أُعاني من الاكتئاب، مللت من الأدوية، العقاقير الطبية، الاستشارات النفسية، ونظرة المجتمع لي، كيف يمكنني علاج الاكتئاب بالقرآن الكريم؟ وهل توجد أسس معينة عليّ اتباعها لتحقيق الاستشفاء بنجاح؟ نعم، يمكنك تحقيق ذلك باللجوء إلى القرآن الكريم خير الوسائل التي يجب أن يلجأ إليها كل إنسان في جميع أموره الحياتية؛ لما له فضل كبير وعظيم في حماية الإنسان من نفسه، وشر الآخرين كقوله تعالى: {ألا بذكر الله تَطمئّن القلُوبْ} (الرعد: 28).
الاكتئاب وأسبابه
الاكتئاب اضطراب، أو خلل نفسي يصيب الإنسان، يفقده متعة الحياة، إنقاص الإحساس والنشاط، الشعور الدائم بالكسل، الخمول، الاضطراب، الضيق النفسي، فقدان الشهية، اضطراب النوم، لوم الذات، التعب أو الإرهاق الجسدي الدائم، فقد الشغف تجاه الحياة، التفكير الدائم في الموت، كره النفس، وغيرها من الأمور التي تضيق على الإنسان حياته، وينتج الاكتئاب عن عوامل داخلية فسيولوجية أو عضوية، وعوامل خارجية اجتماعية كمواقف حياتية سواء مادية أو زوجية، والابتعاد عن الله، والتقصير تجاه الدين.
علاج بداية الاكتئاب
ذكرنا سابقًا أن البعد عن الله، والتقصير في الدين من الأمور التي يمكن أن تصيب الإنسان بالاكتئاب، تشعره بالضيق، كره النفس، والرغبة في الانتحار، فالقرآن سلاح ودرع واقٍ من جميع الشرور التي تصيب الإنسان سواء شرور نفسية أو شرور العباد؛ لذلك عليك الإكثار من ذكر الله، وتلاوة قرآنه، والصلاة على رسوله (صلى اللّه عليه وسلم)، وسل ربك أن تكون تلاوتك للقرآن سببًا مقبولًا لشرح صدرك والتغلب على ضيقك، ومن أفضل وأكرم الآيات والسور في علاج الاكتئاب بالقرآن الخالصة لشرح الصدر، وفك الضيق ما يلي:
آيات سورة الفاتحة
﷽ ﴿ الحَمدُ للّهِ رَب العَالَمينَ (١) الرّحمنِ الرّحيِم (٢) مَلِكِ يَومِ الدّين (٣) إيّاكَ نَعبُدُ وإيّاكَ نَستَعيِن (٤) اهدِنَا الصرَاطَ المُستَقِيمَ (٥) صِرَاطَ الّذينِ أنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهَم وَلاَ الضًالّينَ﴾.
آيات سورة الأعراف
﷽ ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىَ مُوسَىَ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون (۱۱۷) فَوَقَعَ الْحَقّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (۱۱۸) فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ (۱۱۹) وَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سَاجِدِينَ (۱۲۰) قَالُوَاْ آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ (۱۲۱) رَبّ مُوسَىَ وَهَارُونَ (۱۲۲)﴾.
آيات سورة يونس
﷽ ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (۷۹) فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مّلْقُونَ (۸۰) فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (۸۱) وَيُحِقّ اللّهُ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.
آيات سورة طه
﷽ ﴿قَالُواْ يَمُوسَى إِمّا أَن تُلْقِيَ وَإِمّا أَن نّكُونَ أَوّلَ مَنْ أَلْقَىَ (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيّهُمْ يُخَيّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنّهَا تَسْعَىَ (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مّوسَىَ (٦۷) قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنّكَ أَنتَ الأعْلَىَ (٦۸) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوَاْ إِنّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ (٦۹)﴾.
