تتعدد أنواع العواطف في علم النفس من حيث تأثيرها على طريقة عيش الإنسان وتفاعلاته مع الآخرين، حيث إن خيارات وقرارات الفرد تتأثر بشكل عام بالمشاعر أو العواطف التي يحملها، وفقًا لتصوراته التي كونها بشكل مسبق.
ما هي العاطفة؟
العاطفة بالتعريف عبارة عن مجموعة من المشاعر أو الأحاسيس الجسدية، إضافة إلى الوعي والإدراك النفسي، التي تنعكس إجمالا على شكل ردات فعل الإنسان تجاه المواقف الحياتية والشخصية التي يمر بها. وتشمل العواطف مجموعات لا تنتهي من الظواهر النفسية -سواء كانت محددة أو غير محددة- مصحوبة ببعض من الظواهر المرئية والواضحة للآخرين.
ويمكن تصنيف العواطف لقسمين رئيسيين؛ الأول هو العواطف الرئيسية، وهي المشاعر التي تصدر عن جميع الناس بمختلف مرجعياتهم الثقافية، الاجتماعية، أو حتى العُمرية، أما القسم الثاني؛ فهو ما يمكن تسميته بالجمع ما بين العواطف المختلفة، أي الدمج ما بين عدد من العواطف الرئيسية لإنتاج عاطفة جديدة، ويعني ذلك بداهةً أن العواطف الرئيسية هي اللبنة الخام المستخدمة في إنتاج المشاعر الأكثر تعقيدًا، والتي يختلف التعبير عنها وفهمها من شخص لآخر، من بيئة لأخرى ومن سن لآخر.
أنواع العواطف في علم النفس
كما سبق وذكرنا، تنقسم العواطف في علم النفس إلى قسمين، رئيسية ومُجمعة أو ثانوية، وفيما يلي سنبدأ بشرح كل منها بشكل مبسط.
العواطف الرئيسية
العواطف الرئيسية هي المشاعر التي تبدأ في التعبير عن نفسها مع لحظة الولادة، ولا يحتاج الإنسان لتطوير أي مهاراتٍ خاصة لاكتسابها، حيث إن هذه المشاعر هي التي تتشارك بها كل الكائنات البشرية حول العالم، بغض النظر عن الظروف المحيطة بهم من ثقافات وحالات اجتماعية أو نفسية.
وتتلخص هذه المشاعر الأساسية في 6 نقاط محددة وهي:
- الفرح: هو أكثر العواطف التي يرغب المرء باختبارها، حيث إن الفرح مرتبط بشكل مباشر بالسعادة، ويتم إظهار هذه العاطفة عادةً عن طريق تعبيرات الوجه المبتسمة، ولغة الجسد ونبرة الصوت الهادئة.
- الحزن: تتجلى عاطفة الحزن عند الشعور بالألم، خيبة الألم، وهي مشاعر عابرة كغيرها، وتظهر على شكل البكاء، الرغبة في العزلة، وأحيانًا الصمت التام، وتعتمد مدة التعافي من أعراض الحزن على طريقة التعامل معه، لأنه في بعض الأحيان، ومع طول مدته يتحول لاكتئاب.
- الغضب: هي العاطفة التي تتميز بالعداء تجاه الآخرين، نتيجة لشعور المرء بالإحباط، وفي الغالب تكون مشاعر سلبية، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تستخدم كأداة للتحفيز، وإيجاد الحلول وإعادة التفكير، لكن إذا لم يتم تحجيمها والسيطرة عليها قد تؤول بنهاية المطاف إلى الإساءة أو العنف.
- الخوف: الخوف هو أشد أنواع العواطف في علم النفس ارتباطًا بمفهوم الإنسانية، حيث إنه الدافع الحقيقي للإنسان للبقاء على قيد الحياة، ويظهر الخوف على هيئة محاولات الإنسان الهروب من مصادر الخطر، كما يتفاعل الجسد مع هذه المشاعر فيزيائيًا عبر تسارع نبضات القلب، التعرق، سرعة التنفس.
- المُفاجأة: هي عاطفة لحظية، أو ردة فعل تنتج بسبب تحرر الأدرينالين في الجسم بشكل مؤقت نتيجة تعرّض الإنسان لموقف لم يتوقعه.
- الاشمئزاز: هي ردة فعل عاطفية تجاه كل الأشياء السيئة، بدايةً من الطعام، وصولًا إلى التصرفات الأخلاقية، وتظهر على شكل امتعاض يتبعه رفض لذلك الشيء السيئ، ولكن تتباين طرق التعبير عن هذا النوع من المشاعر.
