يعد الفصام من أكثر الاضطرابات النفسية والعقلية تعقيدًا، جراء عدم التوصل للأسباب المؤكدة وراء ظهوره أو حتى العلاجات الجذرية للشفاء منه، ما يزداد صعوبة عند النظر إلى فصام المراهقة، الذي قد يحير البعض بسبب تشابه أعراضه مع مظاهر التغير المرتبطة بتلك المرحلة العمرية، كما نوضح الآن.
فصام المراهقة
يكشف مرض الفصام أو الشيزوفرينيا بشكل عام عن حالة من التشتت والارتباك تصيب العقل، لتتسبب في معاناة المريض من خلل في التفكير وسلوك عجيب، علاوة على حالة غامضة تصيب المشاعر وتظهر في طريقة التحدث غير المنظمة.
يشير فصام المراهقة على وجه التحديد إلى إصابة البالغ الصغير بأعراض الشيزوفرينيا، ولكن بصورة تدريجية قد يبدو من الصعب ملاحظتها من جانب الأهل والأصدقاء، نظرًا لأن طبيعة مرحلة المراهقة تشهد في العادة ارتباكا في الحالة النفسية للإنسان، بدرجة قد تؤثر على مستواه الدراسي أو سلوكه العام.
أعراض فصام المراهقة الأولى
هي تلك الأعراض المبكرة التي لا يفرق البعض بينها وبين أعراض دخول سن المراهقة المعتادة، حيث تتمثل في:
- المعاناة من القلق والتوتر وربما الشعور بالكآبة دون أسباب واضحة.
- صعوبة النوم في ظل الإصابة بالأرق لفترات طويلة.
- تدهور المستوى الدراسي.
- سهولة الانفعال وإبداء المشاعر الغاضبة على مسمع ومرأى من الجميع.
- تغيير الأصدقاء بصورة تبدو جذرية.
أعراض فصام المراهقة اللاحقة
هي تلك الأعراض التي قد تظهر في مراحل مبكرة أيضًا، ولكنها تتعلق بطرق التفكير والمشاعر والسلوك، لتنقسم إلى 3 أنواع مختلفة هي:
أعراض فصام المراهقة الخاصة بالتفكير
- صعوبة التركيز أو متابعة التفكير في أمر محدد.
- مشاهدة أشياء أو سماع أصوات أو شم روائح غير موجودة بالفعل.
- سيطرة الأفكار الغريبة على الذهن، مثل قيام الأبوين بسرقته أو أن روحا شيطانية تتحكم فيهما.
- الارتياب المرضي الذي يقنعه بأنه مراقب من جانب البعض أو بأن الجميع يتحدث عنه.
- التفكير كثيرًا في الماضي دون وجود أسباب واضحة أو منطقية.
أعراض فصام المراهقة الخاصة بالمشاعر
- سهولة الاهتياج أو الانفعال.
- المعاناة من تقلبات مزاجية تتسم بالحدة أحيانًا.
- الغضب الشديد دون سابق إنذار.
- الإصابة بالقلق الشديد وربما الخوف بصورة غير منطقية.
أعراض فصام المراهقة السلوكية
- التحدث للنفس أو للآخرين بعبارات غير مرتبة ولا يمكن فهمها في كثير من الأوقات.
- القيام بردود فعل لا تتناسب مع المواقف مثل الضحك وسط مشهد مؤثر في أحد الأفلام أو العكس.
- عدم القدرة على فهم الاعتبارات الاجتماعية أو تفسير سلوكيات الآخرين.
- صعوبة تكوين الأصدقاء وربما صعوبة الحفاظ عليها إن تم النجاح في تكوينها من الأساس.
- الميل إلى العزلة رويدًا رويدًا.
- عدم الاهتمام بالمظهر أو بالنظافة الشخصية.
- إدمان المواد الممنوعة التي تزيد الأوضاع سوءا على المريض.
- اتباع بعض السلوكيات التهديدية بحق النفس أو الآخرين.
أسباب المعاناة من فصام المراهقة
لا يختلف الأمر بالنسبة إلى فصام المراهقة عما هو بالنسبة لمرض الفصام بشكل عام أو الشيزوفرينيا، حيث يبدو السبب المؤكد وراء الإصابة به مجهولًا، رغم وجود بعض الاجتهادات للعلماء التي ربما تفسر أسباب المعاناة من هذا المرض العقلي المزمن، مثل:
- العوامل الوراثية التي تزيد فرص إصابة الأبناء بمرض الفصام إن كانت الأم أو الأب يعاني من المرض ذاته.
