ظل الجميع يتساءل لسنوات طويلة: كيف يمكن للعناكب أن تطير دون أن تملك أجنحة؟ فقد بدا الأمر عجيبا مع تتبع تلك الكائنات تنطلق في رحلات بعيدة بالأميال، حتى نجح العلماء في كشف تقنية عجيبة تتبعها العناكب في الهواء.
العناكب تطير
في عام 1832، وبينما كان عالم التاريخ الطبيعي وصاحب نظرية التطور الشهيرة، تشارلز داروين، ما زال شابا يافعا لا يتجاوز الـ23 ربيعا، فوجئ بامتلاء السفينة التي كان على متنها في وسط المياه، بآلاف العناكب الحمراء، التي هبطت على مركبه من العدم كما وصف الأمر.
ظل العلماء لأعوام تالية يجيبون عن كيفية نجاح العناكب في الطيران في الهواء، بأنها تعود إلى قدرة تلك الكائنات على إفراز الخيوط من بطونها، لتعمل على سحب العناكب إلى الهواء الطلق، ومن ثم تطير بها لعدد من الأميال، حيث تساعد تلك الخيوط أصحابها في الهروب من مواجهات مميتة مع كائنات أخرى أكثر قوة، إلا أن الأمر هكذا لم يكن مقنعا تماما، لا بالنسبة لداروين، ولا للكثير من العلماء الذين درسوا هذا الأمر من بعده، حتى اكتشف الخبراء أخيرا السر الحقيقي وراء معجزة طيران العناكب في الهواء.
سر كهربائي
تأكد العلماء من جامعة بريستول الإنجليزية -وبعد متابعة العناكب خلال مواقف عدة تختلف فيها درجات الحرارة وسرعة الرياح- أن تلك الكائنات الصغيرة يمكنها أن تشعر بالمجال الكهربائي للأرض، وهو السر الحقيقي لنجاحها في الطيران.
يشير العلماء الإنجليز إلى أن آلاف العواصف الرعدية تضرب الأرض بصفة يومية، إذ تحمل معها شحنات كهربائية إيجابية، تقابل الشحنات السلبية لسطح الأرض، ليصبح مناخ كوكب الأرض أشبه بالمجال الكهربائي العملاق، ما تستفيد منه العناكب بمنتهى الذكاء.
لا تقيس العناكب اتجاه الرياح فحسب، بل كذلك تهتم بانتقاء شحنات الهواء السلبية تحديدا والتي توجه إليها خيوطها، كون تلك الشحنات قادرة على طرد شحنات الأرض السلبية أيضا، لتكون النتيجة قوة ارتداد كافية، تمنح العناكب ابتعاد مطلوب عن سطح الأرض إلى الهواء الطلق، وفقا للدراسات العلمية التي أجريت في جامعة بريستول، والتي اختتمها العلماء بالإشارة إلى أن تلك النتائج ربما كانت ستلفت أنظار تشارلز داروين، لو كان على قيد الحياة الآن!