نسمع كثيرا عن حوادث احتراق آبار للنفط أو الغاز هنا وهناك، كما نسمع عن طرق متنوعة لإخماد هذه الحرائق، ولكن هل سمعت عن أغرب هذه الوسائل على الإطلاق؟
الاستفادة من الطاقة النووية
في أوائل الستينيات، بدأت القوتان النوويتان العالميتان -الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي- في البحث عن طرق لاستخدام الطاقة الهائلة التي تطلقها القنابل النووية لأغراض إنتاجية، وشملت الأشياء التي تمت مناقشتها شق قناة جديدة عبر مضيق بنما، وإنشاء ميناء اصطناعي في ألاسكا، وشق الطرق بين الجبال، وإزاحة الصخور، وغيرها من المشاريع الأخرى.
أجرى الاتحاد السوفييتي اختبارات أكثر شمولا في إطار برنامج “التفجيرات النووية للاقتصاد الوطني”، وباستخدام تفجيرات نووية صغيرة، قاموا بدراسة الأرض لقياس ترسبات النفط، وأنشأوا كهوفا شاسعة على مساحات كبيرة تحت الأرض لتخزين الغاز الطبيعي، وحفروا القنوات المائية، وبنوا العديد من السدود.
الكارثة
في عام 1963، تعرض أحد آبار الغاز في حقل أورتابولاك للغاز في جنوب أوزبكستان، على بعد حوالي 80 كم جنوب شرق بخارى، إلى انفجار ضخم على عمق 2.4 كم تحت سطح الأرض.
لم يستطع المسؤولون حينها إخماد هذا الحريق الهائل، ما أدى إلى استمراره مدة 3 سنوات، وتسببه في فقدان أكثر من 12 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، وهي كمية تكفي لتزويد مدينة بحجم سان بطرسبرج باحتياجاتها من الغاز الطبيعي.
عندما فشلت جميع الطرق التقليدية في السيطرة على النار، لجأت الحكومة السوفييتية إلى الحل الأغرب وغير المتوقع حينها، حيث أبرقت إلى علمائها النوويين وطلبت منهم المساعدة، وقد حسب الجيولوجيون والفيزيائيون العاملون في البرنامج النووي، أنه إذا تم تفجير قنبلة نووية بالقرب من البئر المشتعلة، فإن الضغط الناتج عن الانفجار سيؤدي إلى غلق أي ثقب على مسافة 25- 50 مترا من الانفجار، وبعد حسابات دقيقة قرروا استخدام قنبلة تعادل ضعف قوة القنبلة التي استهدفت هيروشيما.
في 23 ثانية
أخيرا وفي خريف عام 1966، تم حفر حفرتين مائلتين على اتساع قدمين ونصف تقريبا، على عمق 1400 متر وعلى مسافة تقدر بـ35 متر من البئر المشتعلة، وجرت عملية إنزال للقنبلة النووية في إحدى الحفرتين، قبل أن تملأ الحفرة بالإسمنت لاحتواء الانفجار ومنعه من الخروج إلى السطح، ثم تم تفجير القنبلة.
استغرق الأمر 23 ثانية فقط لكي تنطفئ النيران بشكل نهائي، وكانت هذه المرة الأولى في التاريخ التي تستخدم فيها قنبلة نووية بنجاح لإطفاء حرائق الغاز والنفط، ولم تكن الأخيرة، حيث تكررت هذه العملية خلال السنوات التالية في آسيا الوسطى وأوكرانيا والساحل الشمالي لروسيا الأوروبية، قبل أن تنتهي تلك التجارب في عام 1989، عندما أوقف السوفييت أي نوع من تجارب الأسلحة النووية.