جائزة داروين هي تكريم نشأ حين بدأ مسؤولو مجموعة أخبار «Uneset» عام 1985 محاولة التفكير في تحية الأشخاص الذين يفترض أنهم ساهموا في التطور البشري عقب اختيارهم التضحية بجيناتهم الخاصة عن طريق الموت أو إصابته بالعقم، من خلال أفعالهم.
ما هي جائزة داروين؟
ظهر مشروع جائزة داروين للنور بحلول العام 1993، بعدما صبغ بالطابع الرسمي عن طريق إطلاق موقع رسمي للجائزة على الإنترنت بنفس العام بواسطة الكاتبة «ويندي نورتكوث».
وينص معيار اختيار الفائز بالجائزة على أن تحيي جوائز داروين ذكرى الأفراد الذين يحمون جيناتنا من خلال تقديم التضحية النهائية بحياتهم، حيث إن الفائزين بجائزة داروين يقضون على أنفسهم بطرق غبية بشكل غير عادي، وبالتالي يتحسن نوعنا، وتزيد فرصنا في البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل.
قواعد منح الجائزة
وضعت ويندي نورتكوث 5 قواعد أساسية يجب وأن تتوافر في المرشح للحصول على الجائزة، وإن لم تتوافر أي منها بأي متقدّم لنيل شرف هذه الجائزة الغريبة، يتم إقصاؤه من قائمة المرشحين، وتلخصت القواعد في الآتي:
- عدم القدرة على الإنجاب، إما عن طريق الوفاة أو عن طريق إصابته بالعقم.
- التمّيز، بمعنى أن ترى لجنة التحكيم بأن المرشح أقدم بالفعل على تصرّف غبي جدًا قاده إلى الموت.
- اختيار الذات، بمعنى أن يكون المرشح قد أقدم على إنهاء حياته هو، وليس شخصًا آخرًا.
- النضوج، بحيث يكون الشخص قد تخطى السن القانونية ومسؤول عن أفعاله.
- التوثيق، حيث يجب أن تكون الرواية الخاصة بموت المتسابق موثقة بأدلة قوية وليست محض خيال.
أبرز 5 فائزين بجائزة داروين
على الرغم من أن حصد أي إنسان لجائزة داروين يعني بالتبعية إما وفاته أو على أقل تقدير إصابته بالعقم لنفسه، إلا أنه وبشكل غريب، هنالك من يرون في هذا إنجازًا يجب الاحتفاء به، تخليدًا لذكرى «داروين».
على العموم، بعض الأغبياء -إن صح التعبير- نجحوا في أن يحصدوا هذه الجائزة المشؤومة، حين قرروا طواعية إزالة أنفسهم من مجموعة الجينات الموجودة على هذه الأرض، بأشد الطرق غباءً، وفيما يلي نستعرض أبرز 5 قصص لمن أقدموا على ذلك.
«سرقة ما ينهي حياتك»
بالعام 2008، كان ديفيد مونك، الذي يبلغ من العمر 46 عامًا، يقضي إجازته السنوية مع بعض من أصدقائه بإحدى مدن إيطاليا، وذات يوم، وبعد تناول القليل من المشروبات المسكرة، قررت مجموعة الأصدقاء سرقة “حصيرة واقية” تغطي حواجز معدنية أسفل منحدر قريب، من أجل استخدامها كزلاجة للتزحلق.
صعد الشباب أعلى التل، وبدؤوا في التزحلق وصولًا لأسفله، وسرعان ما ارتطموا جميعًا في نفس الحاجز الذي سرقوا منه الحصير، وعلى الفور، فارق ديفيد الحياة، قبل أن ينقل صديقه «آلان ماكجريجور» قصته للمسؤولين عن جائزة داروين، ليتم منحه إياها لكونه متفردًا، وهنا لا يمكننا أن نعتبر التفرُّد صفة جيدة على العموم.
الجبان وأصدقاؤه
في عام 2001، كان رجلًا يدعى ماركو يقود شاحنة مليئة بالأصدقاء في طريق العودة من عطلة أمضاها داخل الجبال، وقتئذ، اكتشف ماركو أن فرامل السيارة مُعطلة، لكنه آثر ألا يخبر أيا من أصدقائه بحقيقة هذا الوضع المأساوي، ربما لأنه كان جبانًا.
قفز ماركو لوحده من الشاحنة قبيل أن تصل إلى حافة المنحدر، طمعًا في البقاء على قيد الحياة، لكن في نفس الوقت تقريبًا، استطاع أحد من شاركوه الشاحنة أن يوقفها، وينقذ مجموعة الأصدقاء من مصيرهم البائس.
