سمعنا في الآونة الأخيرة عن الكثير من حالات الانتحار بين الطلاب في سن 15 إلى 20 عامًا، لنجد طلبة يقدمون على تلك الخطوة الرهيبة دون أن يعلم أهلهم أي أسباب عن إنهاء حياتهم بتلك الطريقة، هذا هو الاكتئاب الدراسي الذي أصبح حديث اليوم، فهو السر وراء انتحار كل هؤلاء الطلبة.
ما هو الاكتئاب الدراسي
إذا مررت يومًا بحالة من اللامبالاة غير المنطقية في حين قرب ميعاد امتحانك، أو تراكمت الدروس التي عليك مذاكرتها، هل جلست يومًا أمام الكتاب لساعات طويلة تقرأ بلا فهم؟ وبمجرد إغلاقه وإنهاء المذاكرة، لا تتذكر حتى أي مادة ذاكرت، تشعر أن عقلك في حالة من التوقف عن العمل، تعاني من التوهان، عدم التركيز، الحزن المستمر دون تحديد ماذا تريد؟ نعم يا عزيزي! هذا هو الاكتئاب الدراسي.
أنواع الاكتئاب الدراسي
الكثير من الطلاب يعانون من هذا الاكتئاب، بسبب التغيرات الكثيرة التي قد تطرأ عليهم خلال العام الدراسي، وتختلف درجته على حسب شدة العامل المتغير، أو الصدمة التى تعرض لها الطالب؛ لذا يختلف تشخيص وعلاج كل حالة على حسب نوع الاكتئاب، وأنواعه 3، وهم:
- الاكتئاب البسيط: يجعل الطالب غير قادر على الاستثمار، والتحصيل الدراسي تمامًا.
- اضطراب اكتئابي مستمر: يشعر فيه الطالب بأعراض الاكتئاب التي من الممكن أن تخف حدتها، أو تزيد على حسب الحالة النفسية له.
- الكئيب: هو أكثر الأنواع حدة، حيث يشعر الشخص بعدم الرغبة في أي شيء، ولا مبالاة غير طبيعية.
كيف أعرف أني مصاب بالاكتئاب؟
تحديد الاكتئاب الدراسي صعب على الطلاب، وأنت كولي أمر يصعب عليك الأمر، خصوصًا إذا كان ابنك أو ابنتك في مدرسة بعيدة، أو جامعة تتطلب منه الانتقال للعيش في مكان آخر، ولكن إذا كان يعاني من هذا الاضطراب النفسي ستلاحظ تغيرا في طريقة تفكيره، نظرته للمستقبل، والأشياء التي تدور من حوله، وفي حال بدأ الشك ينمو بداخلك حول إصابة طفلك، يجب عليك التحدث معه على الفور حول شكوكك، ولكن هناك بعض العلامات الأكثر شيوعًا التي تدل على أعراض الاكتئاب، مثل:
- عدم الرغبة في تناول الطعام.
- الإغماء، والشعور بالدوار المفاجئ.
- الحزن، والبكاء المستمر دون سبب واضح.
- العصبية المفرطة غير المبررة.
- عدم الشعور بكل ما يدور حولك.
- أرق شديد، أو نوم مفرط.
- عدم قدرتك على فعل أي شيء.
- صعوبة في التفكير، والتركيز.
- شعور بالألم، والصداع.
- فقدان، أو زيادة الشهية.
لماذا يستهدف الاكتئاب طلاب الجامعات؟
أثبتت بعض الدراسات العلمية أن الطلاب الجامعيين معظمهم يصاب باكتئاب الدراسة الحاد، ويرجع ذلك إلى أن تلك المرحلة هي بداية الاعتماد على النفس، أغلب الطلاب يتوجهون إلى جامعات في محافظات مختلفة، بالإضافة إلى أن الطالب أصبح هو المسؤول الأول والأخير عن تصرفاته، عليه أن يضبط مواعيد نومه، أكله، ومذاكرته دون الاعتماد على أحد، بعد أن كان يملك غرفة نوم خاصة به، يجد نفسه مع مجموعة من زملائه في نفس الغرفة، كل هذا فوق انتقاله من مرحلة المراهقة؛ مما يشكل عبئا نفسيًّا على الطالب.
