في وقت يعتقد فيه الكثيرون أن معدلات الذكاء تختلف من جيل إلى آخر بصورة عشوائية غير محسوبة، يشير مصطلح “تأثير فلين” إلى أن السر في مرور الزمن، الذي يلزم كل جيل بأن يكون أكثر ذكاء أو ربما إدراكا ممن سبقه، فما هو تأثير فلين؟
تأثير فلين
إن كنت تشعر دائما بأن الأجيال الحالية، أقل ذكاء من التي سبقتها، فربما جانبك الصواب وفقا لتأثير فلين، الذي وصفه الباحث جيمس فلين للمرة الأولى في عام 1980، حين توصل إلى أن الزيادات المستمرة في درجات امتحانات الذكاء من جيل إلى الآخر، قد تشير إلى ارتفاع قدرات البشر الذهنية بمرور الزمن.
أجرى الكثير من الباحثين دراسات مماثلة بخصوص تأثير فلين للتأكد من الأمر، حيث استعانوا بأوراق بحثية واختبارات ذكاء تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، ليتوصلوا إلى النتيجة ذاتها التي تثبت صحة تأثير فلين، فما السر وراء هذا التأثير؟
أسباب الذكاء المتزايد
تعددت الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع القدرات بمرور الأجيال -من وجهة نظر الخبراء- حيث أكد بعض الباحثين أن الأمر يرتبط في المقام الأول، بتحسن مستوى الصحة العامة، لذا فمع تراجع نسب التدخين وشرب الكحوليات لدى النساء الحوامل، ومع السيطرة كذلك على عدد لا بأس به من الأمراض الفتاكة خلال القرن الماضي، يكون من المؤكد توافر فرص أفضل للبشر لأجل تحسن قدراتهم بشكل عام، والذهنية بشكل خاص.
يرى عدد آخر من الخبراء أن تطور التعليم المدرسي -الذي كان يركز على الحفظ وليس الفهم- له أكبر الأثر في تحسن مستويات البشر، كما أشاروا أيضا إلى أهمية دور الوعي العام بأهمية التعليم الجامعي، الذي لا يقتصر على جنس أو لون معين، كما كان الأمر قديما.
فائدة التأثير
يشير تأثير فلين في نهاية المطاف، ومن واقع الأسباب المذكورة، إلى أن العقل البشري يتكيف مع البيئة المحيطة بصورة لا يتوقعها الكثيرون، ليصبح أكثر دراية وذكاء، لذا فوجود شخص من الجيل الحالي، وسط أبناء جيل سابق قد يجعله يبدو عبقريا بينهم، حتى وإن كان في حقيقة الأمر صاحب مستوى ذكاء متوسط أو حتى أقل من المتوسط، ما يكشف عن عدم ضرورة الاعتماد على اختبارات الـIQ لتحديد مستويات ذكاء البشر.
يعقب المؤلف والكاتب الصحفي الإنجليزي، مالكوم جلادويل، على هذا الأمر قائلا: “لا بد أن ندرك أن اختبارات الـIQ لا تقيس الذكاء بصورة طبيعية، بل هي تقيس الوضع البيئي والمجتمعي الذي عاشه الفرد وليس أكثر”، ما يسلط الضوء على حقيقة أخرى، مفادها أن اختبارات الـIQ الشهيرة، لا تقيس الذكاء بقدر ما تقيس الإدراك!