يعرف أغلب عشاق الكرة الكثير عن مهارات وإمكانات نجم فريق أياكس أمستردام الهولندي، حكيم زياش، إلا أن القليل منهم من يعلم بشأن الأسرار المحزنة والتقلبات الحياتية التي تعرض لها لاعب المنتخب المغربي الشاب، والتي كادت أن تودي به إلى السجون بدلا من ملاعب كرة القدم منذ كان في سن المراهقة!
أسرة مغربية مهاجرة
برزت خلال مباريات دوري أبطال أوروبا الأخيرة، بعض الأسماء اللامعة التي لفتت الانتباه بشدة، ربما يأتي اسم نجم فريق أياكس حكيم زياش في مقدمتها، حيث ذاع صيت اللاعب المغربي بفضل مساعدته لفريقه في الصعود إلى نصف نهائي البطولة الأوروبية الأشهر للأندية، قبل الإقصاء على حساب فريق توتنهام الإنجليزي في اللحظات الأخيرة، فكيف كانت بداية هذا اللاعب ذو الأصول العربية؟
ولد حكيم في الـ19 من مارس لعام 1993، بمدينة درونتين الهولندية، لأسرة مغربية مهاجرة، تتكون من أب وأم و 8 أشقاء، كان حكيم أصغرهم، إذ بدا على أفراد الأسرة جميعا عشق رياضة كرة القدم، ما ساعد الطفل الأصغر على ممارستها منذ كان في الـ5 فقط، ومن ثم الانضمام لأندية الصغار المحلية بدرونتين.
جاءت الصدمة الأولى في حياة زياش، عندما كان في الـ10 فقط من عمره، حيث فقد الطفل الصغير والده الذي عانى من مرض شديد أدى إلى وفاته، ما أثر بالسلب على مستوى حكيم الدراسي، بل وأدى إلى تعرضه لأزمات نفسية كادت أن تتسبب فيما لا يحمد عقباه بالنسبة للمراهق المغربي لاحقا.
مراهق مشاغب
عانى حكيم في عمر المراهقة من الشعور بفقدان الدعم والمساندة، الذي كان يوفره له والده الراحل، الأمر الذي بدا واضحا من خلال التغييرات الحادة في تصرفاته، حيث بدأ في تدخين السجائر وشرب الخمور، قبل أن يصل الأمر به إلى تعاطي المخدرات في سن مبكر للغاية.
زادت الأمور سوءا مع قيام المدرسة التي كان يتلقى فيها حكيم العلم، بإصدار قرار بفصل المراهق الصغير، نظرا لعدم انتظامه بالحضور من ناحية، ولعدم التزامه بمعايير الدراسة هناك من الناحية الأخرى، لتقسو الحياة من جديد على زياش الذي وجد ضالته في رياضته المفضلة.
جاء انضمام حكيم، ابن الـ14 عاما حينئذ، إلى أكاديمية هيرنفين لكرة القدم، ليكون بمثابة المخرج الوحيد للمراهق الحائر من أزماته المتعددة، إلا أن البداية لم تكن أسعد حالا من غيرها، إذ عرف في هذا الوقت بسلوكه المشاغب، الذي اتضح مع عدم احترامه لزملاءه ولا حتى لمدربيه، لذا كادت نهاية تجربته المثيرة مع هيرنفين أن تكتب بالرغم من موهبته الشديدة، لولا تدخل اللاعب المغربي السابق، عزيز ذو الفقار، والذي يعد أول لاعب مغربي يحترف في صفوف أحد الأندية الهولندية.
نموذج للأب ونجومية لامعة
قدم عزيز ذو الفقار لحكيم زياش، نموذج الأب الذي طالما حلم به، لتتحسن الأمور رويدا رويدا، ويبدأ حكيم في الانتظام ومن ثم التألق مع أكاديمية هيرنفين، ليقتنع مدربيه بضرورة انضمامه لصفوف الفريق الأول، وهي الخطوة الأكثر أهمية التي ساعدت حكيم على الانتقال لصفوف فريق تفينتي أنشخيدة في صيف عام 2014، والذي سجل معه 30 هدفًا عبر المشاركة في 68 مباراة، قبل الانضمام لعملاق الكرة الهولندية أياكس، في عام 2016.
لمع اسم حكيم زياش على مستوى الكرة الهولندية والعالمية، مع تألق فريقه مؤخرا في منافسات دوري أبطال أوروبا، الأمر الذي نتج عنه تجاوز راتب اللاعب المغربي السنوي لنحو 3 ملايين دولار، ما لم ينسيه أسرته العربية التي يبدو من الواضح أنه يقدم لها المساندة بكل الصور، كما يقدم الدعم لمشروع SOEP الذي أصبح سفيرا له، وهو المشروع المختص برعاية الصغار والمراهقين المضطربين، ليتحول في أعين الجميع من المراهق العربي المشاغب، لأحد أبرز لاعبي الكرة المغاربة في تاريخ الكرة الهولندية والعالمية.