هل تعرف تلك السحابة السخيفة التي تقطع استمتاعك بدفئ الشمس المشرقة في برد يناير.. سحابة تغلق يومك وتستبدل الإشراقة بالغيوم.. تقتل تلذذك بآشعة الشمس وتدفع بالبرد دفعا ليتسلل إلى أوصالك.. هل تدرك هذا الإحساس؟
إذا كنت قد سرحت بخيالك فعد إلى أرض الواقع لأننا سنتحدث عن سعيد.. شاب بدين إلى حد ما من النوع اللميع، وهذا النوع من البشر لا يتعرق العرق السائل المِلحي المتعارف عليه، هو فعليا يفرز شحما عالي الكثافة، وربما لو اهتمت معاهد البحوث بدراسة بشرة من هم على شاكلة سعيد لاكتشفوا منبعا طبيعيا لإصدار الفازلين الأورجانيك.
دعنا من بشرته.. سعيد يملك موهبة عظيمة لا يملكها الكثيرين، موهبة حجب السعادة، نعم هو مولد طاقات سلبية يمشي على قدمين يشع تشاؤما أينما ذهب، تكفيك ثوان معدودة إلى جوار سعيد وستغمر التعاسة حياتك، هو قادر ببراعة أن يقفل يوم أشد الناس تفاؤلا، تجلس وبمجرد أن تنصت له، أو ربما دون أن تنصت تستمع للشكاوي، والحال البائس والاضطهاد الذي يعاني منه، ونهاية العالم التي اقتربت والثعبان الأقرع الذي سيزورك عند الحلاق.. المهم خلاصة الاستماع لسعيد إما أن تنتحر، أو على أقل تقدير تصاب باكتئاب حاد.
سعيد لديه إيمان كامل بكل نظريات المؤامرة، وكل النظريات هو وشارعه ومدينته وبلده محورها، ماكينة شكوى وبؤس ليس لها مثيل، دائما يتألم، يشكو.. يئن.. إن نزلت له علاوة تجده يشكو قلتها، إن جاء له خبرا سعيدا يتفنن في أن يحوله لبكائية..
ولدى سعيد خاصية فريدة من نوعها، خاصية المزايدة في الشؤم…
هل تذكر خالد الغندور وهو يضع يديه في وسطه، يهز رأسه أن “اشمعنى”، هنا عند سعيد الأمر شبيه ولكن باختلاف، جرب أن تبدأ يومك بإخباره أن إصبعك يؤلمك، ستجده يشكو من ذراعه وقدمه وكل جسده يؤلمه، قل له أن رفرف سيارتك قد خدش، سيحدثك على الفور عن كيف أن نصف سيارته طار في حادث تصادم مع ذبابة عابرة.. المهم دائما أن مصابه أضعاف ما فيك..
هو سعيد ليس في صفته، إنسان طيب، ليس سيئا ولكن مجالسته ثقب أسود في أي يوم او ساعة أو لحظة بيضاء لديك.. هو سحابة تحجز آشعة الشمس الدافئة عن يومك وتجلب برد التشاؤم في أوصالك.. وهو سعيد!