العواطف الثانوية (المعقدة)
العواطف الثانوية هي انفعالات تتبع العواطف السابقة، بمعنى أنها عبارة عن مزيج من المشاعر الأساسية المتداخلة، التي تنتج أحاسيس جديدة معقدة، لا تشبه الأساسية بشكل كامل.
بشكل مبسط؛ المشاعر أو العواطف الثانوية اجتماعية، لأنها ناتجة عن تفاعلات الفرد مع بيئته المحيطة، لذلك هنالك تفاعلات مرتبطة بثقافات ومجتمعات معينة، ولا وجود لها بأخرى، فعلى سبيل المثال؛ فثقافة منطقة الأمازون لا يوجد ما يعرف بالحسد، حيث إن مفهوم الانتماء لا يعتد به، بالتالي إذا كانت كل الأشياء ملكًا للجميع، فمن غير المنطقي أن يتبنى أي شخص عاطفة الحسد.
لكن على أي حال، يمكن اعتبار عواطف مثل الحسد، الشعور بالذنب، العار، الازدراء، الفخر، الحماس والمتعة أبرز المشاعر الثانوية بالعصر الحالي، لكن كما ذكرنا يتم التعبير عنها بشكل مختلف وفقًا للمجتمع الذي ينتمي إليه الفرد.
تصنيف آخر لأنواع العواطف في علم النفس
بما أن التقسيم الأول يبدو بدائيًا بعض الشيء، اقترح بعض علماء النفس أن يتم تصنيف قائمة العواطف الإنسانية بشكل أكثر سهولةً مع الإبقاء على فكرة العواطف الأساسية والثانوية قائمة كما هي، وجاء تصنيف أنواع العواطف في علم النفس بصورته المستحدثة كالتالي:
- العواطف الإيجابية: تعرف المشاعر الإيجابية بالسليمة، لأنها تؤثر بشكل إيجابي على حياة الفرد، وأهمها مشاعر الفرح، الرضا والامتنان.
- العواطف السلبية: يشار إليها بالعواطف السامة، لأنها تضر بحياة الفرد، وغالبًا ما يتم التهرب منها بمختلف الطرق، وأهم هذه المشاعر: الخوف والحزن.
- المشاعر الغامضة: هي المشاعر المحايدة، التي لا يمكن إدراجها تحت بنود كالإيجابية أو السلبية، أو الصحية والسامة، فعلى سبيل المثال؛ لا يمكن الجزم بأن شعور كالمفاجأة بشكل عام يمكن تصنيفه كشعور جيد أو سيئ.
- العواطف الكامنة: هي المشاعر التي تظهر مع وجود سياق -عادة فني- كالاستماع للموسيقي أو مشاهدة عمل فني، لأننا عندئذ قد نشعر بسعادة غامرة أو حزن دفين، مختلف بشكل كبير عن المشاعر التي نختبرها في الحياة العادية، ويعود السبب في ذلك لتفاعلنا مع نوايا صاحب العمل.
- العواطف الاجتماعية: هي مشاعر نشعر بها تجاه الأفراد من حولنا ولا يمكن التعبير عنها دون وجود شخص بجهة المقابلة، وأهمها الامتنان، الانتقام، الكبرياء والإعجاب.
- العواطف المفيدة: هي العواطف المدفوعة بأهداف، ويكون من الصعب التعرف عليها لأنها تبدو طبيعية.
ما هي نظريات العاطفة؟
بعد أن تعرفنا على أنواع العواطف في علم النفس، وطرق تصنيفها، ربما من المهم أن نعود خطوة للوراء، لنعرف كيف كانت بدايات صياغة نظرية العاطفة.
على مدار عقود، تم صياغة نظرية العاطفة بطرق متعددة، لكن يمكن افتراض أن أهمها يتلخص في الثلاث صيغ التالية:
- النظرية الفسيولوجية: تفترض أن التفاعلات الداخلية بجسم الإنسان هي المسؤولة عن العاطفة.
- النظرية العصبية: تفترض أن النشاط داخل الدماغ البشري يؤدي إلى استجابات عاطفية.
- النظرية المعرفية: تقترح هذه النظرية أن الأفكار والنشاطات العقلية هما الثنائي المسؤول عن تشكيل العواطف البشرية.
في النهاية؛ ربما تظل النقطة الأهم هي إدراك الإنسان لكيفية التحكم في أنواع العواطف في علم النفس بمختلف تصنيفاتها، ما يعود عليه دون شكٍ بالمنفعة، لأن هذا التحكم يجعل الإنسان أقوى، وهذا لا يعني قمع العواطف أو المشاعر أيًا ما كانت، لكن التأكد من أنها مرحلة وقتية قابلة للانتهاء، وليست سجنًا مدى الحياة.