أسباب الاكتئاب الدراسي
على الرغم من أن الاكتئاب الدراسي لا يمكن تشخيصه بسهولة، خصوصًا أن الطلاب يشعرون بالحرج والخجل من زيارة الطبيب النفسي، أو حتى مواجهة نفسهم بحقيقة معاناتهم من هذا الاضطراب النفسي، لكن ما لا تعرفه يا صديقي أن الاكتئاب مرض نفسي خطير، يستغرق علاجه فترات طويلة، وكذلك لا يمكنك أن تستهين بالأمر، فقد يبدأ بسيطًا، ثم يزيد بعد ذلك، سنعرض عليكم الآن مسببات هذا الاضطراب القاتل، وهي:
الخوف من الفشل
كثير من الطلبة تقلقهم وتجعلهم في أسوأ حالاتهم فكرة الفشل، وأقل حالات التركيز، خصوصًا مع سيطرة تلك الفكرة على الطالب يصبح التحصيل الدراسي أقل، مع الحزن بصورة مستمرة، ونستنتج من هذا أن هناك علاقة بين الاكتئاب والتحصيل الدراسي.
الإرهاق الجسدي والذهني
يحدث هذا عادة في حالات الأرق، وقلة النوم الذي يترتب على المذاكرة لساعات طويلة، بالتعب الذهني وقلة التركيز نتيجة طبيعية تمامًا للإرهاق الجسدي، حاول تنظيم وقتك واحصل على قسط وفير من الراحة، فالعبرة في الاستثمار ليست بكم الصفحات أو الدروس التي قرأتها، إنما بمدى التحصيل الدراسي.
فوبيا الامتحانات
قرب موعد الامتحان، وخصوصًا إذا كان امتحان نصف العام أو آخره، يصيب معظم الطلاب بالقلق، التوتر، والخوف الشديد من الحصول على درجات ضعيفة، أو أن تكون المدة قبل الامتحان غير كافية، على الرغم من أنك قد ذاكرت بشكل جيد، لكن التوتر والقلق كافيان تمامًا لخوفك من الفشل.
التنمر
التنمر خطر يهدد حياة الطلاب، فيدخله في حالة من الاكتئاب الشديد، والعزلة الاجتماعية التي تجعله لا يستطيع التركيز في مواده الدراسية، وتقلل من تحصيله الدراسي بشكل كبير، بل وتجعل الطفل عنيفًا في المنزل، ليس لديه اهتمامات، أو شغف لممارسة أي نوع من الرياضة، أو غيره، بل قد يجعله يفكر في إيذاء نفسه، أو حتى التخلص من حياته.
المزيد من مسببات الاكتئاب الدراسي
- الانتقال من مرحلة تعليمية إلى مرحلة جديدة.
- قلة الصداقات.
- الدخول إلى قسم، أو نوع من الدراسة غير محبب للطالب.
- المشاكل العائلية.
- التفكير بطريقة عشوائية.
- عدم تحديد هدفك.
- المواد الدراسية الكثيرة، والصعبة.
تأثير الاكتئاب على التحصيل الدراسي
يتساءل كثير من أولياء الأمور حول مدى علاقة الاكتئاب، وعلاقته بالتحصيل الدراسي، من المؤسف قول إن الاكتئاب يؤثر على جميع مجالات الحياة ليست الدراسة فقط، وذلك لأنه يؤثر على النواحي الإدراكية والحسية عند الإنسان بالسلب، فدعونا نتخيل فقط أن طالبًا يعاني من اكتئاب، ليس لديه طاقة لفعل أي شيء جديد في حياته، أصابه الملل والفتور من كل ما في الحياة، هل تتوقع منه القدرة على التركيز للحصول على التحصيل الدراسي؟ بالطبع لا؛ لذا هناك علاقة وطيدة بين الاكتئاب، والتحصيل الدراسي.