علاج الضيق بالقرآن
الضيق من الأعراض الرئيسة الناتجة عن الاكتئاب، والذي يؤثر بشكل كبير على المصاب؛ مما يجعله عدوانيًا مع من حوله، ويبعد كل من يحاول الاقتراب منه؛ وبالتالي يصبح وحيدًا ولا يرغب بالحياة، ولكن بفضل لله ستتخلص من ذلك الضيق والاكتئاب باقترابك منه، والدعاء له طامعًا أن يشفيك، ويخرجك من دائرة الاكتئاب تلك، ومن أهم الآيات الصغيرة في علاج الضيق والاكتئاب بالقرآن ما يلي:
آيات سورة عمران
﷽﴿قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (۲٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (۲۷)﴾.
آيات سورة الإخلاص
﷽ ﴿قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (۱) اللّهُ الصّمَدُ (۲) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (۳) وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.
آيات سورة الفلق
﷽ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ (۱) مِن شَرّ مَا خَلَقَ (۲) وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (۳) وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.
آيات سورة الناس
﷽﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ (۱) مَلِكِ النّاسِ (۲) إِلَهِ النّاسِ (۳) مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ (٤) الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ(٥) مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ (٦)﴾.
علاج الاكتئاب الحاد بالقرآن
الاكتئاب الحاد من أشد المراحل التي يصل إليها المُكتئب، فيكون وصل لمرحلة الرغبة في الموت، وأنه غير مرغوب به في المجتمع أو بين أقاربه وأصدقائه، ويميل دائمًا للعزلة والرغبة في الوحدة، وهي مرحلة يصعب التعامل معها، أو علاجها نهائيًا بالعقاقير، أو الأدوية والاستشارات، لكن بأمر الله -سبحانه وتعالى- سيكون علاج الاكتئاب الحاد بالقرآن الكريم.
عليك أولًا أن تُحسن الظن بالله، وأن تكون على يقين أنك ستتعافى تمامًا من الاكتئاب بفضله، كقوله تعالى “أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله” ولتلك الحالات الصعبة بعض الآيات من سورة البقرة التي تُضفي على المصاب لمسة الاطمئنان بأن الله أدرى به وسيُعينه، بالإضافة إلى الآيات الأساسية السابقة:
﷽ ﴿الَمَ (١) ذَلِكَ الكِتاَبُ لا رِيبَ فِيهِ هُدًى لّلمُتَقِين (٢) الّذينَ يُؤمِنُونَ بَالغَيبِ ويُقَيمُونَ الصّلاةَ وَممّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ (٣) والذِينَ يُؤمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبلِك وَبِالآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلىَ هُدى مّن رّبّهِم وَأُولَئِك هُمُ المُفلِحُون﴾.
﷽ ﴿يَكَادُ البَرقُ يَخطَفَ أبصٌارَهُمُ كُلمَا أضَاءَ لهُم مَشَوا فِيهِ وَإذَا أظلَمَ عَلَيهِم قَامُوا وَلَو شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمعِهِم وَأبصَارِهِم إنَ اللهَ عَلَى كُلَ شَيءً قَدِير (٢٠)﴾.
﷽ ﴿وَاتّبَعوا ما تَتلُوا الشيَاطِينُ عَلىَ مُلُكِ سُلَيمَانَ وَما كَفَر سُلَيمَان ولَكِنّ الشّياطِينَ كَفَروا يُعَلّمونَ النّاسَ السٌحرَ وَماَ أُنزِلَ علَى المَلَكَينِ بِبابِل هَرُوتَ وَمَروتَ وَمَا يُعَلٌمَانِ مِن أحَدٍ حتىَ يَقُولاَ إنّما نَحنُ فِتنَةُ فَلا تَكفُر فَيَتَعَلمون مِنهُما ما يُفَرقُون بِهِ بَينَ المَرءِ وَزَوجهِ وَما هُم بِضَآرِيّنَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعَهُم وَلَقَد عَلِموا لَمَنِ اشتَرَىهُ ما لَهُ في الأَخرةِ من خَلاقِ وَلَبِئسَ مَا شَرَوا بِهِ أنفُسَهُم لَو كانُوا يَعلَمُونَ (١٠٢)﴾.
