جميع البشر يمكنهم القيام بفعل الحب، لكن المشكلة الحقيقية تكمُن عادةً في لغات الحب التي يستخدمها طرف ما أثناء تعبيره عن حبه للطرف الآخر، لذلك يمكن لهذه المشاعر الصادقة أن تضيع أحيانًا حين تختلف لغة الحب الخاصة بكل طرف عن الآخر.
الحب فعل متبادل
في كتابه «لغات الحب الخمس: سر الحب الذي يدوم للأبد»، طوَّر الدكتور «جاري تشابمان» مفهوم الحب الشعبوي، محاولًا وصف هذه الأنماط الخمسة لتوصيل مشاعر الحُب، التي استخلصها من تجربته كاستشاري للأزواج واللغويات.
ترى صني معتمدي، المعالجة الأسرية والطبيبة النفسي، أن جميعنا بالفعل يمكنه التواصل بهذه اللغات، كما يمكنه فهمها على نحو جيد، لكن بذات الوقت، لكل منّا لغة يفضلها، سواء لـ التعبير عن المشاعر التي يكّنها لشريكه أو لتلقي نفس المشاعر من الطرف الآخر، لذلك، فاكتشاف لغة الحب الأساسية لدي الشخص وشريكه، والتحدّث بها بانتظام يؤدي إلى فهم أفضل لاحتياجاته، ما يساعد على نمو العلاقة واستقرارها.
ما هي لغات الحب الخمس؟
لغات الحب الخمس هي 5 طرق مختلفة للتعبير عن الحب وتلقيه، وتنقسم إلى: كلمات التأكيد، الوقت الممتع، تبادل الهدايا، تقديم الخدمات، التواصل الجسدي. وبديهيًا لا يتواصل الجميع مع الحب بنفس الطريقة، وبالمثل، لدى الناس طرق مختلفة يفضلون تلقي الحب بها.
كلمات التأكيد
الأشخاص الذين يستخدمون كلمات التأكيد كلغة حب يقدرون الاعترافات اللفظية بالعاطفة، بما في ذلك عبارات المديح، كلمات التقدير، التشجيع اللفظي، والتواصل الرقمي المتكرر في كثير من الأحيان مثل الرسائل النصية ومشاركة وسائل التواصل الاجتماعي.
ترى الدكتورة «فريحة محمود سيد»، الطبيبة النفسية المختصة بالعلاقات الزوجية، أنّ بالنسبة لبعض الأشخاص، تكون عبارات الموّدة المكتوبة أو المنطوقة هي الأكثر أهمية وتعبيرًا عن الحب، لأنها تجعلهم يشعرون بالفهم والتقدير بشكل مضاعف.
الوقت الممتع
يشعر الأشخاص الذين تكون لغتهم المحببة هي قضاء وقت ممتع أكثر من محبوبهم عندما يرغب شريكهم بنشاط في قضاء الوقت معهم ويكون دائمًا على استعداد لفعل ذلك، إنهم يفضلون -بشكل خاص- التواصل البصري والحضور الكامل كأولوية في علاقاتهم.
تدور هذه اللغة من لغات الحب حول إعطاء اهتمام كامل للشريك، دون تشتيت انتباهه بواسطة أي عامل خارجي آخر، باختصارٍ، لدى من يفضلون هذه اللغة رغبة قوية في قضاء الوقت بنشاط مع الآخرين المهمين بالنسبة لهم، أو إجراء محادثات هادفة معهم.
تقديم الخدمات
إذا كانت لغة الحب الخاصة بك هي تقديم الخدمات، فأنت تقدر عندما يبذل شريكك قصارى جهده لجعل حياتك أسهل، مهما كانت هذه الخدمة بسيطة، مثل إحضار الحساء لك عندما تكون مريضًا، أو صنع قهوتك في الصباح.
بالعودة مجددًا للدكتورة «فريحة محمود»، فبالنسبة لهؤلاء، الحب لغة لا تتعلق بالكلمات، فهم غالبًا لا يفضلون سماع تعبيرات عن مدى حبك لهم، بل يفضلّون رؤية الأفعال التي تعبر عن تقديرك لهم، لجعل حياتهم أكثر سهولة وراحة.
تقديم الهدايا
طبقًا لجاري تشابمان، الهدايا هي لغة حب بسيطة جدًا، حيث تعتبر رموزًا مرئية للحب، مع العلم أن القيمة النقدية للهدية ليست مهمة على الإطلاق، لكن الفكر الرمزي وراء تعلّق البعض بهذا العنصر.
