مرض باركنسون من الأمراض العصبية التي انتشرت بين الكثير من كبار السن ونسبة كبيرة من الشباب في وقتنا الحالي، لذا كان البحث عن علاج مرض الباركنسون هو الشاغل للكثير من العلماء والمؤسسات الطبية على مستوى العالم، فما هي العلاجات الحالية المتبعة للتعامل مع ذلك المرض؟ وكيف يمكن التكيف مع أعراضه القاسية والتخفيف منها؟
ما هو مرض الباركنسون Parkinson’s disease؟
يمثل مرض باركنسون أو الشلل الرعاش اضطرابا يصيب الجهاز العصبي بخلل معين يؤثر على قدرة الشخص على التحكم في حركة جسمه، وعادةً ما يظهر ذلك الاضطراب وأعراضه القاسية ببطء وبصورة تدريجية فتزداد الحالة سوءًا بمرور الوقت، وترتفع نسبة الإصابة بذلك المرض بين الرجال مقارنةً بالنساء بنسبة تصل إلى 50%، وكذلك تزيد فرص الإصابة به كواحد من أمراض الشيخوخة والذي يصيب المراحل العمرية الأكبر من 60 عاما، كما يتم اكتشاف وتشخيص المرض قبل عمر 50 عاما في 10% من حالات الإصابة.
مرض باركنسون والوراثة
كشفت العديد من الأبحاث العلمية والطبية عن ارتباط نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالعوامل الوراثية والجينية، خاصةً في حالات الإصابة قبل سن 50، حيث اكتشف العلماء حدوث طفرة جينية مرتبطة بوجود بروتين ألفا سينوكلين أو أجسام ليوي بالمخ، والتي يحاول العلماء الوقوف على الوظيفة الأساسية لها وعلاقتها بالطفرات الجينية التي تطرأ على المخ في حالة الإصابة بمرض باركنسون.
كذلك في بعض الاضطرابات العقلية والإدراكية مثل اضطراب الخرف الجسدي؛ كما تلعب العديد من التغيرات الجينية دورًا هامًا في الإصابة بمرض باركنسون والتي تصيب الخلايا العصبية بنوع من التلف كما تعيق إنتاج هرمون الدوبامين بشكل طبيعي بالدماغ.
ما هو علاج مرض الباركنسون؟
يحتاج الطبيب أولاً إلى الوقوف على التاريخ المرضي للشخص والأمراض الوراثية الموجودة بالعائلة خاصةً أمراض الجهاز العصبي، بالإضافة إلى ما يعانيه من أمراض مزمنة، مع الأدوية والعقاقير الطبية المتناولة في تلك الفترة؛ ليستطيع وقتها وصف علاج مرض باركنسون بما يتناسب مع كل حالة، ولكن بشكل عام فمعظم علاجات ذلك الاضطراب الطبية لا تعالج المرض بشكل جذري وإنما تعمل على السيطرة على أعراض المرض والتخفيف من حدتها.
تشخيص المرض
هو أولى خطوات العلاج وأهمها، ولكن من المؤسف أن يكون تشخيص ذلك المرض والتعرف عليه من الأمور الصعبة إلى حدٍ ما خاصةً في المراحل المبكرة منه، حيث تتشابه أعراضه مع عدد من الاضطرابات الأخرى، بالإضافة إلى قلة الاختبارات المعملية والفحوصات الخاصة بالكشف عن الإصابة بمرض باركنسون، في حين يمكن اللجوء إلى أشعة الرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي للوقوف على نوع الاضطراب المصاب به المريض، والطبيب المختص بفحص وتشخيص حالة باركنسون هو طبيب الأعصاب واضطرابات الحركة.
التدخل الدوائي
تعتمد الخطة العلاجية لـ علاج الشلل الرعاش على بعض الأنواع من الأدوية والعقاقير الطبية والتي يختارها الطبيب المختص وفقًا للتشخيص السابق للحالة، والتي تتركز فاعليتها على تعزيز خلايا الدماغ لإنتاج المزيد من هرمون الدوبامين مع رفع تأثيره على المخ، بالإضافة إلى خفض تأثير بعض إنزيمات المخ على معدل ذلك الهرمون الهام للتقليل من حدة بعض الأعراض البارزة للمرض، ومن الضروري أن تتم تلك العملية تحت إشراف طبي مكثف لمراقبة الآثار الجانبية لتلك العلاجات وتطبيق الخطة العلاجية بطريقة صحيحة مما يضمن علاج مرض الباركنسون والسيطرة على أعراضه، والحصول على أسرع وأفضل النتائج.
التدخل الجراحي
تختلف الاستجابة للعلاج الدوائي لمرض باركنسون والتي تتركز على السيطرة على أعراضه وضمان حياة أفضل للمرضى، ولكن مع التقدم في حدة تلك الأعراض ومراحل المرض فقد يلجأ الأطباء إلى التدخل الجراحي كخيار اضطراري، وذلك بعد المقارنة بين مخاطر ذلك الإجراء والإيجابيات التي تعود على حياة المريض بعده، حيث تتركز فاعلية التدخل الجراحي على استهداف الأجزاء الدماغ المتحكمة في حركة الجسم بهدف السيطرة على الحركات اللاإرادية كعرض بارز من أعراض مرض باركنسون، فيما يُسمى بجراحة التوضيع التجسيمي.
