ثقافة ومعرفة

حرب البسوس.. عندما أشعلت ناقة الحرب الأطول زمناً في تاريخ العرب

تُعتبر حرب البسوس  أحد أخطر الحروب التي خاضها العرب في الجاهلية، وقد عرف العرب في الجاهلية حروبًا ثلاثة وهي حرب البسوس وحرب داحس والغبراء وحرب الأوس والخزرج، وحرب البسوس استمرت 40 عاما وأكلت الأخضر واليابس وكان طرفا الحرب قبيلتين هم في الأصل إخوة وأبناء عمومة وهم قبيلتا تغلب وبني فكر ابني وائل وهما من أشهر قبائل العرب، وأكثرهم قوة وعددًا في ذلك الوقت.

من الذي أوقد نار الحرب؟

يُعتبر كُليب ابن ربيعه هو أول من أشعل فتيل الحرب بين القبيلتين، كان كُليب هذا سيد قبيلتي وائل تغلب وبكر وقائدهم واجتمع عليه العرب وقتها، وهو أمر غير معتاد عند العرب أن يجتمعوا على رجل واحد، فهم لديهم روح القبلية وكان لكُليب شخصية القائد الزعيم فقادهم وانتصر لهم في العديد من الحروب، لكنه أحس بالزهو والغرور وتجبر وحتى قيل إنه كان يضع يده على ما ليس له، وإذا جلس في مجلس لا يجرؤ أحد أن يمر أمامه، حتى قالت العرب: أعز من كُليب وائل وضرب به المثل.

وقيل إنه كان له جرو وكان يلقي به على الأرض الذي يضع يده عليها فإذا عوى جروه في أرض لم يجرؤ أحد أبدًا على دخول هذه الأرض وصارت من ممتلكاته، وتزوج بالجليلة بنت مرة سيد قبيلة بكر وأخت جساس أشجع فرسان العرب في ذلك الوقت، وفي يوم سأل زوجته هل تعلمين على الأرض من أمنع مني في زماني؟ قالت: نعم أخي جساس، فاغتاظ وكتمها في صدره.

ما سبب تسمية حرب البسوس بهذا الاسم؟

كان لجساس صهر كُليب خالة تُسمى البسوس بنت مُنقذ التميمية، وقد قامت بزيارته في أرضه في قبيلة بكر بجوار قبيلة تغلب القريبة من أرض كُليب، وكان في صُحبة الخالة جار لها يدعى سعد بن شمس الجرمي وكانت له ناقة تسمى (سراب)، وقد قيدها أمام بيت جساس، ومر قطيع من الإبل يملكه كليب ذاهبا إلى مرعى يسمى العلي، ويحكي أنه لما مرت الإبل رأتها ناقة الجار فحاولت فك رباطها لكي تلحق بالإبل، وجاء كليب يتفقد إبله ووجد الناقة الغريبة، فأخذ سهما وأصابها في درعها فجرت الناقة حتى وصلت إلى الخيمة التي بها صاحبها وهي تنزف وماتت.

علم القوم أن الذي أصابها هو كليب فخرجت البسوس بنت منقذ التميمية تصرخ وتقول: واه ذلة واه جاراه فلم يتحرك أحد لنجدتها وقالت أبياتا من الشعر:

لعمري لو أصبحت في دار منقذٍ        لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي                                      ولكنني أصبحت في دار غربةٍ          متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي                                  فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل         فإنك في قومٍ عن الجار أموات

وكان العرب يخافون من هتك الجوار والذل والمهانة، فغضب جساس من أجل خالته وقرر الانتقام من كُليب ولكن منعه أبوه مره سيد قبيلة بكر خوفًا من انتقام قبيلة تغلب، ومرت الأيام وتنقلت قبيلتا بكر وتغلب بحثًا عن المياه ووصلا إلى بئر الذنابيب، فوضع كُليب يده على البئر ورفض أن تشرب منه قبيلة بكر وشعر قوم بكر بالعطش الشديد، وغضبوا منه وذهب إليه جساس ابن عمه ولامه هو على ما فعله وقتله الناقة واحتد النقاش بينهم فضرب جساس كليب بالسيف ومات في وادي خيطان سنه 494 ميلاديا وبدأت المحنة، وقرر المهلهل أخو كُليب وأهله الأخذ بالثأر.

ذهب وفد من قبيلة تغلب إلى قبيلة بكر كما كانت عادات العرب وقتها، وطلبوا من مُرة رئيس القبيلة أربعة طلبات وعليه أن يختار بينهم

  • أن يحيي لهم كُليب
  • أن يسلموا لهم جساس
  • أن يسلم لهم ابنه همام أخو جساس ليقتلوه
  • أن يسلم هو نفسه ليقتلوه

فأجابهم مُرة كبير قبيلة بكر: فأنا لا أستطيع إحياء كليب، جساس هرب، وهمام فهو أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة وهم فرسان ولن يسلموا لكم أما أنا فلا أستعجل موتى، فقالوا: إذن هي الحرب وبدأت الحرب بين القبيلتين واستمرت 40 عاما، وانتهت دون أن يدفع أحد الدية وتفرق الدم بين القبيلتين ورحلت قبيلة تغلب بعد أن لحقت بها الهزائم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى