هل تسعى إلى الكمال دائما فتخشى من ارتكاب أبسط الهفوات؟ عليك إذن أن تعلم بأمر ظاهرة الخطأ المحرج، والتي قد تحفزك على ارتكاب بعض الأخطاء البسيطة حتى تزداد جاذبيتك في أعين وعقول الآخرين.
ظاهرة الخطأ المحرج
ظهر مصطلح ظاهرة الخطأ المحرج، عبر خبير علم النفس الأمريكي إليوت أرونسون، والذي فاجأ الجميع بالإشارة إلى أن الأشخاص الذين أحيانا ما يرتكبون الأخطاء هم محبوبون أكثر من المحيطين بهم، وبالمقارنة بالآخرين الذين لا يرتكبون أي أخطاء تذكر على الملأ.
يشير عالم النفس إلى أمر شديد الأهمية يرتبط بتلك الظاهرة، يتمثل في ضرورة ارتكاب الأخطاء من جانب شخص ذكي أو بارع، حتى تزداد جاذبيته في أعين الآخرين، مؤكدا على أن قيام شخص عادي بارتكاب هفوة ما لن يزيد من جاذبيته، بل يتحقق الأمر عندما يكون المخطئ هو في الأساس شخص ناجح بصورة ملحوظة.
سر حدوث الظاهرة
يرى خبراء علم النفس أن سر زيادة جاذبية الأشخاص الناجحين أو الأذكياء في أعين المحيطين بهم بعد ارتكاب الأخطاء، ينبع من رغبة الإنسان دائما في رؤية المحيطين به كالبشر العاديين، حيث تؤرقه فكرة وجود شخص كامل، فيما يبدو هذا الشخص أكثر لطفا عندما يقوم بخطأ غير مقصود.
تتعدد الأمثلة على ظاهرة الخطأ المحرج، بين فنانة تسقط أثناء توجهها للحصول على جائرة الأوسكار، أو زعيم محبوب يتلعثم أثناء قراءة خطابه الرئاسي، حيث يبدو أن تلك الزلات لا تقلل من شعبية هؤلاء في أعين البشر، بل على العكس من ذلك تعطي الإحساس بأنهم بشر عاديون وليسوا كاملي الأوصاف، ما يزيد من حب الآخرين لهم.
إثبات بالتجربة
أثبت إليوت أرونسون الأمر بالتجربة الحية، عندما قام بجمع 48 متطوعا من أجل الاستماع إلى 4 مقابلات مختلفة، الأولى لشخص كفء يجيب على الأسئلة بنجاح واضح، والثانية لشخص عادي يجيب الأسئلة بنجاح أيضا، والثالثة لشخص كفء يجيب بنجاح لكنه يرتكب خطأ ما في منتصف المقابلة، والأخيرة لشخص عادي يرتكب خطأ أيضا.
تبين من خلال ملاحظة ردود فعل وآراء المتطوعين، أن الشخص الكفء الذي ارتكب الخطأ ظهر أكثر جاذبية من غيره، بل وتفوق على الشخص الكفء الذي لم يرتكب أي هفوة طوال المقابلة، ما كشف عن إمكانية نفور البعض من الكمال.
في النهاية، يشدد خبراء علم النفس على أن الوقوع في الأخطاء من صفات البشر، إلا أنه يوجد فارق كبير بين ارتكاب خطأ بسيط في ظل القدرة على تحقيق النجاحات، وبين الوقوع في المشكلات طوال الوقت، حيث يعطي المثال الأول إحساسا بالمصداقية، فيما تؤدي الثانية إلى إعطاء الآخرين إحساسا بأنك غير جدير بالثقة من الأساس.