علاج مرض الباركنسون بالأعشاب
هناك العديد من العوامل المساعدة لمريض باركنسون لتعزيز قدرته على الحياة بصورة أفضل وذلك من خلال تحسين قدرة الجسم على السيطرة على قدراته العضلية والعضوية، وإمداد الجسم ببعض العناصر الغذائية الهامة الموجودة في العديد من الأطعمة والنباتات الطبية ذات الخصائص العلاجية الممتازة للصحة بوجه عام والفعالة في علاج مرض الباركنسون بشكلٍ خاص، نذكر منها:
- الكركم والذي يعمل على منع تراكم البروتين في خلايا المخ، لاحتوائه على مركب الكركمين، كما أنه مضاد قوي للأكسدة والالتهابات.
- الشاي الأخضر الغني بمادة البوليفينول المضادة للأكسدة والتي تحمي خلايا المخ من التلف، كما تعزز من إنتاج هرمون الدوبامين.
- زيت جوز الهند وترجع فاعليته إلى ما تحتوي عليه من أحماض دهنية مفيدة، نعمل على تجديد الخلايا العصبية ورفع كفاءة وظائف المخ.
- أعشاب الجنكة من الأعشاب المفيدة لصحة الدماغ والتي تعزز الدورة الدموية بالجسم مما يعزز من وصول كمية كافية من الدم إلى خلايا المخ مما يحميها من التلف.
- بذور السمسم والتي تحتوي على مواد تعزز من إنتاج الجسم للدوبامين في المخ تسمى السيسامينول، لذا يتم استخدامها حاليًا في صناعة بعض أدوية مرض الباركنسون.
- بذور الكتان التي تحتوي على تركيز كبير من أوميجا 3 المعزز لصحة الخلايا والناقلات العصبية بالمخ.
كم يعيش مريض باركنسون؟
هل باركنسون يسبب الوفاة؟ بقدر صعوبة مرض الرعاش المعروف باسم باركنسون، إلا أنه يختلف في مراحله من حيث الأعراض التي تظهر على المرض، وبكل تأكيد فإن الأعمار بيد خالقها، ولا يمكن لطبيب التكهُن بعمر أحد المرضى وما تبقى منه، بل يمكن القول فقط إنه كلما اشتدت الأعراض، فقد المريض قدرًا كبيرًا من صحته، لأن مراحل المرض تبدأ بأعراض خفيفة حتى يصل الأمر في مراحله الأخيرة إلى عدم القدرة على الحركة مطلقًا، فضلًا عن مشاكل في الهضم، وصعوبات في التفكير ومشاكل في البلع وغيرها.
نصائح للتعامل مع مرض باركنسون
هناك مجموعة من الأمور الهامة والتي يجب الالتفات إليها عند العمل على علاج مرض الباركنسون، والتي يجب أن يتفهمها المريض والمحيطون به، حيث تساعد في التخفيف من أعراض المرض والسيطرة عليها بشكل كبير، والتي تتلخص في:
- ممارسة قدر من التمارين الرياضية المناسبة للحالة والتي تعمل على تحسين قدرة المريض على الحركة والتوازن.
- الحصول على بعض جلسات التخاطب، والتي تساعد بشكل كبير على علاج مشكلات النطق وصعوبة الكلام.
- الدعم النفسي والمعنوي علاج الرعاش الفعال لإمداد المريض بطاقة تساعده على الصمود والتغلب على أعراض ذلك الاضطراب.
- تجنب الضغط النفسي والتعرض لحالات التوتر والقلق والتي تنعكس على حدة المرض وأعراضه بشكلٍ كبير.
- من الضروري الالتزام بالخطة العلاجية المحددة من قِبل الطبيب لتفادي تدهور الحالة والتعرض لأي أعراض خطيرة.
- اتباع نمط غذائي صحي ومتكامل، يعتمد على الأطعمة الغنية باحتياجات الجسم من العناصر الغذائية الهامة لصحة الجسم.
- الحصول على قدر كافٍ من الراحة والنوم المنتظم.
- الحرص عند الحركة أو المشي، حيث يؤدي عدم الاتزان الناتج عن باركنسون إلى اختلال الجسم والتعرض لبعض الحوادث.
- الاستعانة بنوع من أنواع أدوات المشي مثل العصا أو المشاية عند التنقل لتدعيم الجسم.
- تناول كمية كافية من الماء والسوائل على مدار اليوم، الأمر الذي يحمي الجسم من الجفاف وينعكس إيجابيًا على صحة الجسم بشكل كبير.
في الختام فإن محاولات الوصول إلى علاج مرض الباركنسون بشكل قاطع تجري إلى وقتنا الحالي بشكلٍ حثيث، حيث تعمل العديد من الدراسات والأبحاث لتحقيق ذلك الهدف، مما يطرح قدرا كبيرا من الأمل والتفاؤل للأعداد الكبيرة من مرضى باركنسون حول العالم، وهم فئة كبيرة تتأثر حياتهم بكافة جوانبها بالإصابة بهذا المرض وما يصاحبه من أعراض قاسية.