انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 1945، وعاد أغلب سجناء الحرب إلى أوطانهم من جديد، فيما فوجئ الجميع بآلاف الأسرى الألمان وهم لا يرغبون في ترك الدولة التي قامت بسجنهم لسنوات وهي كندا، فما السر؟
من بريطانيا إلى كندا
شهدت نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بريطانيا آنذاك بالاعتماد على العلاقات الجيدة مع كندا، من أجل الاحتفاظ بعدد من سجناء الحرب الألمان، الذين قبض عليهم على أراضيها.
بدأ الأمر في صيف عام 1940، عندما طلب رئيس وزراء المملكة المتحدة آنذاك، ونستون تشرشل، من كندا قبول 7 آلاف أسير حرب ألماني في سجونهم، ما وافقت عليه الحكومة الكندية، التي استقبلت في العام التالي آلاف الأسرى الآخرين، ومثلهم الكثير في السنوات التالية.
وصل أعداد سجناء الحرب الألمان إلى ما يزيد عن 35 ألف شخص، عاشوا بمعسكر أسرى الحرب الكندي لعدة أعوام، وحتى انتهت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر من سنة 1945، ليتوقع الجميع أن يشاهدوا سعادة الألمان مع العودة لأوطانهم، إلا أن المفاجأة تمثلت في رغبة نحو 6 آلاف سجين حرب ألماني في البقاء بكندا مدى الحياة، ما فتح الباب وراء تساؤل مهم، ما الذي كان يحدث مع الأسرى الألمان بمعسكرات كندا؟
معسكرات الحرب العالمية الثانية
في وقت كان من المتوقع فيه أن يتعرض أسرى الحرب للتعذيب والتنكيل من قبل المسؤولين بمعسكرات سجن الدول المعادية، كان من المذهل أن يجد السجناء الألمان تلك المعاملة الرائعة من جانب المسؤولين في كندا، حيث عاشوا طوال مدة الحرب بأماكن سكن ملائمة، أتاحت لهم فرصة تلقي العلم لمن أراد، فيما تعامل مسؤولو السجون مع الأسرى بصورة ودية، زادت من التقرب بين الطرفين.
ليس هذا فحسب، بل أقيمت البطولات والمنافسات الرياضية بلا توقف داخل معسكرات السجناء الألمان، بتنظيم من جانب المسؤولين الكنديين، الذين شددوا على ضرورة احترام حقوق البشر حتى وإن كانوا من جنود الدول المعادية، لذا كان من البديهي أن يمارس السجناء لسنوات منافسات رياضية في كرة القدم، كرة اليد، الملاكمة والمصارعة، والتنس.
تحفز السجناء الألمان من خلال تلك المعاملة الطيبة كثيرا، لذا اشترك عدد منهم في حفلات للعزف الموسيقي، فيما سعد الجميع أكثر وأكثر بموافقة الحكومة الكندية على إعطاء السجناء حق العمل مقابل أجر مناسب، ما دفع الألمان للعمل في مزارع كندا، التي ساهمت في تقرب الأسرى من المزارعين الكنديين كثيرا، ليصل عدد العاملين هناك من أصحاب الجنسية الألمانية إلى نحو 11 ألف شخص.
كل هذا ساهم في الوصول لتلك النتيجة غير المتوقعة مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث رفض 6 آلاف ألماني العودة للوطن، مبدين رغبتهم في البقاء للأبد بكندا، الأمر المبهر الذي تلخصه عبارة تناقلها السجناء الألمان في هذا الوقت وهي “فترة السجن في كندا هي الأفضل في حياتي”.