- كيمياء المخ، حيث يؤدي عدم اتزان بعض المواد الكيميائية في الدماغ لزيادة فرص المعاناة من فصام المراهقة وأنواع الفصام الأخرى أيضًا.
- التوتر الذي وإن لم يتم تصنيفه باعتباره من عوامل الإصابة بالمرض، فإنه يلعب على الأقل دورًا في تحفيزه وزيادة حدته.
- العلاقات الأسرية المرتبكة التي تؤثر بالسلب على الحالة الذهنية لمريض الفصام في مرحلة المراهقة.
- إدمان المواد المخدرة أو المشروبات الكحولية سيئة التأثير على مرضى المشكلات النفسية.
تشخيص فصام المراهقة
يحتاج الطبيب لملاحظة المريض لفترة من الوقت، حيث يحدد إصابته فعليًا بمرض الفصام إن ظهر عليه عرضان على الأقل من ضمن أعراض الفصام، مثل الهلوسة والتوهم أو الارتياب، وكذلك عدم انتظام السلوك أو طريقة التحدث والميل للتخشب لفترات طويلة أو على العكس التحرك سريعًا دون لفظ الأنفاس.
يلجأ الطبيب تاليًا إلى إجراء فحوصات هدفها هو التأكد من عدم معاناة المريض من الأعراض المذكورة جراء إصابته بمرض آخر بخلاف الفصام، مثل اضطراب ثنائي القطب، حيث يحتاج حينها لمعرفة التاريخ الطبي للمريض وكذلك لأسرته، قبل الجلوس معهم لفترة من الوقت.
كذلك قد يحتاج الطبيب لإجراء بعض الفحوصات للمريض، والتي تتمثل في فحص بول أو دم، من أجل التأكد من عدم تسبب إدمان مخدرات أو مشروبات كحولية في ظهور الأعراض شديدة السوء للفصام.
من الوارد أن يلجأ الطبيب إلى إجراء فحوصات دقيقة على منطقة الدماغ، حيث يحدد ذلك بما لا يدع مجالًا للشك، إن كانت الأعراض تخص فصام المراهقة، أم أنها تتعلق بأزمة صحية أخرى قد تتمثل في أسوأ الأحوال في ورم سرطاني بالمخ، كل هذا بخلاف الاختبارات الشخصية التي تساعد على قياس مدى قدرة المريض على الفهم والتفكير بعقل متزن.
علاج فصام المراهقة
إن كان علاج مرض الفصام بشكل عام وفصام المراهقة بشكل خاص غير متوفر حتى وقتنا هذا، فإن السعي لتحسين حالة المريض يبقى كافيًا كي يساعده على التمتع بحياة هادئة ومستقرة، ما يتحقق عبر الخطوات التالية
زيارة الطبيب النفسي
هي الخطوة الأكثر أهمية، فما إن يتأكد المريض من أزمته حتى يصبح لزامًا عليه أن يذهب للطبيب النفسي المختص، والذي يبدو أكثر قدرة على تحديد العلاجات المناسبة للمريض، حينها تتمثل في علاجات نفسية بالجلسات وأخرى دوائية مؤثرة المفعول.
جلسات العلاج المعرفي السلوكي
تشهد تلك الجلسات النفسية تعويد المريض على التحدث عن مشكلته والإلمام بتفاصيلها كافة، فبينما يصبح المريض قادرًا على تمييز أعراض أزمته الذهنية مبكرًا، فإنه يصبح ناجحًا في السيطرة على تلك الأعراض المزعجة حتى يمكنه الاستمرار في إتمام نشاطاته اليومية دون توقف.
الأدوية العلاجية
هي خطوة أخرى شديدة الأهمية، تضمن تحسين حالة المريض في ظل خضوعه لجلسات العلاج النفسي، كما تساهم في تقليل ظهور أعراض المرض شديدة الإزعاج، مثل الهلوسة والتوهم وتشتت الذهن والأفكار، علمًا بأن الطبيب وحده هو القادر على تحديد تلك الأدوية وإن كانت مضادات للاكتئاب أو للأعراض الذهانية أو لتقلبات المزاج.
في كل الأحوال، يبقى دعم المرضى بشكل عام مطلوبًا لتحفيزهم على تلقي العلاج، ما يصبح ضروريًا بشدة في حالة المعاناة من فصام المراهقة، الذي يصيب المريض في أكثر مراحل حياته حرجًا.