رياضة

لماذا تكره جماهير سيلتيك الملكة إليزابيث والعائلة الملكية؟

بعد نحو أسبوع من وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ملكة إنجلترا، وفي مباراةٍ جمعت نادي سيلتيك الاسكتلندي بشاختار دونتسك الأوكراني، التقطت عدسات الكاميرات لافتات رفعها جمهور جلاسكو تتضمن عبارات مسيئة للتاج الملكي البريطاني. 

 هذا الأسبوع، كعلامة على الاحترام وتماشياً مع فترة الحداد الوطني، قد ترغب الأندية المحلية في التزام الصمت أو عزف النشيد الوطني قبل انطلاق المباراة مباشرة، وقد يرغب اللاعبون في ارتداء شارات سواداء. 

-بيان الاتحاد الاسكتلندي لكرة القدم. 

وفي الـ18 من سبتمبر 2022، وبعدما قررت معظم اتحادات كرة القدم الأوروبية الوقوف دقيقة حداد لوفاة الملكة، قرر الاتحاد الاسكتلندي أن يتجنّب صافرات الاستهجان المتوقعة من جمهور سيلتيك بأن تتحوّل دقيقة الصمت لدقيقة من التصفيق. 

مع ذلك، لم يتوقّف جمهور سيلتيك عن إعلان كراهيته بشكلٍ واضح للعائلة الملكية البريطانية، حيث رفعت الجماهير لافتةٍ كُتب عليها: “صفِّق، إذا كنت تكره العائلة الملكية”. 

السؤال: لماذا تكره جماهير سيلتيك الاسكتلندي تحديدًا الملكة إليزابيث أو العائلة الملكية بشكل عام؟ 

ما قبل كرة القدم

الملكة إليزابيث
مجاعة البطاطس، أيرلندا، القرن الـ19.

 

مع التصديق على قانون اتحاد بريطانيا العظمى وأيرلندا في عام 1801، تحولت أيرلندا لمستعمرة بريطانية، وكانت كل الدول تحت التاج الملكي البريطاني مجتمعةً تعرف باسم المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا.

بموجب هذا القانون، عينت الحكومة البريطانية الرؤساء التنفيذيين لأيرلندا، والمعروفين على التوالي باسم اللورد الملازم وكبير أمناء أيرلندا، إضافة لممثلين بالبرلمان. ومع ذلك، كان الجزء الأكبر من هؤلاء الممثلين المنتخبين كانوا من مالكي الأراضي من أصل بريطاني أو أبنائهم. زيادة على ذلك، مُنع أي إيرلندي يعتنق الكاثوليكية من امتلاك أو تأجير الأراضي أو التصويت أو تولي مناصب منتخبة بموجب ما يسمى بقوانين العقوبات. 

هذا ما يعني أنّ معظم الأيرلنديين الأصليين -معتنقو الكاثوليكية- لم يكونوا قد استفادوا بأي شيءٍ من هذا الاندماج مع التاج البريطاني. 

المجاعة الكُبرى 

مع ظهور “آفة البطاطس” التي ضربت المحاصيل في بريطانيا بمنتصف القرن الـ19، لم يعد المزارعون الأيرلنديون قادرين على إنتاج المحاصيل الكافية للاستهلاك المحلي، فضلًا عن عدم قدرتهم تأمين تكاليف المعدات والأراضي المستأجرة، ما جعلهُم يعيشون مأساة حقيقية، لم يكن لينقذهم منها سوى الملكة “فيكتوريا”، والدة الملكة إليزابيث. 

يعتقد المؤرخون أن العائلة الملكية لم تهتم لشأن الأيرلنديين، بل على العكس، استمرّت أيرلندا في تصدير كميات كبيرة من الغذاء، في المقام الأول إلى بريطانيا العظمى، أثناء المجاعة. وفي منتجات مثل الماشية والزبدة، تشير البحوث إلى أن الصادرات من أيرلندا ربما تكون قد زادت بالفعل خلال مجاعة البطاطس.

لم تتعاف محاصيل البطاطس تمامًا حتى عام 1852. وبحلول ذلك الوقت، كان الضرر قد حدث بالفعل، وعلى الرغم من اختلاف التقديرات، يُعتقد أن ما يصل إلى مليون رجل وامرأة وطفل أيرلندي لقوا حتفهم خلال هذه المجاعة، وهاجر ما يدنو من 2 مليون آخرين من أيرلندا هربًا من الفقر والمجاعة، إلى مختلف بقاع الأرض، منها اسكتلندا؛ حيث نشأ انتقل الصراع ما بين عائلة الملكة إليزابيث وجمهور سيلتيك إلى أرض الملعب. 

نادي سيلتيك الاسكتلندي 

الملكة إليزابيث

في عام 1887، قام أيرلندي مهاجر يدعى “براذر وولفريد” تأسيس نادي سيلتيك في مدينة جلاسكو الاسكتلندية، حيث أقام معظم المهاجرين الأيرلنديين الكاثوليك الذين عانوا الأمرّين خلال هذه الفترة. 

 اختار وولفريد اسم سيلتيك ليعكس الهوية الأيرلندية والاسكتلندية المشتركة للنادي، في اشتملت ألوان أقمصة الفريق عبر تاريخه على اللونين الأخضر والأبيض المرادفة لعلم أيرلندا. 

في عام 1892، ومن أجل زيادة تعزيز إيرلندية نادي سيلتيك الاسكتلندي، كان أول نبات من العشب الذي تم وضعه في حديقة سلتيك المشيدة حديثًا هو الذي تم استيراده من شركة دونيجال في أيرلندا. 

سيلتيك أكثر من مجرد نادٍ للشعب الأيرلندي. 

يمكننا بكل فخر اعتبار سيلتيك ناديا للأيرلنديين الذين تم جمع شتاتهم في أسكتلندا، عن طريق رؤية وشجاعة رجل مثل براذر وولفريد. 

بريان مكجيرك، مؤلف كتاب “سيلتيك: الاتصال مع أيرلندا. 

على الرغم من كون نادي سيلتيك ناديًا اسكتلنديًا، وبرغم مرور عقود على احتدام الخلاف بين أيرلندا والعائلة الملكية بما فيها الملكة إليزابيث الثانية، لطالما ظهر التعاطف مع قضية الجمهورية الأيرلندية في مدرجات سلتيك بارك حيث يواجه المشجعون أحيانًا مشاكل بسبب عرض لافتات سياسية مثيرة. كتلك التي تم عرضها فور وفاة الملكة إليزابيث. 

فمثلًا؛ يتفاخر مشجعو سيلتيك بعرض لافتات لشخصيات تاريخية قاومت التاج البريطاني في أوقاتٍ سابقة، إيمانًا منهم بالظلم الذي تعرّض له الأيرلنديين الأصليين، سواءً أثناء مجاعة البطاطس أو في فترات لاحقة. 

في الواقع، ربما يمثّل ما مّرت به جماهير نادي سيلتيك الاسكتلندي الأوائل من تهجير بسبب سياسات العائلة الملكية البريطانية، دافعًا حقيقيًا لكراهية الملكة إليزابيث كممثلة لهذا النظام الذي تسبب في إزهاق أرواح مئات الآلاف على أقل تقدير بسبب سياساته التي وضعت الأيرلنديين في مرتبة أقل البشر. 

المصادر: 
1- جماهير سيلتيك الاسكتلندي ترفع لافتات مسيئة  للتاج الملكي البريطاني 

2- مجاعة البطاطس الأيرلندية

3- كيف تأسس نادي سيلتيك الاسكتلندي؟

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى