخيلة الفتيات الثلاث وقمن باختراع قصص خاصة بالجنود، بعد أن قام والدهن بإهدائهن مجموعة من ألعاب الجنود، الأمر الذي ساهم في تطوير قدراتهن الإبداعية، ورغبتهن في كتابة القصص.
بدأت قصة الفتيات في عام 1845، بعد أن اكتشفت شارلوت مجموعة من قصائد أختها إميلي، والتي راقتها كثيرًا حتى إنها قررت نشرها، وبرغم أن هذه القصائد لم تلقَ استحسانًا كبيرًا، إلا أنها كانت مصدر إلهام للأخوات برونتي، اللاتي قمن بالبدء في محاولة كتابة رواياتهن الخاصة، وبمرور الوقت استطعن بالفعل إثبات براعتهن وقدرتهن على الكتابة، حيث قامت إميلي بنشر رواية “مرتفعات ويذرينغ” تحت اسم الكاتب أليس بيل، وقد لقيت الرواية في ذلك الوقت انتقادات لاذعة، لاحتوائها على قصة حب عنيفة بين البطلين، ولكن إميلي لم تيأس، بل سعت إلى تطوير نفسها، وبعد فترة وجيزة قامت شارلوت بنشر روايتها الشهيرة “جين آير”، في عام 1847، تحت الاسم المستعار كورير بيل، كما قامت الأخت الثالثة آن بنشر روايتها “أغنيس جراي” تحت الاسم المستعار أكتون بيل.
وعندما تم سؤال شارلوت عن سر تنكرهن في هيئة رجال وإخفاء هويتهن، أجابت بأنهن لم يفضلن إظهار هويتهن الأنثوية الأصلية لنشر أعمالهن، لأن أسلوبهن في الكتابة والتفكير ينطبق على ما يسمى بالكتابة الأنثوية في ذلك الوقت، مما سيجعل أعمالهن عرضة للتحيز والرفض دون شك، هكذا ظلت أعمالهن تحت الأسماء المستعارة حتى تم الإعلان أخيرًا عن هويتهن الأنثوية، وأصبحت كتاباتهن من أشهر وأبرز الكتابات التي كان لها تأثير فعال في الأدب الإنجليزي.