يعرف الوسواس القهري بأنه اضطراب نفسي يؤدي إلى سيطرة أفكار غير مرغوب فيها على عقل المصاب، ليعمل ذلك على إرغام المريض في الكثير من الأحيان على القيام بأفعال غير منطقية، ربما تضر به وبالمحيطين أيضا.
أنواع الوسواس القهري
تتعدد أشكال أو أنواع الوسواس القهري المسيطرة على عقول المرضى، من بينها وسواس النظافة، الذي يدفع الشخص إلى تنظيف نفسه والمكان المتواجد فيه لساعات طويلة، خوفا من الجراثيم أو من انتشار الأمراض.
تعتبر الرغبة الشديدة في التأكد من أبرز أنواع الوسواس القهري، والتي تتمثل في التأكد لمرات عديدة من القيام بالأمور بالصورة الصحيحة، خوفا من وقوع خطأ قد يضر بالشخص نفسه أو بالآخرين، ما يبدو واضحا عند التأكد أكثر من مرة من إغلاق باب المنزل أو من إغلاق الموقد.
من بين أنواع الوسواس القهري نجد وسواس الترتيب، والذي يتمثل في حرص المصاب على وضع الأشياء الخاصة به في ترتيب معين لا يمكن تعديله، ما يرتبط بدرجة أو بأخرى بوسواس الكمال، الذي يدفع الشخص دائما إلى السعي للوصول إلى التميز الصارخ، بدرجة قد تضر به على الصعيد النفسي.
يعد وسواس العد كذلك من أشهر أنواع الوسواس القهري، حينها يحرص المريض على عد كل ما يشاهده، مثل أن يقوم بعد المقاعد في مكان ما، أو حتى يعد خطواته عند السير، فيما تبدو الأرقام مسيطرة على ذهن المصاب بهذا الوسواس أيضا في ظل حرصه على القيام ببعض النشاطات لعدد محدد من المرات، مثل أن يقوم بغسل وجهه 3 مرات، أو يقوم بشرب 3 أكواب من المياه.
كذلك يوجد وسواس الاكتناز القهري، الذي يدفع صاحبه إلى عدم التخلي عن أي من ممتلكاته، حتى وإن كانت غير قيمة على الإطلاق، في تلك الحالة يصعب على الشخص أن يتخلص من ملابسة القديمة البالية أو الأوراق غير المستخدمة، ليكشف منزله المرتبك عن مرضه بكل وضوح.
أعراض وأضرار الوسواس القهري
بعيدا عن الأعراض المباشرة المذكورة والخاصة بكل نوع من أنواع الوسواس القهري، فإنه توجد أعراض عامة تكشف عن احتمالية المعاناة من الوسواس القهري، ومن بينها القلق على النفس وعلى الآخرين بشكل مرضي، مع النظر بصفة دائمة إلى التوقيت والانتباه طوال الوقت إلى ضرورة إغلاق الأضواء والأجهزة بالمنزل.
يعتبر التشكك في خيانة الآخرين من بين أعراض المعاناة من الوسواس القهري، حيث تبدو الإصابة بالمرض واضحة إن كانت تلك الشكوك غير مبنية على أي أساس، تماما مثلما تعد سيطرة هاجس الخوف من مصافحة أيدي الآخرين أو لمس مقبض الباب من أبرز أعراض الإصابة بوسواس النظافة على وجه التحديد.
يشير الأطباء إلى أن عدم شعور المريض بالاستمتاع عند قيامه بالأعراض المذكورة، وارتباطها بمشاعر القلق والرغبة في قضم الأظافر على سبيل المثال، تعد مؤشرا على المعاناة من المرض النفسي الشهير، وخاصة وإن بدأت في التعارض مع الحياة الاجتماعية والعملية الخاصة بالشخص، لتظهر أضرار الوسواس القهري بشكل مباشر، متمثلة في سوء العلاقات الاجتماعية للمريض وكذلك انخفاض الأداء في العمل أو في الدراسة.
علاج الوسواس القهري
يعتمد علاج الوسواس القهري في البداية على زيارة الطبيب النفسي، القادر على تحديد درجة الإصابة بالمرض، وإن كانت تؤثر على الحياة الشخصية للمريض بشكل كبير أم لا، فيما يسعى الطبيب إلى دفع المريض لشرح أفكاره ومشاعره الخاصة بالتفصيل، وربما يحتاج إلى الاستماع إلى وجهات نظر الأصدقاء وأفراد العائلة أيضا.
يلجأ الأطباء النفسيون في الكثير من الأحيان إلى علاج مرضى الوسواس القهري عبر الخضوع إلى جلسات العلاج المعرفي السلوكي، وهي الوسيلة المثالية التي تتحقق عبر النقاش المفتوح بين الطبيب والمريض، مع تحفيز المريض على مواجهة مخاوفه تدريجيا، ليشمل ذلك على سبيل المثال التعامل مع أشياء غير نظيفة أو الحرص على عدم القيام بالأفعال التي تسيطر على الذهن.
أحيانا ما يعتمد الأطباء على بعض الأدوية العلاجية القادرة على السيطرة على أعراض الوسواس القهري، حيث يصف البعض أدوية العلاج من الاكتئاب باعتبارها وسيلة طبية تخفف كثيرا من أعراض الوساوس المزعجة.
في كل الأحوال، يرى خبراء الصحة أنه على الرغم من كون الوسواس القهري من الأمراض التي يصعب علاجها بشكل كامل، إلا أن الخضوع لجلسات العلاج المعرفي السلوكي مع تعلم كيفية مواجهة المخاوف والأفكار المسيطرة على العقل، من المؤكد أنها ستقلل كثيرا من أعراض المرض وربما تسيطر عليها بشكل شبه كامل.