﷽ ﴿اللهُ لا إلا هُوَ الحَيّ القَيّومُ لاَ تَأخُذُهُ سِنَةُ وَلاَ نَوم لّهُ مَا فِي السّمَاواتِ وَما في الأرضِ مَن ذا الًذِي يَشفَعُ عِندَهُ إلا بإذِنِه يِعلَمُ ما بينَ أَيدِيهِم وَما خَلفَهُم ولاَ يُحِيطُون بِشَيءٍ مّن عِلمِهِ إلاّ بِمَا شاء وَسِعَ كُرسِيهُ السّمَاوَات وُالأرضَ ولاَ يَؤُودُهُ حِفظُهُما وَهوَ العَلِيّ العَظِيمُ (٢٥٥) لا إكرَاهَ في الدّينِ قد تّبَيّنَ الرشدُ منَ الغَيّ فَمَن يَكفُر بالطاغُوتِ ويؤمِن بِاللهِ فقَد استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقُىَ لا انفِصَامَ لهَا وَاللّهُ سَميعٌ عَليمٌ (٢٥٦) اللهُ وَليّ الّذينَ آمنُوا يُخرِجُهُم منَ الظُلُمَاتِ إلَى النّور والّذِينَ كفَرُوا أَولِيَآؤهُمُ الطاغُوتُ يُخرِجُونَهُم منَ النورِ إلَى الظّلُماتِ أُولَئِكَ أصحَابُ النارِ هُم فيهَا خالَدُونَ (٢٥٧)﴾.
فضل سورة البقرة لعلاج الاكتئاب
لسورة البقرة فائدة كبيرة، وفضل عظيم، وخيرُ لا يُحصى على الإنسان بوجه عام خاصةً المريض، فهي دواء لكل داء، ورحمة من الله -عز وجل- وبها البركة والخير والرحمات، تجلب الرزق، تمنع الحسد الذي يمكن أن يسبب الضيق والاكتئاب بأنواعه، وغيرها من الفوائد الكثيرة التي لا تحصى، وهنيئًا لكل من يواظب عليها، وجعلها وردًا أساسيًا في يومه، حيث ستكون له درعا واقيا من أي شرور بشرية كانت أو نفسية، ولقد ذكرنا بعض آيات علاج الاكتئاب النفسي بالقرآن الكريم سابقًا من سورة البقرة، وإليك المزيد منها حتى تجمع قدرا كافيا منها، ويفضل قراءتها كلها إن أمكن:
﷽ ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (۱۰٥)﴾.
﷽ ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (۱۰۹)﴾.
﷽ ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (۱۳۷) صِبْغَةَ اللَّـهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (۱۳۸)﴾.
﷽ ﴿وَإِلَـٰهُكُم إِلَـٰه وَاحِدٌ لَّا إِلَـٰه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَـٰن الرَّحِيمُ (۱٦۳) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (۱٦٤)﴾.
﷽﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (۲۸٥) لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (۲۸٦)﴾.
نصائح إيمانية للتخلص من الاكتئاب
ذكرنا سابقًا كيفية علاج الاكتئاب بالقرآن بآيات قرآنية لها فضل عظيم في تجديد النفس، الشعور بالطمأنينة، والاستشفاء من الاكتئاب تدريجيًا بإذن الله، وذلك يتوقف على حُسن ظنك بالله كما ذكرنا سابقًا، والآن إليك أفضل 10 نصائح من كتاب الله وسنة رسوله (ﷺ) فخر الأمة الإسلامية، وقدوتنا الحسنة في التعاليم الإسلامية، وطريقة قربنا من الله -عز وجل- لتحقيق مُرادنا وأمانينا، فعليك:
الدعاء
من المعروف أن الدعاء يغير الأقدار، ويرفع البلاء عن صاحبه، ويعد من أفضل السبل في علاج الضيق والاكتئاب بالقرآن؛ لذلك عليك اللجوء لله -عز وجل- والدعاء لتغيير قدرك، تحقيق استشفائك، الهِدايا إلى الصراط المستقيم، تفريغ حُزنك، همك، وكربك؛ لأنه من أفضل الوسائل الوقائية والعلاجية، ويجب أن تتبع سنة رسول الله (ﷺ) في دعائه.
