آراء ومساهمات

القنفود عماد يكتب: حاجتنا إلى “الأنسنة” في زمن الفيروس التاجي

كتب – القنفود عماد

على هذه الأرض يعيش أكثر من 7 مليار شخص، يتشاركون نفس الحاجات والرغبات، يتنفسون نفس الهواء ويشربون نفس الماء، كل واحد منهم يبحث عن هدف أساسي ومعنى لوجوده، يجد الكثير مبتغاهم في مذاهب يدافعون عنها حتى آخر رمق، مقتنعين قناعة تامة بأفكار ناتجة إما عن تلقين يتلقوه منذ صغرهم أو لصالح ومنافع يجنونها وراء القناع المذهب ذاك، اليوم، مع بروز نجم كورونا المستجد، تجد البشرية نفسها أكثر من أي وقت مضى تبحث عن قاسم مشترك يوحد صفوفها في مواجهة عدو واحد، من هنا تأتي أهمية “الأنسنة” أو “الإنسانية” التي كانت ولا تزال مطلبا أساسيا ومرجعا مهما لخير الإنسان والبشرية جمعاء.

بالأمس القريب كان الرئيس الأمريكي يقول بـ”إغلاق” الولايات المتحدة أبوابها في وجه المسلمين وبعض الفئات الأخرى بهدف حصوله على بعض الأصوات في سباقه نحو الرئاسة، وقبل أيام قليلة يعيّن عالما مغربيا مسلما “الدكتور منصف السلاوي” على رأس عملية ترمي لهزيمة الفيروس الذي اكتسح العالم وهدّد بقاء البشرية، هذا مثال على انتصار النزعة الإنسانية، شهدها الملايين حول العالم وصار فخرا للعرب والأفارقة قبل المغاربة تعيين هذا العالم الكبير، الذي وإن دل على شيء إنما يدل على أن ما يربط الإنسان بأخيه الإنسان أكثر بكثير مما يفرقه، فلا الدين ولا العرق ولا الانتماء ولا الثقافة تقف عائقا أمام الهدف المشترك للإنسانية في الوقت الراهن، فلم نعد بحاجة إلى إثارة خوفنا من المجهول كجزء لضبط حالتنا الأخلاقية والتزامنا، لأن ما يدفعنا لنلزم بيوتنا هو الدافع الإنساني الذي يتجلى في حبنا لوطننا ولأحبابنا خوفا عليهم قبل أنفسنا خاصة منا كبار السن (وليس المسنين أو العجزة كما دأبت على تسميتهم بعض الجهات).

ما يميز النزعة الإنسانية / “الأنسنة” أنها ترفض كل أشكال الاضطراب وتطالب باحترام الكرامة الإنسانية وحق الأشخاص في أن يعاملوا كغايات في حد ذاتها، لأن ما نبتغيه حاليا هو مواجهة البشرية جمعاء لعدو لا بشري فما يحدث هو حرب دون مقاتلين كما يقول العالم الاجتماعي الفرنسي “آلان تورين”، حرب أجبرت حكومات العالم لتضع تدابير من الممكن أن نطلق عليها “اشتراكية” كما جاء على لسان سلافوي جيجيك الفيلسوف السولفيني.

انفتاحا على سؤال الإنسان ومكانته نستحضر النزعة الإنسانية في التصوف الإسلامي والتي تدرجت من الإنسانية الفردية التي اكتفت بالزهد والتعبد الفردي إلى الإنسانية الجماعية التي ارتبطت بمؤسسة الزوايا وصولا إلى الإنسانية الكونية التي ارتبطت بالتصوف الفلسفي، ولا ينكر عاقل أهمية التجربة المغربية في النزعة الإنسانية الجماعية للتصوف لما كانت تمثله الزوايا من دور فعال في مواجهة أحداث تاريخية وسياسية والتأثير في البيئة الاجتماعية، وفي النزعة الإنسانية الكونية التي تجاوزت ربط الصوفي المسلم بأخيه المسلم إلى كافة النوع البشري من أهل الديانات والملل والأجناس.

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى