لم يصله خبر وفاة زوجته إلا متأخرا، فعاد لبلاده بعد دفنها بأيام، هكذا كانت الفاجعة التي عاشها المخترع الشهير والرسام المبدع، صامويل مورس، والتي أدت إلى ظهور ابتكاره الأعظم، والمتمثل في التلغراف.
المبتكر الفنان
ولد صامويل مورس، في ولاية ماساتشوستس الأمريكية في عام 1791، حيث درس في شبابه الرسم في لندن، لتصبح هوايته هي مهنته لاحقا، قبل زواجه من حبيبته سوزان، وإنجابه 3 أطفال.
اعتاد صامويل السفر في رحلات عمل، يقوم خلالها برسم لوحات رائجة، إلا أن إحدى تلك الرحلات كانت كفيلة بتغيير مصيره للأبد، حيث أدرك خلالها أن زوجته تعاني من مرض شديد، لذا شد الرحال سريعا إلى الوطن تاركا أعماله، ليفاجأ مع وصوله بخبر وفاة زوجته، التي دفنت خلال أيام طويلة استغرقتها رحلة العودة.
انتابت صامويل حالة من الحزن الشديد، ليس فقط لفراق زوجته، بل لعدم قدرته على حضور مراسم دفنها، الأمر الذي حدث من الأساس بسبب الوصول المتأخر لخبر مرضها إليه، لذا بدأت ملامح فكرة مختلفة تطرأ على بال صامويل، أملا في ألا تتكرر مأساته مع أشخاص آخرين.
اختراع التلغراف
فكر صامويل في طريقة لوصول الرسائل بشكل أسرع عبر المسافات الطويلة، ما ناقشه مع العالم والطبيب الشهير، تشارلز توماس جاكسون، خلال رحلة إلى إنجلترا، حيث تزود خلالها صامويل بمعلومات وخبرات تشارلز عن خصائص وميكانيكا الكهرومغناطيسية، فيما استفاد كثيرا بالمعلومة الخاصة بقدرة الكهرباء على السفر لمسافات بعيدة عبر الأسلاك النحاسية، ليبتكر جهازا قادرا على إتمام تلك المهمة، تمثل في تصميم أولي مذهل للتلغراف.
ساهمت محاولة صامويل الملهمة، في ظهور التلغراف في أشكاله المتقدمة بعد سنوات، والفضل يعود إلى ما أطلق عليها رموز مورس، وهي الأشكال التي ساعدت في وصول الرسائل بشكل أكثر سرعة ودقة رغم بعد المسافات.
قدم صامويل ابتكاره المذهل للعالم في عام 1838، إلا أن العام 1843 هو ما شهد حصول المخترع والفنان على قيمة مالية تبلغ 30 ألف دولار، من جانب الكونجرس الأمريكي، من أجل بناء خط تلغراف يصل بين مدينة واشنطن ومدينة بالتيمور، الأمر الذي تكلل بالنجاح لتتوالى إنجازات صامويل مورس في مجال الاتصال، ويتحقق حلم الزوج المكلوم بعد سنوات من خسارة زوجته دون وداع.