يتعرف الأشخاص ذوو هذا الأسلوب على عملية تقديم الهدايا ويقدرونها، بما فيها من تفكير دقيق، اختيار متعمد للهدية، والفوائد العاطفية من تلقي الهدية. باختصار؛ يستمتع الأشخاص الذين يفضلون الهدايا كلغة معبرة عن الحب بتلقي أو تقديم أشياء ذات مغزى يهمهم ويعكس قيمهم.
التواصل الجسدي
يشعر الأشخاص الذين يحبذون لغة الجسد في الحب والتعبير عنه فيما بينهم، بأنهم محبوبون عندما يتلقون علامات مودة جسدية، وتكون هذه العلامات بمثابة رابط عاطفي قوي للأشخاص الذين لديهم لغة الحب هذه.
يشير معتمدي إلى أن جذور هذه اللغة تعود إلى طفولتنا، حيث شعر بعض الناس فقط بعاطفة عميقة وحب من والديهم عندما تم احتضانهم أو تقبيلهم أو لمسهم.
يعتقد الأشخاص الذين ينقلون تقديرهم من خلال هذه اللغة، أنها إشارة حقيقية للتقدير، حيث يولون اهتمامًا مضاعفًا للشعور بالدفء والراحة الذي يأتي مع اللمسة الجسدية.
لغة الحب الأكثر شيوعًا
حلل تشابمان نتائج 10 آلاف شخص شاركوا في اختباره عبر الإنترنت في عام 2010، ووجد أن كلمات التأكيد كانت اللغة الأكثر شيوعًا ولكن بهامش ضئيل، حيث إنّ في العام 2018، قام تطبيق المواعدة «Hinge» بتحليل بعض بيانات مشتركيه ووجد أن لغة الحب الأكثر شيوعًا هي قضاء وقت ممتع مع الشريك.
بينما تعتقد الدكتورة «فريحة محمود سيد»، أن تحليل البيانات وحده لا يكفي، لأن التفضيلات أحيانًا قد تخضع لعوامل أكثر أهمية مثل الجنس، الثقافة، والعادات والتقاليد، وضربت مثالا يؤكد ذلك، مشيرةً إلى أن بعض لغات الحب المنتشرة بالغرب أقل شيوعًا بالشرق، والعكس بالعكس.
كسيدة من جنوب آسيا ترى أن مدح شخص ما بشكل مباشر أمر غير مريح للغاية وغالبًا لا يتم استقباله بشكل جيد. بدلاً من ذلك، يكون مدح هذا الشخص لطرف ثالث أكثر قيمة، كما أن إظهار المودة العلنية بين الزوجين أو الشركاء الرومانسيين يعد أيضًا من المحرمات الرئيسية في بعض المجتمعات.
انتقادات لنظرية تشابمان
عقب نحو أكثر من 30 عامًا على صدور كتاب جاري تشابمان، وبعد انتشار مفهوم لغات الحب بشكل موّسع، أشار بعض الناس إلى مشاكل لغات الحب، حيث يقوم بعض الناس باستخدام نظرية لغات الحب كنوع من اختبار الشخصية، على الرغم من حقيقة أن بيت القصيد في تشابمان هو أنه من المفترض أن نتكيف مع لغة الحب لشريكنا، لا أن نطلب منهم استخدام لغتنا.
اللغة المشتركة لا تعني السعادة
في الواقع، كشفت الأبحاث الحديثة أن توافق الأزواج من حيث لغة الحب لا يعني علاقة ناجحة وسعيدة، حيث ثبت أنّ الأزواج الذين يتشاركون نفس لغة الحب لم يكونوا أكثر سعادة من الأزواج الذين لديهم أنماط مختلفة، مما يشير إلى أن إتقان نظام لغة الحب وتكييفه بناءً على ما يحتاجه الشريك في الوقت الحالي هو أكثر قيمة من الاعتماد فقط على لغة الحب المشتركة.
لأن الجمود العاطفي ناحية لغة بعينها يمنع الشركاء من تطوير الاستقلالية والأصالة، وهو ما يتعارض مع الهدف الحقيقي من أي علاقة بين شخصين؛ أن تكون العلاقة مكانًا للتحول والنمو.
في النهاية؛ يعتقد المتخصصون بأنه لا يمكننا بأي حال من الأحوال الاعتماد على نظرية لغات الحب كدواء لعلاج القصور بالعلاقات، لكن الأفضل هو اعتبارها أداة إضافية تضاف لمجموعة المهارات الاجتماعية التي يجب على كل شخص امتلاكها للحصول على علاقات أفضل.