الإخلاص لله
يعد الإخلاص لله تعالى في سائر الأعمال من أسرار الراحة والسعادة، فيجب أن تكون أعمالك خالصة لله -سبحانه وتعالى- ابتغاءً منه لما عنده من الثواب والأجر العظيم، وعدم الاهتمام بحمد الناس وشكرهم لكرمك؛ حتى لا يصيبك الضيق، الندم، والحسرة بما فعلت لهم ولم تجد مقابلًا، فتذكر أن الثواب والأجر عند الله وحده وليس عند عباده، ومن أعظم الدلالات على أن الإخلاص يسبب: الطمأنينة الراحة، وفك الكرب: قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار ، وبدأ يتوسل كل منهم لله تعالى بفضيلة قد قام بها، وكان أساسها الإخلاص، وسرعان ما انفرج كربهم.
نعم الله
التفكير وتذكر نعم الله سبحانه وتعالى، فكما ورد عن السعدي بأنه قال: ‹‹أنه كلما طال العبد في تأمل نعم الله الباطنة منها والظاهرة، الدنيوية والدينية، رأى أن ربه قد من عليه بالخير الكثير، ودفع عنه الشرور، ولا شك بأن هذا يدفع الغموم والهموم، ويوجب السرور والفرح››، فالعبد منغمسُ في نعم به كقوله تعالى ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} الأمر الذي يدفع الأحزان، الهموم، الضيق، والاكتئاب.
التوكل على الله
التوكل على الله من أفضل الأمور التي على العبد الاعتماد عليها طوال حياته حتى مماته، فلا يُدبر الأمور غيره -سبحانه وتعالى- ولا يقي النفس سواه، فالتوكل على الله يعد مخرج الكروب، الهموم، والضيق، وخير مثال: سيدنا إبراهيم (عليه السلام) حينما رمى به قومه في النار، فتوكل على ربه، فأمرها الله أن تكون بردًا وسلامًا عليه.
الإيمان بالله
الإيمان الحقيقي بالله -سبحانه وتعالى- لأنه طريق النجاة، حيث قال في كتابه ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّـهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ فكلما كان إيمانك بالله قوي، انشرح صدرك، انفك ضيقك، وتيسرت أمورك، وأما إذا فقدت ذلك الإيمان أصبحت “شقيًا”.
الأعمال الصالحة
المداومة على الأعمال الصالحة تعد من أحب الطرق لدى الله -سبحانه وتعالى- لتقرب العبد منه طامعًا فيما سيجنيه من أجر وثواب عظيم جراء ذلك، حيث قال تعالى في كتابه: ﴿ مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾ ومثال على هذه الأعمال: كثرة ذكر الله ورسوله (ﷺ) كثرة الاستغفار والصدقة، الحرص على النوافل سواء كانت صلاة أو صوم، فيحصل بها العبد على محبة ربه، والخشوع لله؛ لأنها المزيلة للذنوب والمعاصي، والتي إذا كثُرت لن تجد إلا: الهم، الحزن، الضيق، الكرب، والمرض.
الأذكار
لقد أوصانا رسولنا (ﷺ) بأهمية الأذكار وضرورة المحافظة عليها؛ لأنها المُنجية من المهالك، وهي الأذكار المسائية والصباحية وأذكار النوم أيضًا، وذلك لتحصينك بأمر الله من شرور الإنس والجن والنفس، وتزيدك قوة معنوية وحسية؛ حتى تستجيب للاستشفاء أثناء فترة علاج الاكتئاب النفسي بالقرآن الكريم سريعًا بأمر الله، ذلك وغيرهم من الثمرات التي ستجنيها جراء مواظبتك على تلك الأذكار.
فقد كان يذكر رسول الله ربه أثناء الكرب قائلاً: ‹‹اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ››، وإذا أصابه غم أو هم قال ‹‹يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث›› وكان يدعو أيضًا ‹‹اللهم إني عبدك وابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب غمي››.