علاج الاكتئاب الدراسي
أغلب الطلبة يتعرضون لهذا الاكتئاب بداية من المرحلة الإعدادية، ويرجع ذلك إلى العديد من التغيرات النفسية والجسدية التي من الممكن أن يمر بها الطالب، إذا كنت تشعر بالضغط الشديد، الحزن المستمر، عدم قدرتك على ممارسة أي نشاط، وتجد صعوبة شديدة في التكيف مع حياتك، يجب عليك التحدث مع أحد الوالدين أو معلمك؛ ليقدم لك ما يفيدك ويساعدك في التخلص من الاكتئاب، ولحين أن تجد الشخص المناسب للتحدث معه، نقدم لك بعض الحلول:
- حاول تحديد هدف لك، وترتيب أولويات حياتك.
- خذ قسطًا وفيرًا من الراحة يوميًّا ما لا يقل عن 8 ساعات من النوم المتواصل.
- مارس أي نوع من الرياضة التي تحبها.
- شارك في النشاطات الصيفية المختلفة.
- ابنِ الصداقات، والعلاقات الاجتماعية.
- حدد وقتًا في اليوم؛ لتحصل على المتعة بالطريقة المحببة لك.
- لا تفكر كثيرًا في الاكتئاب، فهذا سيزيد من حدته.
- إذا كنت ستذاكر مادتين في اليوم، ذاكر مادة صعبة ومادة أسهل.
- تغيير نظام المذاكرة قد يحفزك قليلًا، أو الجلوس في مكان جديد.
كيف أساعد ابني خلال العلاج؟
- شجع ابنك على ممارسة رياضة معينة.
- تحدث معه باستمرار؛ لتتعرف على ما يمر به.
- لا تشعره بأن الاكتئاب الذي يمر به شيء طبيعي غير مهم بالنسبة لك.
- ساعده، وقدم له المشورة؛ لكي يستطيع أخذ الأمور بهدوء.
- علّمه طرق الاستمتاع بوقته بشكل سليم.
الوقاية من الاكتئاب
على الرغم من أنه لم تثبت حتى الآن طرق معينة للوقاية من الاكتئاب، فكثير من الطلبة يعتبرونها من أكثر الفترات القاسية والصعبة في دراستهم، وخصوصًا إذا كان يعاني من البُعد العائلي، وبذلك يسعى وحده في ذلك الطريق المظلم؛ للبحث عن أي مصدر نور وعلاج له، لكننا قد اجتهدنا ووجدنا بعض الطرق للوقاية من هذا المرض النفسي العصيب، مثل:
- لا تهلك نفسك في ساعات طويلة أمام الكتاب، لكن قسمها على مدار اليوم.
- استمع إلى جسمك وعقلك، إذا شعرت بأن عقلك فقد تركيزه، توقف، وتابع في وقت لاحق، فهذا عقل بشري ليس كمبيوترًا.
- اتبع نظامًا غذائيًّا صحيًّا.
- التغيير، والاختلاف في طرق المذاكرة من الممكن أن يجعلها ممتعة.
- حدد هدفك، وسر نحوه بخطى سليمة.
بهذا قد نكون قد وصلنا إلى نهاية رحلتنا… نتمنى أن تكون قد وصلت أنت أيضًا إلى مُبتغاك، وقمت بالتعرف على طرق علاج الاكتئاب الدراسي وأسبابه، لكن في النهاية نحب أن نوضح لك إذا كنت تعاني منه، ولا تنجح معك أي طريقة من طرق العلاج، توجه إلي الطبيب النفسي؛ لمساعدتك في التغلب عليه.