الموت هو أمر طبيعي، ولكن هناك من يخاف حدوثه بشكل قد يتطور إلى مخاوف وفزع شديد، ويتحول الأمر إلى قلق مرضي يسيطر على حياة الشخص ويصيبه بالعزلة والاكتئاب، وتسمى هذه الحالة رهاب الموت، لذلك دعونا نتعرف بشكل واضح ومفسر على أسباب رهاب الموت وطرق العلاج وأكثر الأعراض شيوعًا حتى نستطيع التعامل معه والتغلب عليه.
ما المقصود بـ”رهاب الموت”؟
الخوف من الموت هو عبارة عن أحاسيس ومشاعر طبيعية يصاحبها قلق وعجز وشك وضعف تجاه الأمور التي تتعلق بالموت، ومنها القبور والجثث أو رؤية الجنازات، مما يصيب الشخص بالرعب، ربما قد يحدث ذلك أيضًا عند تعرض الشخص لحادث مؤلم جعله قريبا من الموت أو لأحد أقاربه، فهناك بعض الأشخاص الذين يتغلبون على تلك المشاعر والبعض الآخر تتغلب عليهم المخاوف ويصبح الموت كابوسا يراودهم.
كما يرى الباحثون أن الخوف من الموت قد تكون له أعراض ربما تمنع الشخص أن يمارس حياته بصورة طبيعية، وتنتابه نوبات من الهلع والخوف.
اقرأ أيضًا: ما الفرق بين الخجل والرهاب الاجتماعي؟
أسباب رهاب الموت
وفقًا لبعض التجارب والنظريات لبعض علماء النفس، وجد أن هناك أسبابا مختلفة ربما تكون هي المسؤولة عن تطور رهاب الموت لدى أي شخص وهي:
الواقع الافتراضي
هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الإنسان الذي يعيش حياة تعيسة أكثر تعرضًا وتأثرًا به، وذلك يكون بالانغماس في الواقع الافتراضي، حيث يتخيل الشخص فكرة خروج الروح من الجسد، ما يؤدي إلى الإصابة برهاب الموت، ويرى الأطباء والباحثون أن التخلص من هذا الأمر يكون بتركيز الشخص المصاب على أن تكون حياته أكثر سعادة وتفاؤلا، مع الشعور بالأمل.
اقرأ أيضًا: أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية والنفسية والسلوكية
قضايا دينية
يعتقد بعض الأشخاص أنهم يعرفون ما يحدث بعد الموت، ويخافون أن يكونوا على خطأ، كما يعتقدون أن طريق الخلاص والنجاة ضيق، فيخافون من أي انحرافات أو أخطاء قد لا يستطيعون التخلص منها إلى الأبد.
مخاوف حول الأقارب
يسيطر على بعض الأشخاص الذين يعانون من رهاب الموت خوف على عائلاتهم بعد وفاتهم، وهو شائع بنسبة كبيرة بين الآباء والأمهات، حيث يتملكهم القلق على ذويهم وعدم وجود أشخاص تهتم بهم، مما يصيبهم بالخوف من الموت.
أسباب أخرى
- الخوف من الألم لحظة الموت.
- تعرض الشخص لبعض الصدمات مثل موت شخص عزيز عليه، مما قد يسبب له صدمة نفسية.
أعراض الخوف من الموت
بعد أن تعرفنا على الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الفرد برهاب الموت، كان يجب أن نتطرق إلى معرفة الأعراض التي قد تظهر ويعاني منها هؤلاء الأشخاص، وهي كالآتي:
- الحساسية تجاه درجات الحرارة المرتفعة.
- الإصابة بالغثيان والقيء.
- الشعور بالألم في منطقة المعدة.
- ارتفاع نسبة التوتر والتعرق، مع زيادة خفقان القلب، وعدم انتظام دقاته.
- تعرض الشخص لنوبات الخوف بشكل متكرر.
- الإصابة بنوبات الغضب والحزن والشعور بالذنب.
- الابتعاد عن التعامل مع العائلة والأصدقاء.
- لا يفضل التواجد في الأماكن المزدحمة.
علاج رهاب الموت
هناك بعض الحلول والعلاجات التي يلجأ إليها الطبيب، حيث يتم التركيز في البداية على علاج القلق فيكون بتخفيف حدة المشاعر المخيفة، وذلك يتم ببعض الإرشادات من قبل الطبيب تجاه المريض باتباع بعض الطرق الآتية:
اقرأ أيضًا: الزعفران.. منجم الفوائد العلاجية والجمالية عبر التاريخ
العلاج السلوكي والمعرفي
هذا النوع من العلاجات يتم التركيز فيها على حل المشكلات، وإيجاد حلول لها، وتغيير نمط التفكير عند الحديث عن الموت، وذلك يعطي قسطا من الراحة بشكل تدريجي.
الاسترخاء
التأمل والاسترخاء من أهم العلاجات التي تساعد في التخلص من القلق، بالإضافة إلى تقنيات التنفس فهي تقلل من الأعراض الجسدية مع مرور الوقت.
العلاج بالكلام
هنا يتوجه المريض إلى الطبيب حتى يشاركه مشكلته ويكون بالتحدث والتحاور معه حول التعامل مع تلك المشاعر التي يتعرض لها، وهنا يعطيه الطبيب طرقا تساعده، ومنها تقبل فكرة الموت على أنه جزء من دورة الحياة الطبيعية.
التقرب من الأهل والأصدقاء
ينصح الطبيب المريض بأن يجالس أفراد أسرته ويتحدث معهم، وأن يستثمر وقته في أشياء مفيدة تبعده عن التفكير في الموت، وممارسة التمارين الرياضية لأنها تحسن من الحالة النفسية، وأفضل هذه الرياضات هي رياضة المشي والسباحة والرياضات الذهنية مثل الشطرنج.
تجديد نمط الحياة
التجديد في نمط الحياة من الأمور المستحبة وبالأخص للأشخاص الذين يعانون من الوساوس، فهو مطالب بتجديد وتغيير نمط حياته مثل زيارة أماكن جديدة، وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية، وممارسة الهوايات التي يفضلها، فكل ذلك يحسن من الحالة الذهنية والمزاجية للإنسان، لأن البقاء على نفس الروتين في كل جوانب الحياة قد يسبب الملل والتوتر.
الأدوية
يصف الطبيب الأدوية في بعض الحالات النادرة والتي تكون في مرحلة متطورة وصعبة، لأنها تساعد في رفع مستويات السيروتونين في الدماغ، مع وجود بعض الآثار الجانبية ولكنها تختلف من شخص لآخر.
عوامل خطورة الإصابة بـ”رهاب الموت”
هناك بعض العوامل التي قد تؤثر في زيادة فرص الإصابة بالخوف من الموت، ومنها الآتي:
اقرأ أيضًا: القلق النفسي.. وكيف تظهر أعراضه على العقل والجسد أيضا؟
السن والعمر
يرى الأطباء أن النساء هن أكثر عرضة للإصابة بفوبيا الموت في مرحلة العشرينات ثم يتلاشى الأمر بعد ذلك ويعود مرة أخرى في فترة الخمسينات، كما يعاني الآباء في نهاية حياتهم مثل كبار السن -وبالأخص عند تدهور حالتهم الصحية- من رهاب الموت.
التواضع
الأشخاص الذين يتميزون بالتواضع دائما لا يفكرون في أنفسهم بقدر اهتمامهم بمن حولهم، وهم أقل استعدادا للإصابة برهاب الموت، أما الأشخاص غير المتواضعين فسيكونون أكثر عرضة للقلق تجاه الموت.
هل التفكير في الموت مرض نفسي؟
التفكير في الموت من وقت لآخر أمر طبيعي لأنه مسلم به ولا مفر منه، ولكن عندما يفكر الإنسان بالموت بشكل كبير لدرجة أنه قد يؤثر على مسار حياته مع الإحساس بأنه قد اقترب من الرحيل، فهذا يستدعي القلق ويستلزم زيارة الطبيب النفسي حتى لا تتفاقم الحالة.
كما يؤكد بعض علماء النفس أن التفكير الزائد في الموت هو إحدى العلامات التي تشير إلى أن الإنسان مصاب بمرض نفسي، والتي تتمثل في أحد أنواع القلق والذي يسمى بقلق الموت، وذلك يرجع لمجموعة من الأسباب أهمها إصابة الإنسان بمرض مزمن.
وقد أكد أيضًا علماء النفس ضرورة أن يتفهم الشخص أن الموت أمر طبيعي وأساسي لا يجب أن يرفضه العقل، بل يعيش حياة طبيعية ويتوكل على الله ويفكر في كل شيء إيجابي وعدم الاستسلام لتلك الأفكار.
نصائح للوقاية من وسواس الموت
بعد أن تعرفنا على أسباب رهاب الموت وطرق العلاج، كان يجب أن نعرف بعض النصائح التي نتخلص بها من سيطرة وسواس الموت على حياة الفرد، وتشمل الآتي:
- عدم مخالطة الأشخاص الذين يمدوننا بالطاقة السلبية.
- طلب المساعدة من أحد رجال الدين للاستفسار عن كل ما يدور في خاطرك.
- ضبط النفس وتدريبها على السلام الداخلي وذلك بقراءة الكتب الثقافية.
- يمكنك كتابة المخاوف التي تشعر بها في مذكرات، وعليك دائمًا أن تردد أن الموت حقيقة وأمر واقع لا يمكن تغييره.
- إبعاد فكرة الموت والتخلص منها عند التفكير فيها وذلك بالتواصل مع أفراد العائلة.
ومن هنا تعرفنا جميعا على أسباب رهاب الموت وطرق العلاج، وتعرفنا أيضًا أن الموت أمر طبيعي وعلينا ممارسة الحياة والتغلب على كل المخاوف تجاه هذا الأمر وعلينا أن ندرك أن للحياة قيمة كبيرة، وإذا ازداد الأمر رهبة فيمكن التحدث مع الطبيب النفسي.