صلاة الغائب هي صلاة الجنازة على المسلم الغائب، لكن من هو الغائب؟ وهل هو الشخص الذي غاب عن حضور صلاة جنازته؟ أم هو الذي مات خارج حدود البلد بعيدا عن أهله؟.
أجمع الفقهاء على أن المقصود بالغائب هو من أدركه الموت خارج البلد، والصلاة عليه أمر مشروع، ودليل مشروعية صلاة الغائب أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي (ملك الحبشة كان نصرانيا، ثم هداه الله للإسلام) في اليوم الذي مات فيه، وخرج بالناس إلى المصلى، فصف بهم، وكبر عليه 4 تكبيرات، وقال: “استغفروا لأخيــكم”. [متفق عليه: البخاري1245، ومسلم 951]، وفي رواية عن جابر “قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلموا فصلوا عليه”، فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن صفوف” [متفق عليه: البخاري 1334، ومسلم 952].
ما حكم صلاة الغائب وعلى من تجوز؟
اتفق أئمة الفقهاء على أن الصلاة على الميت فرض كفاية، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك. وبناء عليه فإن صلاة الغائب تجوز على الغائب خارج البلد، سواء كان قريبا أم بعيدا، فيستقبل المصلي القبلة وينوي الصلاة ويكبر للصلاة عليه.
وقال ابن قدامة في المغني 3/446، وقال أيضا الإمام الشافعي: تجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية، فيستقبل القبلة ويصلي عليه كصلاته على حاضر وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن.
ولا تجوز صلاة الغائب على من مات وكان المصلون عليه في مدينة واحدة مهما اتسعت، لأنه لا يوجد مشقة في الحضور إلى محل الصلاة على الميت بخلاف الغائب عن البلد، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على حاضر في البلد إلا بحضرته كما قال الإمام النووي.
ويجوز صلاة الغائب على الأموات الذين دفنوا وغير معروف مكان قبورهم، مثل حالات الحروب، أو الغرق، أو حالات الكوارث الطبيعية من الفيضانات، والزلزال أو الحرائق وغيرها، فيجوز أن يصلى عليهم في البلاد الإسلامية صلاة الغائب لما في ذلك من أثر كبير على نفوس أهل الضحايا ونفوس المصلين.
فضل صلاة الغائب
يستحب أن يشهد المسلم جنازة أخيه المسلم ويصلى عليه، فهي حق من حقوق المسلم، ولصلاة الجنازة فضل وثواب عظيم وقد ورد في ذلك أحاديث منها:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين). [رواه البخاري ومسلم].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط). [رواه البخاري]. وكذلك الأمر في صلاة الغائب لها نفس الثواب بإذن الله تعالى.
شروط صلاة الغائب
يشترط في صلاة الغائب ما يشترط في باقي الصلوات المكتوبة وهي:
الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر.
استقبال القبلة وستر العورة، ولا يشترط فيها الوقت فهي تجوز في أي وقت.
تصلى في جماعة أو فُرَادَى.
كيفية صلاة الغائب
هي صلاة الجنازة مع كون الميت غير حاضر، صلاة لا ركوع فيها ولا سجود.
تبدأ بالنية ومحلها القلب فالتلفظ بها غير مشروع، ثم يقف المصلي ويستقبل القبلة.
يبدأ في التكبير 4 تكبيرات ويرفع اليدين عند أول تكبيرة فقط، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في تكبيرات الجنازة إلا في التكبيرة الأولى فقط.
يضع يده اليمنى على اليسرى.
يبدأ قراءة الفاتحة سرا عقب التكبيرة الأولى (تكبيرة الإحرام).
يكبر التكبيرة الثانية، ويصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يكبر التكبيرة الثالثة ثم الدعاء للميت، ويسن الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يدعو للميت فقال: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار. رواه مسلم.
يكبر التكبيرة الرابعة ويدعو، ويستحب الدعاء كما كان يدعو نبينا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا صلَّى على جنازةٍ يقولُ: اللهمَّ اغفرْ لحيِّنا وميتِنا وشاهدِنا وغائِبنا وصغيرِنا وكبيرِنا وذكرِنا وأنثانا اللهمَّ من أحييتَه منا فأحيهِ على الإسلامِ ومن توفيتَه منا فتوفهُ على الإيمانِ اللهمَّ لا تحرمْنا أجرَه ولا تضلَّنا بعدَه. أخرجه أبو داود، والترمذي بعد حديث (1024)، والنسائي في (السنن الكبرى).
وأخيرا التسليم.