عادةً ما يتجمهر المستهلكون أمام أبواب المتاجر في يوم محدد، يعرف بـ”الوايت فرايدي”، أو الجمعة البيضاء، بسبب الخصومات الكبيرة التي تقدمها المتاجر، بنهاية شهر نوفمبر من كل عام، فما هي القصة خلف هذا التقليد الذي يشترك به معظم دول العالم؟
أصل تسمية يوم الوايت فرايدي
قبيل أن نبدأ في شرح ماذا يحدث في “الوايت فرايدي” أو يوم الجمعة البيضاء باستفاضة، علينا إخبارك بأن أصول هذا الاسم تعود في الأساس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بالقرن التاسع عشر، حيث أطلق على أحد أيام الجمعة بعام 1869 اسم الجمعة السوداء، والذي تم تحويله للجمعة البيضاء حين يستخدم بالمنطقة العربية، ربما لأن اللون الأسود يعد نذير شؤم.
نظرية الكساد الاقتصادي
لم يكن هذا المصطلح مرتبطًا بالأساس بالتسوق بل بالأزمة المالية التي ضربت سوق الذهب الأمريكية بتلك الفترة، حيث قام اثنان من الممولين في وول ستريت، بشراء كمية كبيرة من الذهب الأمريكي على أمل ارتفاع السعر الإجمالي وبالتالي القدرة على بيعه لتحقيق أرباح ضخمة.
وفي يوم الجمعة الموافق 24 سبتمبر 1869، انهارت سوق الذهب الأمريكية وأدت الممولين إلى إفلاس بارونات “وول ستريت”، ليشار إليه بيوم الجمعة السوداء لاحقًا.
كيف تخلصت الولايات المتحدة من هذه الأزمة؟
تعافت الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الأزمة سريعًا، عن طريق تطبيق عدد من الإجراءات، كان منها إجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات المختلفة خوفًا من كسادها ولتقليل الخسائر قدر الإمكان.
من هنا، أصبحت الجمعة السوداء تقليدًا أمريكيًا، بأن تقوم المتاجر الشركات الكبرى بتخفيض أسعار منتجاتها بآخر أيام الجمعة من شهر نوفمبر بنسب تصل أحيانًا لـ90%، تخليدًا لهذا الحدث التاريخي.
الجمعة السوداء أم الجمعة البيضاء؟
باختصار؛ مسألة اختيار اللون للتدليل على هذا يوم تظل بلا سبب واضح، لكن الأكيد هو أن “الوايت فرايدي” هو المكافئ الواضح للـ”بلاك فرايدي”؛ وهو يوم الجمعة الذي يأتي مباشرة بعد عيد الشكر، ويعتبر بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد.
واختلفت النظريات حول سبب اختيار اللون الأسود لهذا اليوم، ومنها ما يلي:
نظرية الاختناق المروري
ظهر وصف “الجمعة السوداء” للمرة الأولى عام 1960 عن طريق شرطة مدينة فيلادلفيا الأمريكية، التي تأثرت بالاختناقات المرورية الناتجة عن تجمهر المستهلكين أمام المتاجر، خلال ذلك اليوم المعروف بالتسوق، في محاولة لوصف الفوضى والازدحام الشديدين بسبب المشاة والسيارات التي تكدست أمام المحال التجارية.
نظرية الربح والخسارة
من وجهة نظر محاسبية، يعتقد أن للون الأسود مدلولا في التجارة، حيث يعتبر مؤشرًا على الربح والتخلص من البضاعة الموجودة بالمخازن، بينما يعبر اللون الأحمر عن البضاعة غير المباعة، أو العجز وتحقيق الخسائر وكساد العمل.
نظرية دفاتر اليومية الأمريكية
أما عن النظرية الأقرب للصحة، فطبقًا للتقاليد الأمريكية، يستخدم الحبر الأسود لتسجيل الأرباح، بينما تسجل الخسائر باللون الأحمر، وبما أنَّ المبيعات تزداد بشكل مضاعف بذلك اليوم، تمتلئ الدفاتر بالحبر الأسود، لذلك يوصف بيوم الجمعة السوداء.
متى بدأ الوايت فرايدي؟
على الرغم من ارتباط هذا الحدث بشكل شبه كامل بالثقافة الأمريكية، إلا أنه منذ العام 2014 تقريبًا، بدأت مواقع التسوق الإلكترونية العربية بإطلاق حملات دعائية للترويج لما أسمته الوايت فرايدي أو الجمعة البيضاء، وعلى رأسها موقع أمازون.
في حين يعتقد أنه تم اختيار اللون الأبيض بدلًا من الأسود من منطلق الاحترام لخصوصية يوم الجمعة لدى المسلمين الذين يشكلون الغالبية العظمى من العالم العربي.
طبقًا لرونالدو مشوار، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك بموقع “سوق دوت كوم”، فالفكرة الرئيسية في العام 2014 كانت محاكاة تقليد البلاك فرايدي الأمريكي بصبغة عربية، وبما أنّ الشعوب العربية لا تحتفل عادة بعيد الشكر، فتم ربط التقليد من قبل المسؤولين عن الفكرة بيوم الجمعة نفسه، ومن هنا ظهرت فكرة الوايت فرايدي، حيث إن اللون الأبيض في الثقافة العربية يدل على الإيجابية والسعادة.
يعتقد مشوار أن تأثر المستهلكين بالوايت فرايدي بالشرق الأوسط مشابه لتأثر الغرب بالبلاك فرايدي، وهذا ما يتضح جليا عبر ازدحام الشوارع والمحال التجارية انطلاقًا من يوم الجمعة الأخيرة من نوفمبر وحتى نهاية الفترة المقرر لها بأن تكون لثلاثة أيام.
ومع نمو الفكرة، بدا من المنطقي أن تقتحم مؤسسة تجارة إلكترونية مثل “سوق” هذا الحدث، بعرض منتجاتها بأسعار مخفضة، للاستفادة من عملاء لسبع دول عربية مختلفة وهي مصر، الإمارات، السعودية، الكويت، عمان، قطر والبحرين.
ختامًا؛ إن كنت أحد المقيمين بالدول العربية التي ذكرت أعلاه، يمكنك بمنتهى البساطة الاستفادة من الخصومات التي تعرضها المتاجر العادية أو الإلكترونية احتفالا بالوايت فرايدي، والذي يبدأ بحلول الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر ويستمر لنحو 4 أيام كاملة.