أداء الفرائض
عليك المحافظة على فروضك، والإكثار أيضًا من النوافل كالصدقات، الصوم، الصلاة، والاستغفار؛ فبها تسعد وتحصل على محبة الله، ونجاح علاج الاكتئاب بالقرآن تمامًا بأمر الله، فقد قال رسول الله (ﷺ) أن الله تعالى قال ‹‹من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنهُ››.
حسن الظن بالله
لقد ذكرنا في بداية موضوعنا أن حسن الظن بالله من أهم الأمور التي يجب أن تواظب عليها طوال فترة علاج الاكتئاب النفسي بالقرآن الكريم والسنة، وأن تكون على يقين بها طامعًا منه في الاستشفاء، فإن إحسان العبد ظنه بالله يفتح عليه أبواب البركات والرحمات من حيث لا يحتسب، فكما ذكرنا سابقًا أن الله عند ظن عبده به، فإذا ظننت خيرًا فلك، وإن ظننت شرًا فلك، فأحسن الظن بربك وأنك ستُشفى تمامًا من ذلك الاكتئاب بفضله، وإياك سوء الظن به إذا لم تُشفَ، فإن ذلك من المهلكات الموبقات.
السجود
السجود يعد من أهم مظاهر عبادة العبد لربه والخضوع له، ويدل ذلك على الوجاهة أي وجه الإنسان، وسجود العبد لربه يعد “عين العزة”، فالسجود لله والدعاء لحظات لا تعوض، فهذه الصلاة تعد طريق النجاة والتوفيق في الحياة وضمان الآخرة، ودلالة على أهميتها قول الله تعالى لرسوله “واسجد واقترب”، ونصحنا رسولنا (ﷺ) بأن نُطيل السجود ولا نرفع وجهنا بسرعة؛ حتى تتساقط جميع ذنوبنا التي تعد السبب الرئيس في ضيقنا من الحياة، عرقلة الرزق، والشعور بالضيق والهم والغم، فإذا قلت ذنوب العبد قلت معها همومه.
التسبيح
تسبيح العبد لربه يعد منجٍ من ضيق الحياة، فحين يلجأ العبد لربه، ويشكو إليه قسوة خلقه، يجد: الطمأنينة، الراحة، السلام النفسي، وتلاشي الغضب الذي كان يستحوذ عليه نتيجة الشيطان، “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، ولا يرتبط الذكر أو التسبيح بوقت أو مكان معين، بل من نعم وفضل الله على عبده بأنه متواجد معنا في كل وقت وحين راغبًا منا الدعاء له والطلب منه.
كيفية علاج الاكتئاب بالقرآن الكريم
الآن إليك الطريقة المثالية لتطبيق علاج الاكتئاب الحاد بالقرآن الكريم بالطرق الصحيحة، أنك تسير على نظام علاجي معين للاستشفاء، والتغلب على أي حزن وضيق قد يوصل إلى حد الاكتئاب، ويمكن إيجاز تلك الطرق على النحو التالي:
أولاً: الاستماع للقرآن الكريم
تعد هذه الطريقة من أفضل الطرق المتبعة، والأكثر شهرة حول تهدئة النفس، والشعور بالراحة والسكينة بين جميع الناس بمختلف جنسياتهم، فالأجنبي بالرغم أنه لم يفهم ما يتردد على آذانه، إلا أنه يشعر براحة نفسية وصفاء داخلي، فأنت أكثر حظًا عنه؛ لأنك ستستمع لترتيل القرآن مع فهم معانيه، والحكم، والنصائح، والقصص الذي يسردها القرآن؛ لذلك قم بالاستماع إليه بمكان هادئ خالٍ من الضوضاء؛ حتى تتمعن في معانيه، ويرتجف قلبك من الخشوع، وتتخلص من الضيق بأمره تعالى.
ثانيًا: قراءة القرآن
قراءة القرآن أيضًا من أفضل الطرق العلاجية، وذلك من خلال جعل جميع حواسك الإدراكية تتلفظ كلمات الله -عز وجل- ولا يخلو فمك من الذكر والقرآن، ويجب أن تكون القراءة بخشوع وتمعُن، ويقين بأن الاستشفاء بيد الله، وقرآنه، وسنة رسوله، وسنرشدك للطريقة الصحيحة للخشوع أثناء القراءة والاستمتاع:
- عليك أولًا تحديد ما ستقرؤه من القرآن، هل ما تحفظه أم قراءة القرآن مباشرة.
