طبقًا لمعظم الباحثين، الجيل زد هو مجموعة الأجيال التالية لجيل الألفية، وتشير الأبحاث إلى أن هذا الجيل هو الأكبر في تاريخ دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشكل نحو 27% من تعداد السكان، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2026، سيشكل أكبر نسبة من السكان المستهلكين في تاريخ أمريكا، متفوقا بشكل واضح على جيل الألفية. فمن هم هؤلاء؟ وكيف يمكننا التعامل معهم؟
أصل تسمية الأجيال
حتى حدود العام 1970 تقريبا، لم تكن للأجيال أسماء لتعريفها، حيث أطلق على كل من ولدوا قبل هذه الفترة لقب “الأجيال الضائعة” من قبل الروائيين. وفي نهاية ذلك العقد، رأى بعض النقاد الثقافيين، أنه من الممكن جمع مجموعة من مواليد فترة معينة بسلة واحدة، لوصفهم وكأنهم شخص واحد.
حقيقة؛ لا توجد أسس أو قواعد لاختيار الاسم الخاص بكل جيل، ويخضع الأمر برمته لتكيُّف الرأي العام مع الاسم الذي يختاره شخص ما ليصف خصائص جيل بعينه. ومن هنا بدأ كل شيء.
الجيل «إكس»
الجيل “إكس” هو مصطلح يشير إلى الفئات التي ولدت ما بين أوائل الستينيات إلى أوائل الثمانينيات. وتمت تسمية الجيل “إكس” على اسم رواية الكندي “دوغلاس كوبلاند”، الذي اقتبس اسم روايته من الأساس من اسم فرقة الموسيقية التي كونها عازف الجيتار “بيلي أيدول” في فترة السبعينيات.
جيل الألفية
الجيل “واي” أو جيل الألفية، هو مصطلح يطلق على الفئات التي ولدت خلال الفترة ما بين 1981 و1996. وبالنسبة لهذا الجيل، لا توجد قصة خلف تسميته بذلك الاسم، سوى أنه الجيل الذي أعقب الجيل “إكس”، بالتالي، يجب أن يسمى بالجيل “واي”.
«الجيل زد»
أما بالنسبة للجيل محل حديثنا؛ “الجيل Z”، كما ذكرنا هم مواليد الفترة ما بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الثالثة. وبنفس المنطق، بما أنهم هم من أعقبوا الجيل واي، تمت تسميتهم بالجيل زد.
ما هي سمات «الجيل زد»؟
طبقًا للموقع الرسمي لمؤسسة “Annie E. Casey” الخيرية المتخصصة في دراسة أنماط وسلوكيات الأطفال الأمريكيين من أجل توفير حياة أفضل لهم، هنالك عدد من السمات الأساسية التي يشترك بها المنتمين للجيل زد.
أكثر قبولًا للآخر
بالنسبة للجيل زد، تضمنت خلفية سنواتهم الأولى أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية، ومن المرجح أن يكونوا قد نشؤوا وسط هياكل أسرية متنوعة ونتيجة لذلك، فإنهم أقل انزعاجًا من الأجيال السابقة بسبب الاختلافات في العرق أو الدين وأكثر قبولا للآخر.
وهو ما ينعكس وفقًا للإحصائيات بشكل واضح، تحديدًا في حالة الولايات المتحدة الأمريكية، فحسب آخر التقديرات، يفترض علماء الديموغرافيا أن الجيل زد سيكون على الأرجح آخر الأجيال التي يغلب عليها بيض البشرة من حيث التعداد.
مواطنون رقميون
اعتبر جيل الألفية أو الجيل واي روادًا لاستخدام التكنولوجيا، حيث غزا الإنترنت العالم أثناء فترة مراهقتهم، أما بالنسبة للجيل زد، فالأمر مختلف تمامًا، فهم مستخدمون أصليون للتكنولوجيا منذ نعومة أظفارهم.
وُلد هدا الجيل في عالم من ذروة الابتكار التكنولوجي، حيث يمكن الوصول إلى المعلومات على الفور، وساعدهم في ذلك انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد في كل مكان.
كان لهذه التطورات التكنولوجية تأثيرات إيجابية وسلبية على الجيل، على الجانب الإيجابي، هناك وفرة من المعلومات في متناول أيديهم، مما يسمح لهم بتوسيع معارفهم والقيام بدور استباقي في تعلمهم، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي هذا التطور لقضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات، بالتالي تفاقم الشعور بالعزلة، واكتساب مهارات اجتماعية متخلفة عن تلك الخاصة بمن سبقوهم.
عقليات مالية براجماتية
العقلية المالية هي سمة أساسية أخرى من سمات الجيل زد، والسبب في ذلك يرجع إلى نشأة العديد منهم وهم يشاهدون والديهم يتلقون ضربات مالية ضخمة خلال فترة، وبعد أن شهدوا معاناة آبائهم فإن هذا الجيل مدفوع بالبراجماتية.
تباينت الضغوط الاقتصادية التي واجهها جيل الألفية، بداية من الضغوط المالية لسوق الإيجار إلى التكاليف الإضافية للأطفال، وبالتالي، أصبح هذا الجيل صغير السن نسبيًا يقدّر الاستقرار، الذي يجلبه الإنفاق المحافظ والوظائف المتعددة والاستثمارات الذكية.
مشاكل نفسية
تعد تحديات الصحة العقلية من السمات المحزنة للجيل زد، حيث يشار إليه من البعض على أنه “الجيل الأكثر وحدة”، بسبب ساعاتهم اللامتناهية التي يقضونها على الإنترنت والتي يمكن لها أن تعزز مشاعر العزلة والاكتئاب.