بعد ذلك، عادت مجموعة الأصدقاء لتطمئن على ماركو الذي قفز من الشاحنة، فوجدوه قد فارق الحياة بفعل جُبنه، حيث ارتطم رأسه بأحد الأرصفة، ما جعله يفوز بجائزة داروين نظرًا لغبائه المتناهي، خاصةً وأن كل من كانوا بداخل الشاحنة لم يتعرضوا لخدش، بينما قاده تصرفه الجبان إلى مفارقة الحياة.
بديهيات
في عام 1997، أصدرت الشرطة في ريستون بولاية فيرجينيا بيانًا قالت فيه إنها عثرت على جثة شاب يدعى إريك بارسيا يبلغ من العمر 22 عامًا، والذي يبدو أنه توفي أثناء محاولته القفز بالحبال من فوق جسر يبلغ ارتفاعه 70 قدمًا.
يعتقد أن إريك كان شابًا يحب المغامرة، حيث قرر أن يأخذ على عاتقه تنفيذ هذه القفزة الخطرة معتمدًا على نفسه، فقام بربط نفسه بالحبال من جهة، وربط الطرف الآخر من الحبال بالجسر بشكل جيد، ويبدو أنه كان قد حسب جيدًا طول الجسر (70 مترًا) وتأكد أن الحبال أقل طولًا، حتى لا يرتطم بالأرض.
لكن ومع هذا الكم من التخطيط، ربما نسي إريك بارسيا أمرًا بديهيًا وهو أن حبال “البنجي” المستخدمة بهذه القفزة تمتد، ما يعني أنه فور أن يتخذ القرار بالقفز من أعلى الجسر، سيصبح طول الحبل أكبر من المسافة ما بين الجسر والأرض، ما يعني أنه بشكل ساذج، قد قرر أن يقفز مسافة 70 مترًا دون حماية تذكر، وبالتأكيد النتيجة معروفة.
كارثة طبيعية ولكن!
طبقًا للموقع الرسمي لجائزة داروين، فإن وفاة أي شخص نتيجة لانهيار جليدي أو أي كارثة طبيعية تجعله غير مؤهل لنيل شرف الجائزة، لكن عند دراسة قصة وفاة رجل يدعى والتر، قررت لجنة التحكيم بأنه من الممكن أن يتم منحه استثناءً.
كان والتر يعشق ركوب دراجات الجليد، وتتضمن هذه الرياضة القيادة صوب أعلى منحدر حتى تعلق الزلاجات الخاصة بالدراجة الجليدية، وهي ربما تعد رياضة لا طائل منها، لكن ليست هذه هي القصة الآن.
في أحد أيام شتاء العام 2000، كان والتر قد تغاضى عن تحذيرات جنود منطقة جليدية تفيد بأن هنالك انهيارات جليدية متوقعة، واستمر بممارسة هوايته الغريبة، ليحدث ما كان متوقعًا، وينهار الجبل الجليدي، فيُدفن والتر تحته.
كان من المفترض أن يأخذ والتر التحذيرات في اعتباره بالتأكيد، لكنه عوضًا عن ذلك، قرر أن يستقل دراجته صعودًا وهبوطًا على منحدر التل، ليعجل بحدوث الانهيار، أو بمعنىً أوضح ليعجل بخبر وفاته.
الغواص الهاوي
بالعام 1999، في محاولة واضحة لإثارة إعجاب مجموعة من الفتيان المراهقين، قام رجل (لم يكشف الموقع الرسمي لجائزة داروين عن اسمه) بالغطس من أعلى جرف يبلغ ارتفاعه 80 قدمًا في الماء.
حقيقة؛ هذه المحاولة إذا تم القيام بها بشكل صحيح، لا يفترض أن تكون مميتة، ولكن يبدو أن الرجل لم يكن لديه خبرة سابقة في الغوص من الأساس، حيث أغمي عليه الماء، وعلى الرغم من أن المراهقين نزلوا وأخذوه خارج الماء، إلا أنه قد أُعلن عن وفاته عند وصوله إلى المستشفى، وبالتالي لم يُثر إعجاب المراهقين، ولم يستطع الحفاظ على حياته، لكنه حظي بجائزة داروين للأغبى بذلك العام.
على كل حال؛ المخاطرة، التشويق وحب المغامرة أمور لا تتعارض مع الحفاظ على السلامة، بشرط أن يتحلى الإنسان بقدر من الفطرة السليمة، التي تمكنه من تقليل حجم المخاطرة بحياته، ومع ذلك، يبدو أن بعض الباحثين عن الإثارة يفتقرون حتى إلى أصغر قدر من الفطرة السليمة، والحقيقة المؤكدة هي أن ممارسة الأغبياء للرياضات الخطرة قد تنتج عنها كوارث، تجعلهم فقط يتصدرون قوائم جائزة داروين.