- اختر ما يتناسب معك، وابدأ بالقراءة بصوت واضح ومسموع بمكان هادئ؛ لأنه يساعد على التركيز، والخشوع، والشعور بالطمأنينة.
- أهم الخطوات أنه يجب أن تفهم ما تقرأه من آيات، وأن تعلم جيدًا بأن القرآن الكريم وحي الله على نبيهُ محمد (ﷺ).
- يعد المحافظة على التجويد من أكثر الطرق المساعدة على الخشوع، وتعلق الروح بما يُرتلُ عليها.
- تحكم في نفسك، واضبط صوتك للخروج من دائرة الامتناع عن الكلام نتيجة الاكتئاب، وذلك لأنك تخاطب ربك ليس أحدًا من عباده.
- اقرأ بتمهل وتأنٍ؛ حتى تتمكن من فهم الآيات والتعلم منها، وإكثار الخشوع؛ حتى تشعر بأنك انعزلت عن العالم الخارجي.
نصائح عامة للتغلب على الاكتئاب
علاج الاكتئاب بالقرآن الكريم من الطرق الناجحة والمضمونة بإذن الله لتحقيق الاستشفاء تمامًا، فلا مجال للشك في قدرة الخالق على إعانة عبده، والاستجابة له في حين اللجوء إليه؛ لذلك أحسن ظنك بالله، وتوكل عليه؛ لأنه خير ما يمكن أن تلجأ إليه دون الحاجة إلى عباده، والآن إليك بعض النصائح التي ستُفيدك كثيرًا أثناء مرحلة علاج الاكتئاب بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وهي تعد طرقًا مكملة لجميع ما سبق من آيات وأحاديث، والتي ذكرناها سابقًا بالتفصيل، ويمكن إيجاز تلك النصائح على النحو التالي:
- يفضل قراءة سورة البقرة كاملة؛ للحصول على جميع أفضالها، وفوائدها في حماية النفس وعلاجها.
- قراءة القرآن الكريم بشكل عام كأنه واجب يومي عليك أداؤه، فسيضيف ذلك نقطة تحول إيجابية أثناء العلاج.
- المواظبة على قراءة آية الكرسي يوميًا قبل النوم؛ وقايةً من الشياطين، والكوابيس المزعجة الناتجة عن الاكتئاب.
- المداومة على صلاة الفجر في ميعادها؛ لما لها فضل عظيم في تيسير الحياة الدنيا، وتحقيق الأمنيات بالدعاء في السجود وبعد الصلاة.
- كثرة الاستغفار، والصلاة على الحبيب (ﷺ) تكفيك هموم الدنيا والآخرة، وتُنير طريقك للحق بأمره تعالى.
- طاعة الوالدين من أهم ما يمكن؛ لأنهما ضمان طريقك إلى الجنة مع عبادة الله.
- التخلي، والابتعاد عن جميع الأشياء المُحرمة كسماع الأغاني بكثرة، مشاهدة الموانع أو الفواحش، إيذاء الغير إذا كنت تفعل ذلك.
- تحديد أهدافك، وطموحاتك أثناء فترة العلاج؛ لتكون دافعًا إيجابيًا للاستشفاء، وتحقيقها بأمر الله.
وصلنا عزيزي القارئ، لنهاية موضوعنا عن علاج الاكتئاب بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وما لهم من فضل رائع في تخليص العبد من الهم، الحزن، الضيق، والكرب، وغيرهم، فطريق التوجه إلى الله واضح لا رجوع منه إلا بجبر خاطر؛ لذلك عليك اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- وحسن الظن به وأن تكون على يقين تام بأنه سيشفيك تمامًا من كربك وهمك؛ لتخرج من الظلمة إلى النور، وتنعم بالحياة الكريمة التي سخرها الله لعباده، فما عليك سوى اتباع جميع الإرشادات السابقة حتى تتحسن بأمر الله.