قضاء المزيد من الوقت على الهواتف الذكية، يعني قضاء وقت أقل في تكوين علاقات هادفة، بالإضافة إلى ذلك، يقع العديد من الشباب فريسة “المقارنة واليأس” التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي لهم على طبق من فضة.
مستهلكون بلا قرار
كمستهلكين، يعكس سلوك الجيل زد قيمهم، وتأثير العالم الرقمي المتزايد عليهم؛ يمكن لأطفال هذا الجيل الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي الواسعة والدهاء التكنولوجي لاتخاذ قرارات الشراء، بالتالي تقودهم البراجماتية إلى استكشاف وتقييم مجموعة من الخيارات قبل الاستقرار على المنتج.
بنفس الطريقة التي يستخدم بها هذا الجيل وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لرعاية علامتهم التجارية الشخصية، فإنهم ينظرون أيضًا إلى قرارات الشراء الخاصة بهم كتعبير عن قيمهم وهويتهم، وكمثال على ذلك، فإنهم ينجذبون إلى المنتجات والعلامات التجارية المستدامة، وغالبًا ما يكونون على استعداد لدفع المزيد مقابل هذه المنتجات، كما أنهم يقدرون المنتجات الشخصية، وينجذبون إلى العلامات التجارية التي تشارك وجهات نظرهم حول القضايا السياسية.
ناضجون سياسيًا
يتميز هذا الجيل بأنه أكثر الأجيال نضجًا فيما يتعلق بالسياسة، ويرجع ذلك بالأساس إلى وفرة المعلومات لديهم بسن صغير، على عكس معظم الأجيال السابقة. ويتضح ذلك من خلال مواقفهم تجاه بعض القضايا الشائكة مثل التعامل مع الأقليات وتفهمهم لدور الحكومات في التعامل مع القضايا الشائكة.
كيفية التعامل مع الجيل زد في بيئة العمل
بالوقت الحالي، ربما أصبح المنتمون للجيل زد شبابًا، اقتحموا بدورهم سوق العمل، وبالنظر للتغيرات الواضحة بين سماتهم وسمات الأجيال السابقة، ينبغي على رواد الأعمال تفهُّم هذه السمات، والعمل على تطويعها لخدمة بيئة العمل.
طبقًا، للدكتورة كولين بيتشيلدر، المختصة بتقديم الاستشارات لرواد الأعمال، هنالك نصائح ذهبية يجب أن يضعها أرباب الأعمال بعين الاعتبار عند التعامل مع هذا الجيل.
الإنترنت مثل القهوة
منذ الطفولة، كان لديهم هواتف ذكية، بالتالي فهم يتوقعون الاتصال بالإنترنت بسرعة وفي كل مكان يذهبون إليه، وهذا يعني أنه لضمان إنتاجية عالية من هذه الفئة، فأنت بحاجة إلى اتصال جيد بالإنترنت.
ولاستثمار ناجح في فريق من الجيل زد، يجب تقليل الاجتماعات غير الضرورية، لأنهم ليسوا بحاجة لحضورها، وإن كان الأمر شديد الأهمية، يمكنهم حضور الاجتماعات عبر أي من التطبيقات الذكية التي تكفل الاتصال المباشر عبر الفيديو.
المرونة
تتمحور قيم هذا الجيل الجديد حول مفهوم الحرية، بالتالي يتوجب على صاحب العمل أو المدير توفير بيئة عمل مرنة، تسمح للموظف اختيار عدد الساعات التي يريد أن يقضيها في مقابل مبلغ من المال.
وهذا يتعارض كليًا مع الصورة الذهنية التي نملكها عن الموظف في العموم؛ حيث يقضي عددًا ثابتًا من ساعات العمل داخل المقر، حتى وإن كانت بلا عائد حقيقي على الإنتاج.
أن تكون متاحًا
من الضروري أن تجعل وجودك معروفًا وأن تُظهر أنك متاح لموظفيك من الجيل زد، لأنهم يطمحون في الوصول الكامل، والتواصل الشخصي يقدم لهم ذلك.
الإجابة على الأسئلة
يتميز هذا الجيل برغبته في مشاركة آرائه، بالتالي حتى تقود فريق عمل مكونا من هذه الفئة، عليك أن تمنحهم مساحة مناسبة للتحدث وتقديم وجهات نظرهم، مع الاحتفاظ بحق الموافقة أو الرفض بالطبع.
الاستقرار
نشأ الجيل زد في واحدة من أكثر الفترات الاقتصادية فوضى، لذلك، فهم يبحثون عن الاستقرار والمساحات للتعبير عن آرائهم، بالتالي، إذا كنت ترغب في اكتساب ثقة وإنتاج هذه الفئة، قم بتطوير بيئة آمنة حيث يمكن لجميع موظفيك طرح الأفكار دون خوف من الإقالة.
المكافأة الفورية
لا يحبذ أبناء هذا الجيل الانتظار طويلًا، ربما لأنهم اعتادوا على تلبية احتياجاتهم بضغطة زر، بنفس المنطق، ينبغي على المدير تقديم ملاحظاته على عملهم بشكل فوري، ومكافأتهم إن أجادوا سريعًا، على عكس جيل الألفية الذي نشأ على مفهوم المراجعات السنوية لسير العمل.
ختامًا، لا يزال الجيل زد محل دراسة، بحثًا عن التعرف على المزيد من الأنماط السلوكية والفكرية الخاصة بهم، والتي يمكن بتفهمها الاستفادة القصوى من مميزاته، وتجنب سلبياته قدر الإمكان.