دراسة جديدة تتعلق بالنسيان، ولكنها لا تعدد في تلك المرة طرق الوقاية من أخطار ضعف الذاكرة، أو حتى تشير لطرق تقويتها، بل تكشف عن فائدة النسيان التي تجعل الإنسان أكثر ذكاء.
للنسيان فوائد
إن كنت تنسى أسماء جيرانك، أو المكان الذي تحتفظ فيه بمفتاحك، فعليك ألا تقلق وفقا لدراسة جديدة تابعة للمعهد الكندي للبحث المتقدم، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأن عقل الإنسان يقوم باستمرار بتناسي المعلومات غير المهمة، في سبيل استقبال المزيد من المعلومات الأخرى الأكثر قيمة، ما يجعل من النسيان سببا مباشرا وراء القدرة على التذكر.
الأدهى من ذلك، هو أن الباحثون وراء تلك الدراسة الحديثة، قد توصلوا كذلك إلى أن التفاعل الذي يحدث بالعقل، بين كل من النسيان والتذكر فيما بعد، هو من يؤدي إلى تمكن الإنسان في نهاية المطاف من اتخاذ قرارات سليمة وأكثر ذكاء، كما توضح الدراسة المثيرة للجدل.
النسيان والذكاء
تكشف تفاصيل الدراسة العلمية الترابط بين النسيان والذكاء، من زاويتين مختلفتين، فتشير في إحدى زواياها إلى أن نسيان المعلومات المغلوطة أو التي تبدو غير مناسبة للشخص مع تقدمه في العمر ومرور الوقت، هو ما يؤهله لاحقا إلى تبني أفكار جديدة أكثر تطورا، ما يعني أن النسيان في تلك الحالة يصبح إحدى الأسباب الجوهرة المؤدية لتقدم المرء، وعدم ثباته في موقعه أو تأخره.
أما عن الزاوية الأخرى، والتي تكشف عن فائدة غير متوقعة للنسيان تخص القدرة على اتخاذ القرارات، فيوضح الباحثون وراء الدراسة الكندية الحديثة بأنه عندما ينسى الإنسان التفاصيل الخاصة بمواقف سابقة حدثت بالماضي البعيد، فإنه لا ينسى حينئذ ملخص أحداثها، وهو الأمر شديد الأهمية الذي يعطي المرء القدرة على اتخاذ قرار صائب، لا يتأثر بتفاصيل بسيطة ليست لها منفعة كبرى، بقدر الناتج من وراء الحدث.
في النهاية، تثبت دراسة معهد كندا للبحث المتقدم، أن لكل شيء عيوبه وفوائده أيضا، حتى وإن كان ذلك يتمثل في نسيان بعض الأمور التافهة، مقابل إفساح المجال بداخل العقل، من أجل تذكر الأحداث الجوهرية والمعلومات القيمة، التي نحتاج ألا ننساها حقا.