ثقافة ومعرفة

“الروبوت دافنشي”.. أول إنسان آلي عرفته البشرية في القرن الخامس عشر

اشتهر ليوناردو دا فينشي بكونه أحد أعظم فناني عصر النهضة، حيث كان رسامًا ونحاتًا ومؤلفًا، لكن الجزء الغامض من إنجازات الإيطالي، كان حقيقة اهتمامه بالعلم، بل كونه عالمًا ومخترعًا بالفعل. لا تصدّق صحيح؟

روبوت ليوناردو دا فينشي

طبقا لموقع “History”، كتب ليوناردو دافنشي بشكلٍ موسّع عن الإنسان الآلي، حتى إن دفاتر ملاحظاته الشخصية ممتلئة بأفكار ميكانيكية سبقت عصره، بدايةً من ساعة مائية إلى أسد آلي. ولعل أكثر وجد بداخلها من أفكار استثنائية، كان تصميمه لرجل اصطناعي في شكل فارس جرماني مدرع.

وفقًا لرسومات دا فينشي للمكونات الرئيسية، كان من المفترض أن يتم تشغيل الفارس بواسطة كرنك ميكانيكي خارجي واستخدام الكابلات والبكرات للجلوس والوقوف وإدارة رأسه وتحريك ذراعيه بل ورفع حاجبه المعدني.

المثير أنّ الدلائل تشير إلى أن دا فينشي ربما يكون قد بنى بالفعل نموذجًا أوليًا للإنسان الآلي عام 1495، أي منذ ما يدنو من 6 قرون كاملة، خلال العمل تحت رعاية دوق ميلان.

إبهار حاكم ميلان

ليوناردو دا فينشي
تصميم الإنسان الآلي الخاص بدا فينشي.

في عام 1957، اكتشف الباحث كارلو بيدريتي بعض دفاتر رسم ليوناردو دافنشي التي تحتوي على ملاحظات تصميم لفارس ميكانيكي، وعلى الرغم من عدم وجود رسم واحد كامل للفارس الميكانيكي، هناك العديد من التفاصيل المجزأة للتصميم في العديد من كراسات الرسم الخاصة بدا فينشي.

في الواقع، صمم ليوناردو دا فينشي الفارس الميكانيكي لإبهار راعيه لودوفيكو سفورزا، الذي كان حاكمًا لميلانو، وفي عام 1495، -طبقا لبعض المصادر التاريخية- أقام لودوفيكو سفورزا مسابقة في بلاطه وطلب من ليوناردو دافنشي الإشراف على جميع ترتيبات الاحتفال.

لم يفوّت دا فينشي هذه الفُرصة، وكشف النقاب عن فارسه الميكانيكي في هذا التجمع، ليترك الجميع مصدومين، حيث لم يتخيل الحضور أبدًا رؤية آلة تشبه الفارس تشريحًا، إضافةً إلى ذلك، تتحرك مثله أيضًا.

تصميم أول روبوت في التاريخ

طبقا للمراجع، أجرى ليوناردو دافنشي أبحاثًا تشريحية على نطاق واسع، حتى أنه قام بتشريح الجثث ورسم رُسُوم مفصلة لتصميماتها الداخلية. ونتيجة لذلك، نما بداخله فهمًا عميقًا لجسم الإنسان، وأضحى قادرًا على معرفة أن العضلات هي التي تُمكّن العظام والمفاصل من الحركة.

عندما صمم فارسه الميكانيكي، تأكد دافنشي من صحة تصميمه من الناحية التشريحية، حيث امتلك الفارس أطرافًا ومفاصل متناسبة تتبع قانون النسب الذي لاحظه ليوناردو في كتاب “فيتروفيان مان”. زيادةً على ذلك، حاول دمج الطريقة التي تعمل بها عضلات الإنسان في التصميم.

بشكل سابق لأوانه، استطاع روبوت ليوناردو دا فينشي أن يحرك ذراعيه ويرفع حاجبه ويلوح بسيفه، كما يمكنه أيضًا تحريك فكه ورقبته، فضلًا على ذلك، يمكنه الجلوس والوقوف والاستلقاء والمشي. وكانت تلك الحركات الآلية متقدمة جدًا بالنسبة لذلك العصر.

في مقال بعنوان “الروبوت دافنشي”، حاول الكاتب مايكل موران تحليل طريقة عمل الفارس الآلي، واستنتج أن حركة الفارس تعتمد بالأساس على نظامين، أحدهما داخليا للتحكم في اليدين والمعصمين والمرفقين والكتفين، والآخر خارجيًا للتحكم في حركة الكاحلين والركبتين والوركين.

الفكرة إلى واقع

ليوناردو دا فينشي

مع أنّ أفكار ليوناردو دا فينشي ظلّت محبوسةً داخل مذكراته، كان هناك شخص واحد لا يزال يؤمن أنّه بإمكانه تحويل حلم الإيطالي إلى حقيقة، هذا الشخص يُدعى “مارك روزهايم”.

في عام 2002، قام الخبير في علم الروبوتات “مارك روزهايم ببناء نموذجًا للإنسان الآلي الخاص بدا فينشي، معتمداً في عمله على دراسة تصاميم التي تعود بالأساس للقرن الرابع عشر. وجاءت النتائج مبهرة، حيث عمِل الروبوت بشكل مثالي.

أبرز اختراعات ليوناردو دا فينشي

ليوناردو دا فينشي
تصميم ليوناردو دا فينشي للطائرة المروحية.

في الواقع، لم تكن فكرة الفارس الآلي اختراع دا فينشي الوحيد، بالعكس تمامًا، تنسب العديد من المصادر الكثير من الأفكار الثورية للإيطالي الأشهر بعصر النهضة، ومنها ما يلي.

الهليكوبتر

من بين مجالات دراسة ليوناردو دا فينشي العدّة، ربما فضّل رجل عصر النهضة مجال الطيران، وربما دفعه هذا الاهتمام لاختراع آلة طائرة.

وعلى الرغم من أن أول طائرة هليكوبتر فعلية لم يتم بناؤها حتى الأربعينيات من القرن الماضي، فإنه يُعتقد أن رُسُوم ليوناردو دا فينشي من أواخر القرن الخامس عشر وصفت بدقة شكل الطائرات الحديثة.

مقياس شدة الرياح

يعتقد المؤرخون أن ليوناردو دا فينشي كان مهووسًا بالطيران، لذلك سعى لابتكار مقياس شدة الريح، وهو أداة لقياس سرعة الرياح.

اختراعات حربية

طبقًا لدا فينشي، في عصره كانت الأسلحة تستغرق وقتًا طويلاً في التحميل، في حين كان حله هو تصميم مدافع متعددة الفوهات يمكن تحميلها وإطلاقها في وقت واحد.

كما أظهَر الإيطالي فطنة لمستقبل الحروب، حيث سبق العالم بتصميمه للعربات المدرعة، التي تشبه الدبابات حاليًا، وحسب تصميمه كانت عربات قادرة على التحرك بأي اتجاه ومزودةً بعدد كبير من الأسلحة.

بينما نستنتج إدراك الإيطالي لتأثير الأسلحة النفسي في الحروب من اختراعه للقوس والسهم العملاقين، لإرهاب الأعداء.

حقيقةً، لا نعلَم إذا ما كان تصميم ليوناردو دا فينشي قد تَم تنفيذه بالفعل خلال حياته، لأننا لا نملك سوى مراجع تؤكد ذلك. لكن الأكيد أن الفكرة الثورية كانت موجودة داخل رأسه، بل نقلها إلى دفاتر ملاحظاته، وهذا يكفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى